رسم الرئيس الأميركي باراك أوباما الخطوط العريضة لنهجه السياسي الوسطي، في خطابه عن «حال الاتحاد»، مستعيداً اجواء «الحرب الباردة» في تعبئة الرأي العام في الولاياتالمتحدة لتسويق خططه الاقتصادية التي لم يتطرق اليها بالتفصيل، ما حدا بمعلقين الى اعتبار خطابه «سطحياً»، لكنه في أي حال بدا مؤشراً الى اطلاقه مبكراً حملته للانتخابات الرئاسية المقبلة. وفي مقابل انتقال البيت الأبيض الى موقع الوسط في السياسة الداخلية، ابتعد اوباما في خطابه عن سياسات مثيرة للجدل بين الحزبين، مثل عملية السلام والعلاقة مع اسرائيل، واكتفى بالعموميات واعتبر الاستفتاء في السودان «نجاحاً» للإدارة، مؤكداً أن ايران تخضع حالياً لضغوط اقتصادية كبيرة من المجتمع الدولي، كما حضّر الأميركيين الى أيام صعبة في أفغانستان. وغداة القائه الخطاب السنوي، توجه أوباما أمس، الى ولاية ويسكونسن الحاسمة انتخابياً للبناء على الزخم الذي حمله الخطاب وتسويق السياسات الاقتصادية فيه وتحديداً خلق الوظائف وخفض نسبة العجز والعمل مع الجمهوريين لاستكمال التعافي الاقتصادي. غير أن صحفاً أميركية بارزة، اشارت الى التزام اوباما ب «العموميات» وابتعاده عن شرح تفاصيل نهجه الاقتصادي، الأمر الذي دفع ب»واشنطن بوست» الى اعتبار الخطاب «مخيباً للآمال»، فيما وصفه معلقون مثل بول كروغمان بأنه «سطحي» ويفتقد التصور الواضح للمسار الاقتصادي وهو الأولوية اليوم لدى الناخب الأميركي. في المقابل، اعتبر معلقون آخرون ان الرئيس الأميركي نجح في «استعادة نبرة الحرب الباردة في القضايا الداخلية»، ومن خلال حض الأميركيين على بذل طاقاتهم لمنافسة الهند والصين اقتصادياً بدل التلهي بالانقسامات الحزبية. وكان جلياً في خطاب الرئيس الأميركي براغماتيته السياسية في مخاطبة الجمهوريين وتغيير نبرته بالتشديد على التعاون مع الأكثرية الجديدة في الكونغرس، معترفاً بأن «لا تشريعات جديدة من دون تأييد الحزبين». وسعى اوباما من خلال هذه اللهجة الى تعزيز تقدمه في الاستطلاعات التي عكست أخيراً فوزه بتأييد اكثر من 50 في المئة من الأميركيين . كما حاول وضع تصور لأفق المعارك الاشتراعية في الكونغرس، والتي ستبدأ في موضوع الموازنة المرتقب تقديمها للمشرعين، ومعدلات الصرف ونقاط خفض العجز. وفي الشأن الخارجي، وعد اوباما بمواصلة «نهج الانخراط»، معتبراً «أن ما من جدار يفصل الشرق عن الغرب»، وشدد على أهمية حلف الشمال الأطلسي والتعاون الدفاعي مع روسيا. وبالنسبة الى الشرق الأوسط، تفادى الرئيس الأميركي الخوض في عملية السلام وكونها مسألة خلافية بين الحزبين ولم تحرز الإدارة تقدماً ملموساً فيها العام الماضي، لكنه تطرق الى «نجاحات» للإدارة في المنطقة، بينها استفتاء جنوب السودان وزيادة العقوبات على ايران. كما عبر أوباما عن دعمه لتونس وقال أن «الولاياتالمتحدة تقف مع الشعب التونسي وتدعم طموحاته الديموقراطية». وتعهد اوباما انهاء الحرب في العراق وتثبيت الشراكة مع العراقيين، وفي المقابل أشار الى أن قوات التحالف سيطرت على بعض معاقل «طالبان» في أفغانستان وحضرت لمرحلة من « القتال الصعب» في تلك الجبهة. كما اشار الى ان باكستان «تعاني ضغوطاً أكثر من أي وقت مضى لملاحقة المتطرفين الذين انحسرت ملاذاتهم الآمنة هناك»، مؤكداً أن هذه الجهود تساعد في حشر تنظيم «القاعدة» في مناطق أخرى. وكان لافتاً الرد الجمهوري على الخطاب، والذي عكس انقسامات داخلية في هذا الحزب. فمن جهة أدلى النائب بول ريان بالرد الرسمي للحزب، فيما توجهت النائبة ميشال باكمان برد منفصل لحركة «حزب الشاي» الأميركية. وركز الجمهوريون على غياب التفاصيل الاقتصادية عن خطاب أوباما وخصوصاً ما يتعلق بسبل خفض العجز المالي.