أكدت المملكة العربية السعودية أن الممارسات الإسرائيلية والتدابير غير القانونية التي تقوم بها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني لا تمثل خرقاً لميثاق الأممالمتحدة والقانون الإنساني وقرارات الشرعية الدولية كافة فحسب، بل إن تلك الممارسات تقوّض كذلك فرص السلام الضئيلة أمام المجتمع الدولي وتجهض كل مبادرة أو حل أو جهد دولي للسلام، وتجعل كل الجهود الدولية عاجزة عن تحميل إسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال المسؤولية عن أفعالها. ودعا المندوب الدائم للمملكة العربية السعودية لدى الأممالمتحدة السفير خالد بن عبدالرزاق النفيسي - في كلمة المملكة أمام جلسة مجلس الأمن ليل أول من أمس، التي عقدت لمناقشة «الوضع في منطقة الشرق الأوسط بما في ذلك القضية الفلسطينية» - المجتمع الدولي والأممالمتحدة خصوصاً اللجنة الرباعية الدولية، إلى اتباع نهج استراتيجي شامل نحو إيقاف فوري لجميع مشاريع الاستيطان في الأراضي المحتلة التي أصبحت أحد أكبر العقبات التي تضعها إسرائيل أمام جهود تحريك ودفع واستمرار مفاوضات السلام. وأوضح السفير النفيسي، بحسب وكالة الأنباء السعودية، أنه ومنذ فكرة إعطاء أرض شعب لشعب آخر بلا أرض بدأت معاناة الشعب الفلسطيني، فكانت القضية قضية أرض، ثم امتدت لتصبح قضية لاجئين ومستوطنات وتحوير للتاريخ وهدم للمواقع الدينية في سلسلة مستمرة من الويلات التي يدفع ثمنها الشعب الفلسطيني في غياب كامل للمجتمع الدولي عن فرض قرارات الشرعية الدولية ضد المحتل. وأشار إلى أنه لو قامت الأممالمتحدة ممثلة في مجلس الأمن بالدور المناط بها لما تواصلت معاناة الشعب الفلسطيني المستمرة لأكثر من نصف قرن من الممارسات الإسرائيلية المتمثلة في أبشع صور القتل والتهجير والسجن والحصار وضم الأراضي ومصادرة الممتلكات وسلب ونهب الخيرات، بهدف تدمير ذلك الشعب ودفعه إلى الاستسلام واليأس والإحباط من خلال تعريضه للمزيد من صنوف القهر والعذاب، وهو الأمر الذي تثبته الممارسات الإسرائيلية الحالية المبرمجة لذلك الهدف. وبيّن أن العرب اختاروا السلام لا الاستسلام، وكان مطلبهم ولا يزال تطبيق الشرعية الدولية وأولها تنفيذ قراري مجلس الأمن الدولي 242 و 338 ومبدأ الأرض مقابل السلام العادل والشامل، وهو الأمر الذي يتطلب بالضرورة في مقابله انسحاباً إسرائيلياً كاملاً من الأراضي العربية المحتلة إلى حدود عام 1967 وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم واسترداد حقوقهم، وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدسالشرقية، وكذلك الانسحاب من هضبة الجولان السورية ومزارع شبعا اللبنانية. وقال السفير النفيسي: «إن الحديث عن الانتهاكات الإسرائيلية لقرارات الشرعية الدولية إنما هو حديث عن خرق للقانون الدولي وغياب إرادة المجتمع الدولي في تحمل مسؤولياته لإحلال السلام وبسط الأمن في مواجهة تمادي الاحتلال الإسرائيلي في بناء جدار الفصل العنصري والمستعمرات في الأراضي الفلسطينية المحتلة والتوسّع فيها وزيادة التدابير الاستعمارية غير القانونية وتمويل وتسليح المستوطنين المعتدين وحمايتهم وتشجيعهم على بناء المزيد من البؤر الاستيطانية التي شهدت نمواً سريعاً في الأشهر القليلة الماضية، متزامنة مع ارتفاع وتيرة عمليات الهدم والتدمير العشوائي لمنازل وممتلكات ومزارع الفلسطينيين في أراضيهم المحتلة والتي كان آخرها هدم فندق شيبرد التاريخي». ووصف السفير النفيسي تلك الممارسات بأنها بمثابة قطع الطريق كلياً على جميع مبادرات السلام، لأنها تحاصر معظم مدن الضفة الغربية وتجعل من المستحيل عملياً قيام دولة فلسطينية مترابطة الأوصال وقابلة للحياة مستقبلاً. وأضاف: «إن الصراع العربي الإسرائيلي لا يزال ومنذ ستة عقود من الزمن يهيمن ويطغى على جميع القضايا في منطقة الشرق الأوسط، وكان سبباً في تنامي التطرف والإرهاب، ومعوقاً أساسياً لمساعي التنمية والإصلاح في تلك المنطقة التي يفترض أن تقوم بدور حضاري بدلاً من انشغالها بالصراعات التي تستنفد طاقاتها وتبدد مواردها». وجدد مندوب المملكة الدائم في الأممالمتحدة في ختام كلمته تأكيده استمرار التزام جميع الدول العربية بالسلام العادل والشامل المبني على قرارات الشرعية الدولية، موضحاً أن ذلك الالتزام لا يزال ينتظر التزاماً إسرائيلياً جدياً في مقابله يتمثل في القبول الفوري لمبادرة السلام العربية التي توفّر الطريق الوحيد لسلام دائم وشامل بين الجانبين يمكن البناء عليه للتوصل إلى حل نهائي ينصف جميع الأطراف.