أكد مستشار في رئاسة إقليم كردستان البدء بأولى الخطوات لتنظيم استفتاء عام على الانفصال عن العراق في موعده من دون تأجيل، على رغم المواقف الدولية المتحفظة، مشيراً إلى تحديد «فترة مرنة لكن غير مفتوحة» بعد صدور النتائج للتفاوض مع بغداد بغية الخروج «باستقلال مريح». وقال المستشار الإعلامي في مكتب رئيس الإقليم كفاح محمود ل «الحياة»، إن «المجلس الأعلى للاستفتاء عقد اجتماعه الأول برئاسة مسعود بارزاني، وتقرر المضي في تنفيذ الخطوات والتحضير لعملية الاستفتاء في 25 أيلول (سبتمبر) المقبل، وتكليف الحكومة (في الإقليم) مهام المتابعة والتهيئة من النواحي الفنية والمالية واللوجستية لإكمال اللجان المختصة في كل المدن بما فيها المناطق المستقطعة من الإقليم (المناطق المتنازع عليها بين أربيل وبغداد)، وجرى التأكيد أن الحوارات الجارية بين القوى السياسية تهدف إلى دعم العملية وإنجاحها». وأشار إلى أن بارزاني «سيجري في وقت لاحق الأسبوع الجاري محادثات مع الاتحاد الأوروبي في بروكسيل بناء على دعوة رسمية للبحث في الاستفتاء وموجباته وأبعاده وموعده، ولتوضيح أن الإقليم ينتهج أسلوباً ديموقراطياً حضارياً، وسيدعو المنظمات الدولية، خصوصاً الأممالمتحدة والمؤسسات الإعلامية والجهات المعنية لمراقبة العملية وشفافيتها، وسيؤكد رغبة الإقليم في إتباع خطة مبنية على الحوار والتفاهم مع بغداد باعتبارها الجهة المعنية، فالإقليم ما زال جزءاً من الدولة العراقية، على أن يتم بعد صدور نتائج الاستفتاء، التفاوض في آلية وتطوير العلاقة والتفاهم بطرق سلمية وحضارية تؤمن العيش المشترك والجيرة الحسنة ودرء أي احتمال لنشوب صراعات أو إشكاليات معقدة في المنطقة مستقبلاً. هذه الأمور كلها ستطرح على دول الاتحاد الأوروبي، وسيطلب منها دعم العملية إضافة إلى الدول الصديقة والمجاورة للعراق». وعن تداعيات ذلك على العملية في الإقليم قال محمود، إن «الاعتراضات لا تعني أن هناك انقساماً أو عدم إجماع، بل اختلاف في وجهات النظر، ثم أن الخطوة لا يحددها حزب أو اثنين، لأن أكثرية الأحزاب المشاركة في الحكومة أو خارجها أيدتها في اتفاق شامل خلال الاجتماع المنعقد بتاريخ السابع من حزيران (يونيو) الماضي حين تم تحديد موعد الاستفتاء، والأمور أخذت مجراها الرسمي وصدر مرسوم من ديوان رئاسة الإقليم، وكل شيء يسير بسلاسة». وتعترض حركة «التغيير» و «الجماعة الإسلامية» على «الآلية والتوقيت»، وتطالبان بتفعيل برلمان الإقليم المعطل لإضفاء شرعية على الخطوة بدلاً من شرعية الأحزاب، فيما انقسمت قيادات «الاتحاد الوطني» بزعامة جلال طالباني، وما زالت الأطراف الثلاثة لم تسم ممثلين لشغل عضوية المجلس الأعلى للاستفتاء. وعن الموقف من المطالب وشروط المعترضين قال، إن «الحوار ما زال مستمر معهم، وعلى رغم ذلك فكل الدول التي حظيت بالاستقلال حتى قبل القرن العشرين، استقلت إما عبر زعيم وطني أو حزب أو مجلس للثوار، وهذا لا يحتاج إلى قرار برلماني، والإقليم أساساً غير مستقل وهو تابع لدولة، البعض يتعكز على البرلمان، لا شك أنه مهم، لكننا في مرحلة انتقالية خطيرة، وعندما نحقق الاستقلال حينها يمكن أن يختار النظام الذي يراه مناسباً، سواء كان برلمانياً أو رئاسياً والذي سيحدد في الدستور الدولة الوليدة». وعن اعتراض طهرانوأنقرة قال، إن «إعلان الدولة قد لا يريح الدولتين الجارتين، لاعتبارات واضحة تتعلق بالقضية الكردية في كليهما، لكنهما في الوقت ذاته لم تعاديان الإقليم ككيان قائم لأنه أمر واقع منذ عام 1992، وإلى اليوم أثبت لهما أنه إيجابي بنجاحه في إقامة علاقات اقتصادية متطورة بلغت عشرات البلايين، ونتذكر أن إيران كانت السباقة، حتى قبل واشنطن، بإبداء الدعم لحكومة الإقليم لوقف زحف داعش عندما وصل إلى مشارف أربيل، ما يعني أن الإقليم وقيادته نجحا في إقامة كيان إيجابي وهو يعول اليوم على هذا التراكم من العلاقات الإيجابية التي بناها مع كل الدول التي تسارعت إلى مساعدته في حربه على الإرهاب». وشدد محمود على أهمية إجراء «قراءة هادئة» في ما يتعلق باعتراض الدول الغربية، وأضاف أن «الدول العظمى وأبرزها الولاياتالمتحدة الأميركية، تتحفظ عن التوقيت بسبب الحرب الجارية على داعش، ولم تعترض على طموحات الشعب الكردي بل أنها تؤكد تطلعاته، وهذا ما عبرت عنه معظم هذه الدول: أن يتم تأجيل الخطوة وليس الاعتراض على الفكرة، ثم أن الإقليم لم يفاوض من أجل أن يستأذن أي دولة، ومن السابق لأوانه توقع صدور موقف رافض، الوحيدون المعنيون بالدرجة الأولى هم شركاؤنا في بغداد الذين سنتفاوض معهم، والاستقلال سيعلن من بغداد في حال نجاح المفاوضات». وأردف أن «معظم الدول التي استقلت لم تحصل على التأييد في غضون ساعات أو أيام من كل دول العالم، والمواقف الإيجابية ستتوالى تدريجاً». وعن المخاوف من نشوب صراعات مستقبلية قال، إن «معظم المناطق أو الأقاليم التي استقلت عن الدول، تعاني من مشكلة الحدود مع جيرانها، مثال ذلك بلدان الاتحاد اليوغسلافي السابق، وحتى بين الدول الأوروبية كالإشكاليات القائمة بين الفرنسيين والبريطانيين، وكذا بالنسبة إلى النمسا مع جيرانها، والخلاف الذي ما زال دائراً بين الهند وباكستان حول إقليم كشمير، وهذه الدول تدخل في مفاوضات قد تستمر عشرات السنين، النقطة اللافتة بالنسبة إلى الإقليم هي أن خطاب قيادته عقلاني منذ البداية لأن المناطق المتنازع عليها مع بغداد هي بالأساس كردستانية، وتم فيها تغيير ديموغرافي ممنهج من الأنظمة المتعاقبة منذ عام 1985، ونحن نريد أن نزيل هذه الثقافة والعمل بهدوء لحل الإشكال فيها، ونذهب إلى كركوك وقضاءي سنجار وخانقين وبقية المناطق للوقوف على رأي شعوبها وموقفها من العودة إلى كردستان كإقليم اتحادي أو كدولة مستقلة، أو لانضمام إلى الدولة العراقية، عبر استفتاء بإشراف دولي، بالعكس نحن لا نفرض على هذه المناطق هوية متسلطة». وزاد: «مجرد صدور نتائج الاستفتاء لن يتم إعلان الدولة مباشرة، فقد أكد بارزاني أنه ستكون هناك فترة مرنة للحوار بناء على النتائج، لكن تلك الفترة لن تكون مفتوحة إلى ما لا نهاية، هذا يعني أن الإقليم سيجري مفاوضات معمقة مع بغداد بأننا لا يمكن أن نخرج باستقلال مريح ما لم نتفق في شكل واضح وكامل مع الدولة العراقية، وفي هذه الحالة لن يكون أمام أنقرةوطهران إلا الإقرار والاعتراف وسيحترم من قبل العالم أجمع». وأوضح أن «هناك نقطة أخرى وهي أن تجربة الإقليم لأكثر من ربع قرن نجحت وأثارت إعجاب العالم، وآخر الإنجازات كانت الانتصار على داعش وإيواء أكثر من مليوني نازح في ظل أصعب أزمة مالية يواجهها الإقليم، فضلاً عن احتفاظه بالأمن والسلم الاجتماعي، هذه المعطيات جعلت من العالم أن يحترم هذه التجربة»، ولفت إلى أن «هذا الاستفتاء سيضع العالم خصوصاً الديموقراطي المتحضر على المحك في صدقيته تجاه مبدأ الديموقراطية وحقوق الإنسان، وحق الشعوب في تقرير مصيرها».