دافع رئيس تحرير صحيفة «الرياض» تركي السديري عن النخلة في مقابل هجوم الكاتب «العكاظي» عبدالله ابو السمح ومطالبته باقتلاعها واستبدالها بزراعات اقل استهلاكاً للمياه. السديري أوضح في مقالته «براءة النخلة» التي نشرت الاثنين الماضي، انها الاسهل رعاية واستهلاكاً، والأجزل انتاجاً، واستشهد بدورها التاريخي في اطعام عرب الجزيرة منذ ما يزيد على 500 عام ولا تزال. وبدوره طالب وزير الزراعة فهد بالغنيم بعدم التوسع في زراعة النخيل خلال زيارته للأحساء (موطن النخلة)، واعتبر بحسب خبر صحيفة «الوطن» بداية الشهر ان «ذلك هو الحل لإنقاذ تدهور أسعار التمور الذي تشهده المملكة، وأن تكون هناك استراتيجية واضحة بين الوزارة والمزارعين ليكون الإنتاج على قدر الحاجة». وليس هذا هو الهجوم الاعلامي الأول على النخلة، فقد بدأت شرارة الهجوم الأولى قبل سبع سنوات تقريباً، حينما طالب أستاذ الزراعة في جامعة الملك فيصل الدكتور عبدالرحمن الحبيب بالتوقف عن زراعة النخيل، موضحاً ان استهلاك النخلة من المياه يقدر ب180 متراً مكعباً في العام، وهي كمية كافية لزرع 4 الى 5 من أشجار الحمضيات بدل النخلة الواحدة، وان كان هو التصريح الأول لوزير الزراعة بشأن الاقلال من زراعة النخيل. ولأنه قدر لي العيش ثلاث سنوات في أميركا، ومثلها حالياً في بريطانيا، فقد كتبت من هناك ومن هنا تقارير صحافية عن التمور السعودية في هاتين السوقين. وبحسب لقاءاتي وحديثي مع كثير من موردي التمور فإنهم يشتكون من سوء تعامل التجار السعوديين، وتأخر ارسالهم للتمور الى هذه الاسواق، وعدم تنظيم او عدم وجود جهة موحدة في المملكة يتم التفاهم معها لتتولى البيع والتخزين والنقل لهذه الاسواق، والنتيجة هي سيطرة التمور التونسية والاماراتية والاسرائيلية على هذه الأسواق، على رغم ان الأخيرتين يعتمدان على اعادة التصدير وليس على انتاجهما الفعلي، وهو ما يحز في النفس لغياب تمورنا ونحن المنتج الاكبر والافضل في هذا المجال. ان تصدير التمور السعودية يجب ان يعاد النظر فيه بأسرع وقت، واعادة تركيزه باتجاه اميركا واوروبا، فهاتان السوقان تضمان ملايين المسلمين ذوي القدرة الشرائية المرتفعة، اضافة الى ما يضمانه من جاليات ووفود وزوار مسلمين على مدار العام. وهذه الشرائح تبحث عن تمور السعودية قبل رمضان خصوصاً، ولكنهم يعودون بتمور غير سعودية وهو ما يؤكد ضعف وكساح وزارة الزراعة ومركز تنمية الصادرات على عمل شيء مفيد لسلعة نملك في انتاجها كل المزايا المطلقة والنسبية. ولأننا حالياً نعيش في وفر مادي كبير، فلعله الوقت الأنسب لدعم تصدير التمور بما لا يقل عن بليون ريال سنوياً لإيصال التمور السعودية الى كل بلاد اوروبا واميركا وإغراق هاتين السوقين الكبيرتين وبيع التمور بأسعار ضئيلة واقل من الكلفة، والهدف في البداية هو الوصول الى الشريحة المستهدفة، وخلق سوق كبيرة لتمورنا لتكون في متناول الجميع وبأسعار تشجيعية مناسبة لثلاث او خمس سنوات على الاقل، على ان يبدأ بعدها البيع بأسعار الكلفة والسوق. ان الآخرين يصدرون لنا «الكيوي» و«الكمثرى» و «الجريب فروت» وغيرها، وقد خلقوا لهم سوقاً كبيرة في ارضنا، ولسلع لم نكن نعرفها، وحينما عرفناها صرنا نشتريها دوماً، ولا تغيب عن موائدنا، فما بالنا لا نصدر سلعتنا الأهم الى مستهلك يعرفها ويبحث عنها، ومستعد للدفع مقابلها، ولكنها لا تصل اليه. ان التمور هي سلعتنا الاستراتيجية بعد النفط، وان كان هناك شكاوى اغراق ضد المنتجات البتروكيماوية، فلن يكون هناك شكاوى اغراق ضد التمور لأنه ببساطة لا احد ينتجها غيرنا، مع استثناءات بسيطة هنا وهناك. وبدلاً من الهجوم على النخلة، والمطالب بتقليل زراعتها والتذمر من انخفاض اسعار منتجاتها، نحتاج الى خطة وجهد وطنيين لجعلها سلعة تدر عملة صعبة، والنخلة بطبعها كريمة، ومثلما اطعمت الافواه الجائعة بإمكانها ان تملأ الجيوب الخاوية اذا عرفنا كيف نسوقها ونعرضها لمستهلك يبحث عن انتاجها ولا يجده حالياً.