عاد الهدوء إلى شوارع العاصمة المصرية القاهرة مع الساعات الأولى من صباح اليوم الأربعاء بعد يوم وليلة من المظاهرات غير المسبوقة التي تطالب الرئيس حسني مبارك بالتنحي بعد نحو 30 عاما قضاها في السلطة. وأطلقت الشرطة الغازات المسيلة للدموع ومدافع المياه في الساعات الأولى من صباح اليوم لتفرقة المتظاهرين الذين احتلوا ميدان التحرير في وسط القاهرة. وبحلول الفجر كانت الشوارع عادت لهدوئها مع تدفق الحركة المرورية في أنحاء المدينة. وشهد أمس الثلاثاء مقتل شرطي واثنين من المحتجين في اشتباكات واحتجاجات اندلعت في عدد من المدن المصرية حيث استلهم المتظاهرون الذين يحتجون على الفقر والقمع الانتفاضة التونسية التي أسفرت عن إسقاط الزعيم التونسي زين العابدين بن علي. وهتف المحتجون بعد أن فروا إلى الشوارع الجانبية "يسقط يسقط حسني مبارك". والقى بعضهم حجارة على رجال الشرطة الذين ردوا عليهم بالضرب بالهراوات لمنع المحتجين من اعادة تجميع صفوفهم. وقال محتجون آخرون "بلطجية" بينما كانوا يفرون وقال غيرهم "انتم مش رجالة". واستخدمت الشرطة مدافع المياه لتفريق المحتجين. ووقعت اشتباكات متقطعة في الساعات الأولى من اليوم لكن قبيل الفجر كان المتظاهرون قد جرى تفريقهم فيما يبدو. وجابت الشرطة ميدان التحرير في حين أزال عمال النظافة صخورا وقمامة. وكتبت عبارة "يسقط حسني مبارك" على أحد الجدران. وكانت شاحنات الشرطة مصطفة بامتداد شارع جانبي. وقال بعض المحتجين إنهم سيحاولون إعادة تنظيم صفوفهم خلال اليوم. وذكرت قوات الأمن أنه لن يسمح للمحتجين بإعادة التجمع. ودعت واشنطن لضبط النفس. وقالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون إن حكومة مبارك مستقرة وإنها تسعى إلى سبل لتلبية احتياجات المصريين. وقال بيان من البيت الأبيض "أمام الحكومة المصرية فرصة مهمة كي تستجيب لتطلعات الشعب المصري وتمضي في الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يمكن أن تحسن حياتهم وتساعد على رخاء مصر." وأضاف أن الأحداث في المنطقة تذكرة بأن "كل الشعوب تتطلع لأشياء بعينها" مثل حرية التعبير وأن يكون لها كلمة مسموعة في الحكم وسيادة القانون. وقال موقع تويتر للتدوين المصغر الذي كان الأداة الأساسية التي استخدمها المتظاهرون لتنظيم صفوفهم إنه تم حجبه في مصر. وفي رسالة كتبت الشركة تقول "نعتقد أن التبادل الحر للمعلومات ووجهات النظر يفيد المجتمعات ويساعد الحكومات على التواصل بشكل أفضل مع شعوبها." وكان آلاف المتظاهرين قالوا انهم يعتزمون الاعتصام في ميدان التحرير بوسط القاهرة حتى تسقط الحكومة. وتبادل بعض المحتجين والشرطة الطعام والحديث مساء أمس الثلاثاء بعد يوم من الاحتجاجات التي اغلقت كثيرا من طرق القاهرة امام حركة المرور. ومزق متظاهرون صورا للرئيس المصري ونجله جمال الذي يقول كثير من المصريين إنه يجري إعداده لخلافه والده في الرئاسة. وينفي الرئيس المصري ونجله وجود مثل هذه النوايا. وكتب نشط على مجموعة في موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي يقول "غدا لن نذهب الى العمل ولن نذهب الى الكليات سننزل جميعا الى الشوارع ونقف يدا بيد من اجل مصرنا. سنكون بالملايين." وكان أمس عطلة رسمية بمناسبة عيد الشرطة وكانت الوزارات مغلقة. وقال مصدر بالحكومة إن الوزراء طلب منهم أن يتأكدوا من عودة الموظفين للعمل اليوم وعدم انضمامهم للمحتجين. واجتذبت الدعوة إلى المظاهرات التي نظمها نشطاء على الانترنت احتجاجا على الفقر والقمع الآلاف الذين خرجوا إلى شوارع القاهرة وعدد من المدن الأخرى في موجة منسقة من الاحتجاجات غير المسبوقة المناهضة للحكومة منذ تولي مبارك السلطة عام 1981 بعد اغتيال إسلاميين للرئيس محمد أنور السادات. ويبلغ معدل النمو السكاني في مصر اثنين في المئة ويشكل من هم دون سن 30 عاما 60 في المئة من السكان يمثلون 90 في المئة من العاطلين. ويقل دخل نحو 40 في المئة من المصريين عن دولارين يوميا ويعاني ثلثهم من الأمية. ونشرت مطالب المتظاهرين على موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي على الانترنت ووزعت في ميدان التحرير على قصاصات ورق قبل تدخل الشرطة. ومن ضمن المطالب تنحي مبارك واستقالة رئيس الوزراء أحمد نظيف وحل البرلمان وتشكيل حكومة انقاذ وطني. وقال سامح آدم (35 عاما) وهو صاحب متجر قبيل إخلاء المحتجين للميدان "نحن هناك ملتصقون بالارض في ميدان التحرير ولن نتحرك لا غدا ولا بعد غد حتى تسقط هذه الحكومة." واندلعت احتجاجات ايضا في الإسكندرية وفي مدن في أنحاء منطقة الدلتا وفي السويس والإسماعيلية إلى الشرق من القاهرة. ولقي محتجان في السويس حتفهما وذكرت مصادر أمنية وطبية إن السبب في ذلك الرصاص المطاطي. وقال التلفزيون الحكومي إن أحد أفراد الأمن قتل في القاهرة بسبب ضربة على الرأس من حجارة تم إلقاؤها. وقال محامون إن عشرات جرى احتجازهم. وذكرت وزارة الداخلية التي حذرت من الاعتقالات قبل مظاهرات أمس أنها ستسمح بالوقفات الاحتجاجية لفترات قصيرة. لكن في القاهرة سيطر متظاهرون على الطرق الرئيسية وأوقفوا الحركة المرورية في أنحاء العاصمة. وألقت الوزارة باللوم على جماعة الإخوان المسلمين في ما أسمته بأعمال شغب اندلعت رغم أن الجماعة لم تقم بالدور الرئيسي في الاحتجاجات. بل ان الجماعة أثارت استياء أعضائها الشبان الذين يقولون إنها لم تكن إيجابية بالشكل الكافي. *** ... وحركة "6 أبريل" تدعو الى التظاهر اليوم دعت "حركة 6 ابريل" المصرية المعارضة التي تطالب باصلاحات ديموقراطية في البلاد الى التظاهر الاربعاء لليوم الثاني على التوالي، وذلك غداة التظاهرات التي دعت اليها الثلاثاء وسقط فيها ثلاثة قتلى. ووجهت الحركة نداء الى المصريين على صفحتها على موقع فيسبوك للتجمع في ميدان التحرير في وسط القاهرة. وقالت الحركة في دعوتها "على الجميع التوجه لميدان التحرير مرة اخرى للسيطرة عليه مرة اخرى". وتوفي ثلاثة اشخاص، هم متظاهران في السويس (شمال شرق القاهرة) وشرطي في القاهرة، متأثرين بجروح اصيبوا بها خلال اشتباكات تخللت التظاهرات.