قال السفير التركي لدى الولاياتالمتحدة إن على السلطات الأميركية البحث في أي اتصالات تم اعتراضها لفتح الله غولن للحصول على أدلة تدعم اتهام تركيا لرجل الدين المقيم في الولاياتالمتحدة بأنه دبر محاولة انقلاب العام الماضي. وعبر السفير سردار كيليج في مقابلة أمس (الجمعة) بعد مرور عام على محاولة الانقلاب، عن خيبة أمله إزاء الرد الأميركي على طلب تسليم غولن لتركيا، وحض واشنطن على استخدام قدراتها على جمع المعلومات للمساعدة في إثبات الاتهامات التي توجهها أنقرة ضده. وقال في مقر السفارة التركية: «عليهم مساعدتنا في هذا الصدد. ليس لدينا جهاز استخبارات وطنية في الولاياتالمتحدة». وفي مؤتمر صحافي بعد المقابلة، قال كيليج إن إدارة الرئيس دونالد ترامب تتعامل مع طلب تركيا تسليم غولن «بجدية أكبر» من باراك أوباما سلف ترامب، لكنه لم يخض في تفاصيل. وذكر أن الولاياتالمتحدة لم تعط أي إشارة عن متى ستقرر ما ستفعله مع غولن الذي ينفي تورطه في محاولة الانقلاب في 15 تموز (يوليو) 2016. واستشهد كيليج باعترافات بعض المتآمرين المزعومين في محاولة الانقلاب وزيارات قال إنهم قاموا بها لغولن في بنسلفانيا قبل أيام من الانقلاب الفاشل، دليلاً على أن رجل الدين البالغ من العمر 79 عاماً كان وراء الانقلاب الذي قتل فيه ما يربو على 240 شخصاً. لكنه أقر بأن العثور على أدلة ملموسة أكثر على التورط المباشر لغولن الذي يعيش في منفى اختياري منذ العام 1999، لا يزال بعيد المنال. وقال كيليج «إذا كنت تطلب تعليمات مكتوبة من فتح الله غولن لأعضاء منظمة فتح الله غولن الإرهابية في الجيش فإن ذلك سيكون طلباً دون جدوى»، مضيفاً أن التخطيط تم سراً. وقال المستشار الإعلامي لغولن ألب أصلان دوغان إن رجل الدين لا يملك هاتفاً محمولاً وإن الهاتف الأرضي في المجمع الذي يعيش فيه يرد عليه العاملون وإنه لا يستخدم البريد الإلكتروني، ما يشير إلى أن أي محاولة للتفتيش في اتصالات غولن قد لا تحقق شيئاً يذكر. وأضاف أنه لا يرى أي مؤشرات على أن إدارة ترامب تعطي قضية تسليم غولن أولوية أكبر. وقال دوغان إن اعترافات مدبري الانقلاب التي تشير بأصابع الاتهام إلى غولن تعد محل شك، نظراً لوجود اتهامات بأن شهادتهم «تم الحصول عليها بالإكراه وفي بعض الأحيان تحت التعذيب». ونفت أنقرة مراراً الاتهامات، وتقول إن هناك حاجة إلى موقف أمني قوي للتصدي للأخطار التي تواجهها أيضاً بسبب المسلحين الأكراد فضلاً عن الحرب في سورية والعراق. وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال في أيار (مايو) الماضي إنه سيسعى إلى «إنهاء» عملية تسليم غولن وشن حملة على أتباعه بعد محاولة الانقلاب. وقال كيليج للصحافيين أمس إن المسؤولين الأميركيين طلبوا مزيداً من الأدلة بالإضافة إلى 84 صندوقاً من الوثائق قدمت بالفعل، مشيراً إلى أن تركيا تعمل على الاستجابة. وأضاف أن تركيا في الوقت نفسه تريد من الولاياتالمتحدة أن تقيد حرية حركة غولن. وقال دوغان إن الدعوة إلى فرض مثل هذه القيود على غولن تأتي في إطار «حملة مضايقات» تقوم بها الحكومة التركية. وبدت آفاق تسليم الولاياتالمتحدة لغولن قاتمة في شباط (فبراير) الماضي عندما استقال مستشار ترامب السابق للأمن القومي مايكل فلين بسبب عدم كشفه عن اتصالاته مع روسيا. وقال كيليج إنه اجتمع مع فلين الذي كان يتحدث علانية عن تأييده لتسليم غولن مرتين، ووصفه بأنه مثالي وتمنى لو أن فلين لا يزال يشغل منصبه. وفصلت تركيا أو أوقفت عن العمل أكثر من 150 ألف شخص منذ محاولة الانقلاب، واعتقلت 50 ألفاً من الجيش والشرطة وقطاعات أخرى. وعزلت أنقرة أمس أكثر من سبعة آلاف شرطي وموظف وأكاديمي في مرسوم عشية الذكرى السنوية الأولى لمحاولة الانقلاب. وتضمن المرسوم فصل 2303 من أفراد الشرطة بعضهم ضباط كبار، فضلاً عن 302 أكاديمي من جامعات متعددة في أنحاء البلاد. وجرد المرسوم أيضاً 342 ضابطاً وجندياً متقاعدين من رتبهم. في شأن آخر، رفضت تركيا السماح لنواب ألمان بزيارة جنود يخدمون في قاعدة جوية قرب مدينة قونية، في تصعيد جديد للتوتر بين البلدين العضوين في «حلف شمال الأطلسي» (ناتو). وقال مسؤول في وزارة الخارجية الألمانية أمس: «نأسف لطلب تركيا إرجاء زيارة وفد برلماني. نجري محادثات مكثفة مع جميع الأطراف بما فيها حلف شمال الأطلسي لتحديد موعد جديد في أسرع وقت ممكن». وقال الناطق باسم شؤون الدفاع في «الحزب الديموقراطي الاشتراكي» في ألمانيا راينر أرنولد، وهو الشريك الأصغر في الائتلاف الحاكم، إن السلطات التركية سمحت في أيار (مايو) الماضي بزيارة المشرعين للجنود في قونية لكنها ألغت التصريح لاحقاً مع تزايد التوتر بين البلدين. وتسبب رفض تركي سابق لزيارة نواب ألمان لجنود بلادهم في قاعدة «إنجيرليك» الجوية في نقل برلين لتلك القوات إلى الأردن.