رب ضارة نافعة. قد يكون ذلك حال الدولي الفرنسي سمير نصري. فالفتى الذي أُبعد من منتخب «الديكة» في عهد ريمون دومينيك في مونديال جنوب أفريقيا، يجد نفسه اليوم في قمة تألقه، وصاحب الفضل الأكبر في الوهج الذي يتمتع به أرسنال ب«البريمييرليغ». لم يكلّ «فتى» المدفعجية ولم يمل، قاوم النسيان والتهميش، فعاد كما كان من قبل وزيادة بحيوية ونشاط وتألق غير مسبوق. والمحصلة بات «محرك» المدفعجية وقلبها النابض، متجاوزاً بذلك نجمها الأول الإسباني فابريغاس، وجميع الفرنسيين المنتشرين في البطولات الأوروبية الكبيرة، حتى إن باتريك فييرا عده «أفضل لاعب في الدوري الإنكليزي حالياً»، وفرانس فوتبول تختاره «أفضل لاعب فرنسي لموسم 2010». بينما تأتيه أكبر إشادة من مدربه الحالي بالمدفعجية أرسن فينغر، الذي يرى فيه «الشبه» للنجم العالمي السابق زين الدين زيدان. إعجاب فينغر وإشادته بنجم الأرسنال وتشبيهه بزيزو له ما يبرره. فهو يأتي بعد أسابيع من التألق غير المسبوق والأداء المميز، على أن هذه الإشادة تأتي من مدرب مقتدر يشهد له الجميع بالكفاءة العالية والمهنية المميزة، وليس مجرد ورورد إعجاب يوزّعها مدرب على لاعبه. فكم من لاعب تم تشبيهه بنجم الديكة الأسبق مثل يوهان غوركوف والفرنكوجزائريين مراد مغني وكمال مريم، لكنهم سرعان ما خفت بريقهم وسقطوا من «السحاب»، فاقدين حتى مستواهم العادي، فما بالك بالتشبه بزيدان. لكن فينغر يصر على أن نصري صاحب ال 23 سنة ونيف يحمل بعض ملامح «صاحب النطحة الشهيرة. بعد مضي الشطر الأول من الموسم الحالي في الدوري الإنكليزي، أبهر نصري المتتبعين بتميز أدائه وتألقه في صناعة اللعب لفريقه، حتى بات نجمه الأول بلا منازع، مستفيداً في ذلك من غياب صانع الألعاب الإسباني سيسك فابريغاس. ليس ذلك فحسب، بل إن تألقه قاده إلى إحراز أهداف مهمة وحاسمة، وهي المهمة التي تولاها بنجاح في تسع مناسبات من أصل 19 مباراة خاضها بالبريمييرليغ، الأمر الذي دفع بمدربه المخضرم فينغر إلى تأكيد إعجابه به وبمستواه الذي يكاد يشابه زيدان. ويتابع موضحاً: «لكن زيدان لاعب مختلف تماماً. زيدان كان أكثر من ذلك، كان لاعباً يصنع الفرص بفضل مهارته العالية، بينما يحب نصري أن يذهب مباشرة للهدف. إنه اللاعب الذي يحب الجري بالكرة». في المقابل، لا يختلف كثيراً الدولي السابق باتريك فييرا لاعب مانشستر سيتي الإنكليزي عن فينغر في تنوييه بمستوى نجم مرسيليا السابق، مؤكداً أن «نصري يعد في الوقت الراهن أفضل لاعب بالدوري الإنكليزي. إنه يحمل على ظهره وحده فريق أرسنال في غياب فابريغاس». وأضاف: «إنه المفاجأة الجميلة للبريمييرليغ حالياً. لقد كان دوماً فعالاً. إنه يفعل كل شيء. تمريرات حاسمة، يراوغ ويحرز الأهداف وجميع الكرات تمر عليه»، وتابع: «بصراحة تفاجأت بعودته السريعة إلى هذا المستوى الرائع. إنه مهم لأرسنال مثل فابريغاس». وربما ذلك ما جعل أسهمه ترتفع عالياً في استفتاء فرانس فوتبول، اذ توجته أفضل لاعب فرنسي للعام 2010، على رغم عدم مشاركته بالمونديال الافريقي التي قد تكون «الضارة النافعة» على حد تأكيد المختصين. وعلى رغم وزن هذه الكلمات والتتويج، إلا أن الفرنكوجزائري لا يبدو أنه سيفتح قلبه للغرور ليتسلل إليه كما فعل الكثير من اللاعبين. وديدنه في الوقت الراهن مواصلة التألق وتحقيق الانتصار تلو الانتصار وفي جميع المسابقات. وهو ما يؤكده بقوله: «نريد تحقيق الفوز بكل مباراة وكل مسابقة. وأعتقد أن كأس انكلترا مسابقة مهمة في نظرنا ولا تختلف عن المسابقات الأخرى»، الأمر الذي يشاطره فيه زميله بالمدفعجية فابريغاس، عندما أكد: «نريد الذهاب بعيداً في كل مسابقة».