كلمة «الاستلاب» هي إحدى ترجمتين عربيتين لكلمة Alienation الإنكليزية والترجمة الثانية هي «الاغتراب»، والمفكر ريتشارد شاخت يشبه المصطلح بمصطلح «وجودي» عند سارتر الذي قال عنه: «إن هذه الكلمة أصبحت تطلق على العديد من الأشياء بتوسع بالغ إلى حد أنها لم تعد تعني شيئاً على الإطلاق». ويضيف شاخت معلقاً: «ويمكن أن يقال ذلك على مصطلح الاستلاب وإن يكن المبرر في الحال الأخيرة أقوى، لا يعني ذلك أن ننكر أن الظواهر التي توصف بأنها كذلك على يد من يستخدمون هذا الاصطلاح هي ظواهر مهمة بل الأمر على العكس، فالعديد من هذه الظواهر لها أهميتها ومغزاها وتستدعي الحد الأقصى من الاهتمام، إلا أنه بسبب استخدام هذا الاصطلاح في ما يتعلق بالعديد من الظواهر المتباينة أصبح لا يتمتع بأي ارتباط خاص بأي منها، ولا يعني استخدام اصطلاح الاستلاب اليوم من دون مزيد من الإيضاح لما يقصده المرء ما يتجاوز قيام المرء بطرق كوبه الزجاجي بملعقته في إحدى المآدب، إن كلا الأمرين لا يسفر إلا عن جذب الانتباه». يتفق الغالبية على تعريف الشخص بأنه «مستلب» أي هو مغترب عن ذاته، حين تتناقض أهدافه العملية والأخلاقية مع سلوكه شرط أن يكون مؤمناً حقاً بهذه الأهداف ولا يكون التناقض تعبيراً عن ازدواجية نعرفها في بعض حالات السياسة وأوضاع المجتمع. في مواضيع كثيرة، غالبها اجتماعي، وبعض مهم منها فكري ثقافي، أسيء استخدام التعبير، وأصبح التهمة الجاهزة خاصة عند استخدام الترجمة الثانية «الاغتراب»، التي تحفّظ عليها معظم المفكرين، ووجدنا من يحذرنا من الاستلاب هو أحياناً من يدفعنا إلى منطقته باليد الأخرى. عندما «يحتسب» مجموعة من الشباب تحذير المسؤول الحكومي أو الناس مما يرونه سلباً أو تغريباً، هم في واقع الأمر أيضاً يمارسون ما ينهون عنه لكن في الاتجاه الآخر، يساعدهم عدم تنفيذ الفريق المختلف معهم فكرياً لتحركات مماثلة، وهو ما يجعل غالب المتلقين ينقسمون بين المحايد الذي مل وتبلد، وبين المؤيد الذي وضع أمامه خياراً واحداً، وهو وضع أمامه بطريقة اعتادها منذ الصغر، الترهيب من عواقب وقع فيها الآخرون، الذين غالبا لا يكونون محددين أو واضحين، ولا يدعم الحديث عن أوضاعهم «المأسوية» بأي أرقام أو حقائق. أشفق على حال من لا يفقه ما يحدث، وعلى رغم ذلك يؤيد أو يتعاطف، فقط لطبيعة وهيئة ومسمى مصدر المعلومة، أو الفكرة في هذه الحال، والإشفاق موصول على ما يؤول إليه أمر قضايا بسيطة وصغيرة تم تكبيرها في عقول الناس، وأسهم معارضوها في تضخيمها، وإذا تمعنت في واقع الناس المعاش، وجدت المثل التهامي الشهير «عاري يطرد موزر» ينطبق على الطرفين الشركاء في محاولة «استلاب» المجتمع. [email protected]