في أقوى رد ل «القاعدة» على عمليات الجيش الأخيرة ضد التنظيم، قتل 12 جندياً على الأقل وأصيب 14 آخرون في هجوم انتحاري أمس عبر سيارة مفخخة استهدفت مقر الشرطة العسكرية في مدينة المكلا كبرى مدن حضرموت (شرق)، وذلك بعد أن تمكّنت قوات الجيش من السيطرة على معاقل التنظيم الحصينة في أبين وشبوة خلال الأسبوعين الأخيرين، ما أدى إلى قتل العشرات من قادته المحليين والأجانب وانسحاب العناصر المتبقية. وجاء الهجوم بعد ساعات من هجوم آخر، وقع نحو الثالثة قبيل فجر أمس، تمثل في اشتباك دورية أمنية عند دوار المصباحي قرب القصر الرئاسي في العاصمة مع مسلحين من «القاعدة» أسفر عن قتل ثلاثة منهم، فيما تشهد البلاد استنفاراً أمنياً واسعاً في ظل المخاوف من هجمات انتقامية مشابهة، ووسط انقطاع متواصل للتيار الكهربائي في غالبية المدن تصاحبه أزمة حادة في المشتقات النفطية. وأفادت مصادر أمنية في مدينة المكلا ل «الحياة» بأن انتحارياً من «القاعدة» فجر سيارة مفخخة في بوابة معسكر الشرطة العسكرية، في منطقة جول مسحة، وأعقب التفجير تبادل لإطلاق النار بين حراس المعسكر ومسلحين ما أدى إلى قتل 12 جندياً على الأقل وإصابة 14 آخرين. وهرعت سيارات الإسعاف إلى المكان الذي طوقته تعزيزات عسكرية مستعيدة السيطرة على الموقف في ظل انتشار للأمن في شوارع المدينة. وأكدت السلطات «مقتل وإصابة المئات من عناصر التنظيم خلال عمليات الجيش، بينهم العشرات من قادته الأجانب... بينهم الإرهابي يحيى بارويس والإرهابي أبو محمد الحضرمي، وإصابة الإرهابي سعيد باوزير المكنى بأبو فاطمة، في محافظة حضرموت». وأضافت أن «عدداً من المواقع وأماكن تجمع هذه العناصر الضالة في مديريات شبوة والمحفد بأبين قد أزيلت من الوجود كما تم تطهير تلك المناطق والسيطرة على الكثير من الأسلحة والمعدات والمعامل التي كانت تستخدم لصنع المتفجرات وإعداد السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة». وفيما كشفت المصادر عن «فرار العديد من العناصر الضالة» في اتجاهات عدة من مناطق المواجهة، كانت السلطات أعلنت أول من أمس ضبط كميات كبيرة من الأسلحة والمتفجرات في مأرب يعتقد أنها تابعة للتنظيم وسط مخاوف من قيامه بإعادة انتشار عناصره في مناطق جديدة. في السياق نفسه حذرت اللجنة الأمنية العليا في بيان لها المواطنين» من شراء أي أسلحة أو معدات أو آليات من العناصر الإرهابية التابعة لتنظيم «القاعدة». وشدد وزير الدفاع محمد ناصر أحمد خلال تفقده أمس في صنعاء وحدات القوات الخاصة ومكافحة الإرهاب على ضرورة بقاء وحدات الجيش «في جاهزية قتالية وفنية ويقظة عالية للاضطلاع بالمهمات النوعية في تعقب وملاحقة بقايا العناصر الإرهابية أينما وجدت»، متعهداً أن يظل الجيش بعيداً من الصراع السياسي. وفي الرياض، كشف القائم بأعمال السفارة اليمنية لدى السعودية السفير محمد عبدالعزيز، إن «إيران تدير بعض القضايا الأمنية في بلاده، وأن تلك الأعمال موجهة ضد السعودية»، مشيراً إلى أن «اليمن يدافع عن السعودية في هذا الأمر، ولذلك فهو يدفع الثمن». وأكد السفير عبدالعزيز ل«الحياة» أمس، أنه لا يخفى على أحد «التدخل الإيراني الموجود في البلاد»، لافتاً إلى أن «طهران تدير قضايا أمنية عدة في اليمن». وحول مسألة ضبط الحدود مع السعودية، قال: «التهريب موجود، وأينما يكون هناك منافذ، تكون هناك سهولة للتهريب، وكثير من السعوديين الذين يعبرون إلى اليمن يتحركون إلى دول أخرى»، مضيفاً: «من الصعب جداً ضبط الحدود، بخاصة عندما تكون مساحتها 2500 كيلومتر، وأميركا لم تستطع ضبط حدودها مع المكسيك، على رغم ما تملكه من عتاد». وشدد على أن بلاده ستواصل حربها على الإرهاب، وقال: «سنواصل تحقيق النجاحات التي حققتها القوات المسلحة على التنظيمات الإرهابية خلال الفترة الماضية، والدولة اتخذت قراراً بعدم التساهل مع من سفك الدماء، لأن هذه القضايا أفقدت اليمن سمعة البلاد والاقتصاد، وأفقدته الاستقرار». وفي شأن أعداد السعوديين الذين تلاحقهم أجهزة أمن بلاده، قال: «لدينا قوائم بأعداد المطلوبين، وتضم عدداً من السعوديين وغيرهم من الجنسيات». وفي ما يتعلق بإعلان وزارة الداخلية السعودية عن تفكيك خلية مرتبطة بتنظيم «داعش» تضم يمنيين، قال السفير عبدالعزيز: «نحن سنتابع أوضاع اليمنيين بعد انتهاء التحقيقات معهم».