«العين حق ...لابد من الحيطة والحذر» شعار رفعه غالبية أفراد المجتمع السعودي في الآونة الأخيرة خوفاً من إصابتهم بعين حسود أو سحر حاقد، ما أسهم في تغير تصرفاتهم حيال بعضهم بعضاً، فأصبحت «السرية» هي السمة الأكثر انتشاراً بين السعوديين. وترى الطالبة الجامعية نورة الشهري أن الخوف والهوس من العين وحتى السحر صفة عامة يشترك فيها السعوديون، إذ إن الغالبية العظمي منهم يفسرون ما يتعرضون له من خيبات أمل وفق ذلك الأساس. وتشير الشهري إلى أن شريحة بسيطة فقط من المجتمع تبحث عن الأسباب الحقيقة لمخاوفهم أو أوجاعهم الجسدية والنفسية، بعيداً من التفسيرات السائدة بأن الشخص «معيون» أو ممسوس. وفي الوقت الذي ترفض فيه الشهري تصرفات مجتمعها وتعليق كل المشكلات على شماعة الإصابة بالعين، تؤكد نوف الصالح أن العين حق ولا يمكن الاستهانة بها. وتقول: «استغرب عدم تصديق البعض وجود العين، فهي حق كما ذكر في السنة الشريفة، وهنالك أمراض تصيب الإنسان جراءها». وتضيف: «لابد أن نتعامل مع هذا الموضوع بشكل أكثر جدية من خلال التحصين المستمر، وطلب العلاج في حال الإصابة بشيء من هذا القبيل». واستنكر استشاري الطب النفسي في مستشفى الحرس الوطني في الرياض الدكتور جمال الطويرقي انتشار ظاهرة الخوف من العين والسحر والمس في المجتمع السعودي، مرجعاً سبب هوس السعوديين بهذه الأمور إلى انتشار الجهل بينهم بالأمور العلمية، على رغم ارتفاع نسبة المتعلمين. ويقول: «تتزايد معدلات الجهل في مجتمعنا السعودي، وليس المقصود بالجهل هنا العلمي والحضاري، بل الجهل في التصرفات، خصوصاً أنهم أوجدوا في العين والمس مخرجاً أو شماعة يعلقون عليها أخطاءهم». ويضيف الطويرقي: «إن المتعلم والمتمعن في الدين يستنكر تلك التصرفات، ولا يجعل من العين أو المس والسحر المصدر الرئيس للأمراض النفسية أو العضوية التي تصيبه، بل يبحث عن أسباب الإصابة والعلاج منها بالطرق الطبية الصحيحة». وأوضح أن مرض «الصرع» من أكثر الأمراض النفسية التي يفسرها عامة المجتمع بالعين أو المس، مضيفاً «إن علم النفس حدد أعراض هذا المرض وعلاجه، ولكن للأسف فإن الغالبية العظمى من السعوديين لا يراجعون الطبيب النفسي في حال إصابتهم بهذا المرض ويكون التفسير لأعراضه وجود المس الشيطاني». وأكد الطويرقي أن السبب الرئيس في انتشار هذه الظاهرة بين السعوديين وجود المروجين لها. ويقول: «إن استغلال البعض لأوجاع الناس وهلوستهم فتح لهم باب رزق من خلال ادعائهم القدرة على إخراج الأرواح الشريرة التي تسكن النفس البشرية». ولفت إلى أنه من خلال ممارسته العمل في مجال الطب النفسي واجه عدداً من الحالات التي كانت تعتقد أن ما أصابها من إحباط واكتئاب كان نتيجة لإصابتها بالعين. مضيفاً: «إن غالبية المرضى الذين كانوا يعتقدون أن ما أصابهم كان نتيجة عين أو سحر، يتراجعون بعد إتمام علاجهم بالأدوية ومضادات الاكتئاب والقلق، بعد أن يعودوا إلى حالهم الطبيعية».