ادلى الرئيس المكلف تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة نجيب ميقاتي لدى خروجه من الاجتماع مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان ببيان شكر فيه «النواب الذين منحوني ثقتهم، كما أحترم مواقف الآخرين، وذلك انسجاماً مع قواعد الديموقراطية». وأضاف قائلاً: «أكدت لفخامة الرئيس أن التعاون سيكون كاملاً بيننا لتشكيل حكومة جديدة يريدها اللبنانيون حكومة تحفظ وحدة بلدهم وسيادتهم، وتحقق تضامن أبنائه وتحمي صيغة العيش المشترك، وتحترم القواعد والأصول الدستورية. كما سأنجز غداً، بإذن الله، زياراتي التقليدية لأصحاب الدولة رؤساء الحكومات السابقين، على أن أجري الاستشارات مع الكتل النيابية ابتداء من الخميس في مجلس النواب، وكلي أمل بأن تسفر هذه الاستشارات عن ولادة قريبة للحكومة الجديدة التي أتطلع الى أن تكون حكومة تواجه، بمسؤولية وطنية جامعة، كل التحديات التي تنتظرنا وتكون على مستوى طموحات اللبنانيين وآمالهم». وخاطب اللبنانيين قائلاً: «إني واثق بأن الخروج من الوضع الدقيق الذي نعيشه يتطلب خطوات غير تقليدية تعيد الى المؤسسات الدستورية، لا سيما منها مؤسسة مجلس الوزراء، دورها الجامع، مع الالتزام المطلق بمبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها وفق ما نص عليه اتفاق الطائف والذي نتمسك بتطبيقه كاملاً نصاً وروحاً. إن مواجهة التحديات الماثلة أمامنا جميعاً، تتطلب تعاوناً من جميع القيادات اللبنانية، لذلك أعلنت بالأمس وأكرر اليوم وكل لحظة أن يدي ممدودة الى سائر الفرقاء للمشاركة في تحمل المسؤولية الوطنية، ووضع حد للانقسامات والتجاذبات، في إطار من الثقة المتبادلة، ومن خلال الحوار الوطني الصادق والمسؤول الذي تطرح فيه كل المواضيع الخلافية بانفتاح، بعيداً من التشكيك والتجريح والجدال الذي لا طائل منه». وأضاف قائلاً: «انطلاقاً من هذه القناعة الراسخة، لا أرى مبرراً لرفض فريق سياسي له دوره وموقعه المشاركة في ورشة الإنقاذ هذه، وأوجّه دعوة صادقة الى كل الفرقاء لتجاوز كل الاعتبارات والانخراط في عمل مشترك ينطلق من الثوابت التي أجمع عليها اللبنانيون. وكلي ثقة بأن التقاء الارادة الوطنية على الحلول التي نتوافق عليها سيؤمّن حتماً دعم الدول، لأن عودة التوافق الى الشعب اللبناني تشكل إنجازاً يشجع هذه الدول الشقيقة والصديقة على مساعدتنا لمواجهة استهدافات الأعداء الذين يتحينون الفرصة للانقضاض عليه وضرب وحدته ومؤسساته وإنجازات مقاومته الوطنية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي». وقال انه يتطلع الى حكومة «ستحدد، من خلال بيانها الوزاري، القواعد الاساسية لسياستها في المجالات كافة، لا سيما الهم المعيشي والاقتصادي الذي يتصدر اهتماماتي، وسنولي اقتصادنا رعاية خاصة كي يبقى اقتصاداً حراً نسعى من خلاله لتحقيق تنمية مستدامة تشجع المستثمرين على تأمين فرص عمل جديدة. وسيكون لآراء السادة الوزراء المجال الواسع للنقاش والتفاعل، وكلما كان التجانس قائماً بين الوزراء، كانت الانتاجية مضمونة وممكنة ومفيدة». وأكد ان «نتيجة الاستشارات النيابية ليست انتصاراً لفريق على آخر، أو انكساراً لطرف أمام آخر، إنما هي انتصار للاعتدال أمام التطرف وللوحدة أمام التشرذم وللمصالحة أمام التباعد وللمحبة أمام الحقد. ثقوا بأن لا مكان للكيدية في ممارستي لمسؤوليتي، ولن أتردد لحظة في إحقاق الحق ورفع الظلم والدفاع عن حرية الرأي، فالحكم في اعتقادي ممارسة مسؤولة عنوانها التسامح والعزم والحزم، وسأبقى، كما خبرتموني، وكما علمني لبنان ومدينتي طرابلس وأهلها الشرفاء ودورها وتاريخها، وسطياً في مواقفي وسياساتي، حازماً وحاسماً في مصلحة وطني، وهذا ما يدفعني الى الدعوة الى التزام الهدوء والسكينة وعدم الإخلال بالأمن وتعريض السلامة العامة، فمن أراد أن يحتكم للمؤسسات لن يرضى ابداً بفوضى الشارع». ودعا «القيادات كافة الى احترام الخصوصية اللبنانية بكل وجوهها والتلاقي من جديد، لا سيما أن التاريخ الحديث أظهر أن ما من مرة اختلف فيها اللبنانيون إلا ودفعوا هم الثمن من خلال تسويات كانت تفرض عليهم، مرة ثانية، يدي ممدودة الى جميع اللبنانيين، مسلمين ومسيحيين، كي نبني ولا ندمر، كي نتحاور ولا نتخاصم، كي نجعل أيامنا مليئة بالفرح والسعادة ونضع الحزن جانباً». ودعا الى ان «نتعلم من عبر الماضي ودروسه، ولنقبل معاً على رهان رابح، فننقذ أنفسنا ولبنان. والله ولي التوفيق». وعما اذا كان سيزور الحريري في اطار جولته على رؤساء الحكومات السابقين، قال: «من الطبيعي أن تكون زياراتي بحسب ما تقتضي الأعراف والبروتوكول وزيارتي للرئيس الحريري واجب في أي وقت كان، وحتماً سأقوم بها. سمعت كلمته لدى حضوري الى القصر الجمهوري الآن واشكره على هذه الرسالة وندعو الى التعاون لما فيه الخير وأطلب من جميع مناصريّ في طرابلس رفع العلم اللبناني على كل الشرفات والسطوح». وعن وضع طرابلس قال: «كل اتصالاتي وتوجيهاتي الى مناصريّ تدعو الى الالتزام بالهدوء وألا ينجروا الى أي مكان. سمعت أن بعض أنصار تيار «المستقبل» يتقدمون نحو مقرات المؤسسات الخيرية التابعة لجمعية العزم والسعادة، وأتمنى ألا يكون هناك أي عنف». وعن موضوع المحكمة الدولية قال: «سئلت عنها منذ اليوم الاول، هذا الموضوع خلافي بين اللبنانيين، ولا يحل إلا بالحوار. أما شكل الحكومة ووقت تشكيلها، فسنتابع موضوعه معاً». سيرة ذاتية ووزع مكتب ميقاتي نبذة عنه وفيها: «ولد عام 1955 حائز إجازة في إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية في بيروت، وتابع دراسات عليا في معهد INSEAD في فرنسا وجامعة هارفرد في أميركا. بدأ حياته السياسية عندما تولى، ما بين عامي 1989 و2004، حقيبة وزارة الأشغال العامة والنقل في ثلاث حكومات متعاقبة. انتخب عام 2000 نائباً عن مدينة طرابلس حتى عام 2005، حين تبوّأ منصب رئاسة الحكومة، وشكّل حكومة أشرفت على إجراء الانتخابات النيابية. وفي عام 2009 انتخب نائباً عن طرابلس للمرة الثانية. وأسس ميقاتي مع شقيقه طه شركة INVESTCOM الرائدة في عالم الاتصالات في الأسواق الناشئة في كل من الشرق الأوسط وأفريقيا، وهو حالياً عضو في مجلس أمناء الجامعة الأميركية في بيروت، وفي المجلس الاستشاري لكلية هاريس في جامعة شيكاغو، إضافة الى عضويته في المجلس الاستشاري للمجموعة الدولية لمعالجة الأزمات «انترناشيونال كرايسز غروب». ويؤمن ميقاتي بالاعتدال والوسطية، وأنشأ لهذه الغاية «منتدى الوسطية» و «منتدى استشراف الشرق الأوسط». وهو متزوج بمي دوماني ولهما ثلاثة أولاد، ميرا وماهر ومالك