تحدث رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع عن «تهديدات جدية تجري لتغيير موازين القوى بالنسبة الى الاستشارات النيابية لتسمية رئيس للحكومة المقبلة»، لافتاً الى «أن بعض الأطراف غير رأيه من الرئيس سعد الحريري بسبب الضغوط التي مورست عليه». ورأى أن «في حال سُمي عمر كرامي رئيساً للحكومة المقبلة، فإن هذه الأخيرة سيشكلها اللواء رستم غزالي والحاج وفيق صفا مع احترامي المطلق للرئيس كرامي»، مشيراً الى أن «الوضع سيكون في لبنان مشابهاً لغزة». وتوجّه جعجع الى رئيس الجمهورية بالقول: «ننتظر من الرئيس ميشال سليمان إعادة الحق الى أصحابه، لأننا عدنا الى نقطة الصفر والى معركة أصوات طاحنة، وعلى الرئيس أن يرى ماذا يجب عليه أن يفعل لأننا كنا ضد تأجيل الاستشارات وأنا أتكل على استقامته ونزاهته». ووجه جعجع خلال مؤتمر صحافي عقده أمس في معراب، نداءين: «أولهما الى نواب الأمة: لا تنسوا لحظة أنكم نواب الأمة وتذكروا المقترعين الذين أدلوا بأصواتهم لمصلحتكم وتصرفوا بما يمليه عليكم ضميركم انطلاقاً من الوعود التي قطعتموها أمام الله والوطن والناس». أما النداء الثاني ف «للشعب اللبناني: «مسيرةٌ بدأناها سويةً من تحت الأرض وربحناها، فكيف إذا كنا نستمر بها فوق الأرض، وفاءً لكل الذين هم تحت الأرض وخدمةً لكل الذين هم فوق الأرض». واستعرض جعجع طبيعة الأزمة الراهنة «لتوضيح جوهر الأزمة التي نعيشها منذ الثلثاء 11 الشهر الجاري، وأشار الى أن «الرئيس نبيه بري ذهب الى سليمان وحددا موعد الاستشارات في 17 و18 كانون الثاني/يناير من دون التداول مع 14 آذار، وعندما رأى الفريق الآخر أن الحسابات ليست لمصلحته، قرر تأجيل الاستشارات، بحجة أن وزيري الخارجية التركي والقطري سيأتيان للبحث في المساعي، فلسنا نحن من طرح موعد 17 و18 كانون الثاني لبدء الاستشارات إنما فريق 8 آذار»، متسائلاً: «ما دخل المشاورات التركية -القطرية بالاستشارات؟». وأشار الى حصول تهديدات جدية «أدت الى تغيير في موازين القوى بالنسبة الى للاستشارات النيابية. فبعدما كان لدينا 70 صوتاً، عدنا الآن الى نقطة الصفر»، لافتاً الى أن «الرئيس سليمان فضّل تأجيل الاستشارات بناء لطلب الفريق الآخر لربما تأتي المساعي بنتيجة». وتابع: «الفريق الآخر لا يريد التسوية، ولا يعتقدن أحد انه يريد ذلك أو يريد ملاقاتنا في نصف الطريق، وهذا الفريق يريد أن يعلن الحريري انه يتخلى عن المحكمة الدولية وحين أتى الجواب من الحريري أن هذا الأمر مستحيل، رفض هذا الفريق تسمية سعد الحريري رئيساً». وأوضح «أن الرئيس سليمان أقدم على تأجيل الاستشارات انطلاقاً من حسه الوطني وروحه التوافقية، ومن أجل تسيير الأمور بطريقة سلسة، ولكن الفريق الآخر دفعه الى هذا الموقف تحت غطاء التوافق ليستفيد من الوقت ويغيّر المعطيات، الأمر الذي أعادنا الى نقطة الصفر والى معركة أصوات طاحنة، وعلى سليمان أن يرى ماذا يجب عليه أن يفعل لأننا كنا ضد تأجيل الاستشارات وأنا أتكل على استقامته»، مطالباً إياه «بإعادة الحق الى أصحابه». وسأل جعجع: «لماذا لا يريدون الحريري؟ هل لأنه من آل الحريري؟ وهل لأنه سني؟ هل لأنه من صيدا أم بيروت؟ هل لأنه فاسد؟ لا بل هم يريدونه أن يكون فاسداً ليستطيعوا أن يتحكموا به. في السابق، لسان حال فريق 8 آذار كان انه لا يريد السنيورة وأن الحريري ممتاز. وكان السبب حينها ان السنيورة لم يكن «في يد» حزب الله أو سورية، فقام هذا الفريق بمعركته من أجل الإتيان بالحريري رئيساً، ليأخذه بالأحضان، ليس محبةً به بل لخنقه، كي يصبح «في يده» لأنه «شاب جديد»، سائلاً: «هل تغيّر شيء في سعد الحريري منذ ذلك الحين حتى اليوم؟ فهم يرفضونه لأنه لا يلبي رغباتهم ومطالبهم، ولأنه يريد لبنان مستقلاً وحدوده محترمة، ولأنه يريد مصالح شعبه، ولا يقيم حسابات لمصالح أخرى وانطلاقاً من كل هذه الاعتبارات هم لا يريدونه». واعتبر جعجع أن «الموقف الحاد لوزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل أتى نتيجة الجهود المكثفة للمملكة العربية السعودية التي وضعت كل ثقلها كي لا تحصل أي «خربطة» أمنية في لبنان». ورأى «أن السوريين لا يريدون رئيساً للحكومة في لبنان يتكلم بأمور عالقة بين لبنان وسورية كترسيم الحدود العالقة منذ 5 سنوات، إذ يجب عليه عدم طرح موضوع الحدود والسلاح خارج المخيمات والمعتقلين في السجون السورية أو السلاح غير الشرعي في لبنان». وسأل: «هل يستطيع أحد تصور وضع الليرة إذا ما تسلم الفريق الآخر الحكومة؟ الوضع سيكون مشابهاً لغزة والجميع يستطيع تصور المواقف العربية من هذه الحكومة باستثناء الموقف السوري، فعندها ستعود إلينا وجوه كميشال سماحة ووئام وهاب وناصر قنديل، مع احترامنا لهم، ومن هنا نستطيع أن نتصور طبيعة المواجهة الحالية، فإما أن نتقدم ببطء، وإما أن نرجع الى الوراء وبسرعة». هل سيحارب عون الفساد باساس الفساد؟ وشبّه جعجع وضع رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي ميشال عون «المعتاد على العيش في فرنسا» ب «الجالس على غصن شجرة ويقوم بقطعه بالمنشار، فالنائب عون يخوض معركة في مواجهة الفساد، وإذا كان صادقاً في معركته ضد الفساد، مع أني لا أعتقد ذلك، أسأله: هل برأيك حكومة يشكلها عمر كرامي وغزالي وصفا هي حكومة ضد الفساد في لبنان؟»، مذكراً باستقالة حكومة كرامي عام 1992 تحت ضغط المطالب المعيشية واحتجاجات النقابات العمالية. وعن تهجم عون على سياسة الرئيس رفيق الحريري، سأله جعجع: «هل كان للرئيس رفيق الحريري أكثرية في أي من الحكومات التي ترأسها؟ فلمن كانت غالبية الوزراء في تلك الحكومات؟ لحلفائك يا جنرال وهذا ليس دفاعاً عن الحريري إنما عن الحقيقة»، لافتاً الى أنه «في حال كان يعلم عون ماذا يفعل فهذه مصيبة، وإذا لم يعلم فهذه مصيبة أكبر»، مشيراً الى أن «أساس السلطة كان حلفاء ميشال عون المباشرين وغير المباشرين، فهل سيحارب الفساد بأساس الفساد؟». وتوجّه الى قواعد «التيار الوطني الحر» بالقول: «لا يقنعنا أحد أن حكومة كرامي وغزالي وصفا هي حكومة محاربة الفساد، من هنا عليكم تحديد موقفكم من هذا الموضوع. فانتبهوا الى اين أنتم ذاهبون في هذه المرحلة، فالكثير منكم نياتهم حسنة، ولكن توجهاتهم السياسية تودي بهم الى عكس نياتهم». وأضاف: «يصوّر العماد عون في الكثير من الأوقات، أن أعداء لبنان هم المجموعة الحريرية، في السابق الرئيس رفيق الحريري، والآن سعد الحريري، وبأنهم توسعوا على حساب المسيحيين بين 1990 و2005. وأسأل: ماذا فعل حزب الله وأمل؟ ألم يتوسعوا على حساب المسيحيين في لبنان أيضاً؟ غير صحيح ما يطرحه عون، السوريون هم من «طقّ ظهر» المسيحيين في لبنان، فهل من المنطق أن يعيد الجنرال عون السوريين الى الحكومة لتقوية المسيحيين؟». ونفى جعجع «ما تداوله بعضهم عن أن التسوية أنجزت في اليومين الماضيين، فهذا غير صحيح، فسعد الحريري موجود والسعوديون موجودون، ولم يوقّع أحد منهم على أي تسوية، ومن يملك ورقة موقعة فليظهرها للرأي العام». وأبدى جعجع استعداد قوى 14 آذار للبحث في موضوع المحكمة «فنحن لا نريد الانتقام والتشهير بأحد، ولكن أن تتجلى الأمور على حقيقتها بأدلة دامغة وإلا سنرفضها»، مشيراً الى أن «البحث يجب أن يكون بمعالجة أي تداعيات يمكن أن تنشأ عن عمل المحكمة الدولية وليس بمسارها. إذ أن الفريق الآخر لا يريد حتى البحث بإعادة الحياة السياسية الى المؤسسات. وإيقاف البروتوكول بين لبنان والمحكمة كان مطلب هذا الفريق وليس مطلب الرئيس الحريري». وانتقد «ما سمته وسائل إعلام فريق 8 آذار عن انتشار حزب الله في الشارع الثلثاء الماضي بال «نقزة»، فلمن كانت تلك النقزة؟ كانت للأولاد الذين ذهبوا الى مدارسهم ما اضطر أهاليهم الى إعادتهم، وأثرت على وضع الليرة ورجال الأعمال وعلى الأرصدة المالية الموجودة في لبنان». وقال: «نعتبر أن حزب الله تنظيم مسلح، ولدينا رأينا في هذا الخصوص، فهو يستخدم إمكاناته المادية للضغط في أمور داخلية؟ هل يستطيع حزب الله أن يطلب من اللبنانيين أن يعتبروه مقاومة بعد استخدام قدراته لغايات أقل ما يمكن القول بها إنها غايات حزبية ضيقة لا علاقة لمصالح الشعب بها؟». وأكد أن «الأمر لم يُقض، فنحن في سياق صراع كبير ومحموم على كل صوت في البرلمان، فبقدر ما هناك أمل بتكليف كرامي هناك أمل بتكليف الحريري وسنسعى بكل قوتنا لتأمين الأصوات اللازمة لتكليف الأخير».