تقدم نواب في مجلس الأمة (البرلمان) الكويتي أمس باستجواب لوزير الداخلية الشيخ جابر الخالد الصباح على خلفية حادثة وفاة مواطن تحت التعذيب من قبل رجال المباحث بعد اعتقاله بتهم ملفقة. وتسببت الحادثة في احراج كبير للأمن الكويتي وللحكومة عموماً، لا سيما بعدما تبين ان قيادات أمنية ضللت الوزير بمعلومات كاذبة، وهو ما دفعه الى التصريح بأنه «لا يتشرف بقيادة وزارة تعذب المواطنين» وقدم استقالته منها الاسبوع الماضي، الا ان رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد رفض الاستقالة وطالبه بالاستمرار في عمله وبدء عملية تطهير في جهاز المباحث. ومع ان البرلمان شكل لجنة تحقيق في هذه القضية، الا ان نواب المعارضة اعتبروا الوزير مسؤولاً سياسياً عن الحادثة. وتقدم النواب وليد الطبطبائي وسالم النملان وشعيب المويزري امس باستجواب اتهموا فيه الشيخ جابر الخالد بالمسؤولية عن وفاة مواطن بسبب التعذيب و «تضليل الرأي العام» و «سوء استخدام السلطة» و «الحنث بالقسم». وكانت «قضية التعذيب» انكشفت مطلع الشهر الجاري عندما أوصل رجال مباحث مدينة الاحمدي جثة المطيري الى المستشفى قائلين انها لمتهم في قضية خمور تعرض لأزمة قلبية في الزنزانة. لكن الفحص الطبي أثبت تعرض المطيري للضرب الشديد ولاحظ آثار تعذيب بالحرق واساليب اخرى منها ادخال عصا في الدبر. وحاولت المباحث عبثاً الضغط على الطبيب لتغيير تقريره. ولدى معرفة عائلة المتوفى بذلك ابلغت بعض النواب الذين طالبوا وزارة الداخلية بتوضيحات لما حدث، لكن وزير الداخلية اصدر بياناً بناء على معلومات من ضباطه، بأن المطيري تاجر ممنوعات وله سجل اجرامي وحاول طعن رجال المباحث بسكين لدى اعتقاله وان وفاته حصلت نتيجة ازمة قلبية. غير ان تحقيقاً مستقلاً ضمن وزارة الداخلية، وبضغوط من نواب، كشف الحقيقة. اذ تبين ان وراء القضية كلها عداوة شخصية ورغبة في الانتقام من طرف ضابط برتبة ملازم أول بعد مشاجرة مع المطيري، اذ كلف الاول زملاء له بخطف الثاني وأخذه الى استراحة يملكها والد الضابط وهناك تم تعذيبه والتنكيل به لثلاثة أيام قبل ان تلفق له جريمة اتجار بالخمور كان متهماً بها شخص آخر، ثم نقل الى مركز مباحث الاحمدي وهناك استمر تعذيبه الى ان مات. وزاد الأمر سوءاً ان ضباطاً اكبر رتبة حاولوا التغطية على ضباط الامن المتورطين، وسجلت تجاوزات شملت تزوير اوراق رسمية والضغط على سجناء آخرين لتقديم شهادات كاذبة ومحاولة ترحيل شهود على وجود المطيري في الاستراحة الى خارج البلاد. وبعد ذلك تورطت قيادات في جهاز المباحث بتقديم رواية كاذبة الى الوزير والى الحكومة والرأي العام. وتسبب الكشف عن هذه الوقائع في رسم صورة سيئة عن جهاز المباحث وشكوك حول درجة عالية من الفساد فيه، وتساءل نواب: كم حادثة مشابهة وقعت ضمن الجهاز الامني وسقط فيها ضحايا ومظلومون؟ وتضمن الاستجواب المقدم أمس اتهامات لوزير الداخلية بأنه وحتى بعد اعلانه الاستقالة قام بتجاوزات منها اعفاء النائب السابق بادي الدوسري من حكم بالسجن لمدة ثلاثة شهور مستغلاً مادة قانونية لا تستخدم عادة لبقية المساجين. وكان الدوسري اعتدى بالضرب على قيادي كبير في الداخلية هو كامل العوضي. وأدى اعفاء الدوسري من السجن الى استقالة العوضي احتجاجاً. وفي تجاوز آخر قام الوزير بتعيين شقيق النائب الحالي سعدون حماد مختاراً لاحدى المناطق ضمن الدائرة الانتخابية، ما يحمل شبهة التنفيع والمحسوبية لأن المختار مسؤول عن قيد الناخبين وتنقلاتهم. ومن المتوقع ان يطرح الاستجواب للمناقشة منتصف شباط (فبراير). وكان الوزير جابر الخالد تجاوز استجواباً قبل اكثر من عام قدمه النائب مسلم البراك.