انقضى أربعاء جديد من «أربعاءات» جدة الكارثية، ولما تنقض بعد مأساة السكان مع الأمطار والسيول، حتى أصبح حال الناس بين محتجز علقت سيارته في متاهات الشوارع، أو مهدد بالغرق داخل بيته، أو تاركُ لسيارته في مستنقعات المياه مولياً لا يلوي على شيء. أهل جدة وفي كثير من أحيائها الشرقية المنكوبة لم يجدوا مأمناً من المياه سوى أسطح المنازل يطلقون منها في الأرجاء نداءات الاستغاثة والنجدة، لعل أحداً يستمع إلى أصواتهم التي بحتها نداءات سابقة بمعالجة الوضع وإنقاذ الحي، فيما أدى طول الانتظار أو تعطل السيارات إلى المغادرة سباحةً إذ تساعد الكميات الهائلة من المياه على إحراز أرقام قياسية في السباحة والغطس. وفي حي السامر حيث الغرق والاحتجازات، تسكن خلود عبدالله التي تشير إلى أنها رأت طائرة الدفاع المدني تدور في حيهم مرات عدة بعد منتصف الليل، بعد توجه كثير من السكان إلى الأسطح والطوابق العلوية نظراً إلى وصول المياه إلى مستويات مرتفعة جداً لا يستطيعون معها فتح الأبواب. وتذكر أم فهد وهي أيضاً من سكان السامر أن أحد جيرانهم في الحي أستأجر قوارب بمبالغ تجاوزت خمسة آلاف ريال لإخراجهم إلى مكان آمن. أما أميرة عسيري فأوضحت أن والدها عاد إلى منزلهم في وقت متأخر يغشاه الرعب مما شاهده من الزحام، وخوف الناس من الغرق، فيما تقول سمية محمد الطالبة في كلية التمريض التابعة للحرس الوطني إنها ظلت وزميلاتها حبيسات لغرف ساحات الكلية حتى ساعات الغروب، «حتى حضر شقيق إحدى زميلاتي لإيصالنا إلى المنازل، فعلقت سيارته في السيول، فقرر بعد طول انتظار تركها، وخرج لاجئاً إلى أسطح أحد المنازل، ثم اتجه إلى الكلية سباحة. وأوضح المواطن محمد الزبيدي أنه ظل محتجزاُ عند مركز محمود سعيد بجوار المطار القديم منذ الساعة ال11 من صباح الأربعاء وحتى الواحدة من منتصف الليل ( أكثر من 13 ساعة) ، مشيراً إلى أن المياه اخترقت سيارته على رغم ارتفاعها نظراًُ إلى ارتفاع منسوبها.