عكست توصيات القمة الاقتصادية العربية التي اختتمت في منتجع شرم الشيخ المصري أمس، انشغالاً بمحاولة استخلاص الدروس من التجربة التونسية، إذ شددت على ضرورة تحقيق التنمية بمفهومها الشامل «حفاظاً على الأمن القومي»، بعدما باتت «تحدياً جدياً يواجه الدول العربية» يُضاف إلى التحديات السياسية، ورصدت 158 بليون دولار لتنفيذ برنامج طارئ للأمن الغذائي العربي حتى العام 2030. ونبه الرئيس المصري حسني مبارك الذي تتولى بلاده رئاسة القمة إلى أن «التنمية أصبحت قضية مستقبل وبقاء ومصير ومتطلباً أساسياً من متطلبات الأمن القومي العربي»، فيما دعا رئيس القمة السابقة أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح إلى تجنب نقاط الاختلاف السياسية «والتركيز على الفرص والتحديات والمتغيرات الاقتصادية». وحذر الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى من «الهزات المجتمعية التي تتعرض لها المجتمعات العربية»، معتبراً أن «ما يحدث في تونس من ثورة، ليس أمراً بعيداً عن موضوع هذه القمة، أي التنمية الاقتصادية والاجتماعية ودرجة توازنها وتصاعدها وشموليتها». ولفت إلى أن «مفهوم الأمن القومي تطور ولم يعد يقتصر على المفهوم التقليدي»، داعياً إلى تبني «مشروع نهضوي شامل». وأشار إلى أن السيناريو التونسي «ليس بعيداً ممّا يدور في أذهان الجميع، فالنفس العربية منكسرة بالفقر وبالبطالة والتراجع العام في المؤشرات العربية للتنمية التي تزخر بها التقارير الدولية... وهذا الوضع أدخل المواطن العربي في حالة من الغضب والإحباط لم يسبق لها مثيل». ووجه وزير الخارجية السعودي رئيس وفد المملكة إلى القمة الأمير سعود الفيصل، دعوة إلى القادة العرب للمشاركة في القمة الثالثة في الرياض مطلع العام 2013. وقال في كلمة أمام الجلسة الختامية للقمة: «من دواعي السرور أن تستضيف المملكة هذا المحفل المهم الذي نأمل في أن يكون رافداً من روافد الأمة العربية في مسعاها للوصول إلى التنمية المستدامة في إطار العمل العربي المشترك». ورحّلت القمة طلب السلطة الفلسطينية منحها 430 مليون دولار لإقامة مشاريع لدعم القدس إلى قمة بغداد، ما أثار غضب الوفد الفلسطيني، فيما طلب الرئيس السوداني عمر البشير من القمة إسقاط ديون بلاده المستحقة للدول العربية. وعبر الرئيس العراقي جلال طالباني عن أمله في حضور القادة العرب إلى بغداد للمشاركة القمة العادية المقررة في آذار (مارس) المقبل. وشارك في القمة الاقتصادية 10 زعماء عقدوا جلسة مغلقة وجيزة أعلن بعدها اختتام القمة. وأكد موسى ووزير خارجية مصر أحمد أبو الغيط في مؤتمر صحافي عقب اختتام القمة، محورية دور الرئيس اللبناني ميشال سليمان في معالجة الأزمة اللبنانية، وكذلك أولوية الدور العربي فيها على أي دور خارجي. وسألت «الحياة» موسى عن طلب مصر تشكيل لجنة من الجامعة العربية لمعالجة الوضع في لبنان وهو ما قوبل برفض سوري، فأجاب بأن «موضوع لبنان موضوع عربي، والعالم يعرف جيداً دور الجامعة» فيه، مشيراً إلى أن الموقف في لبنان «هش ويزداد هشاشة، والوضع بهذا الشكل يدعو المسؤولين اللبنانين إلى الحذر الشديد بالنسبة إلى مستقبل بلدهم». وشدد على أن «مفتاح الحل هو دور الرئيس سليمان الذي يتمتع بتوافق حوله، وهو مكلف دستورياً بمعالجة هذه الأمور». وأكد أن أي جهود غير لبنانية وعلى رأسها الأدوار العربية، يجب أن تركز على دعم سليمان وقيادته في الفترة المقبلة. وأضاف أن الدور السعودي - السوري «تباطأ أو لم يصبح فاعلاً لأسباب مختلفة، ونفضل ونرجو عودته لأنه دور مهم». وعلق وزير الخارجية المصري، قائلاً إن «الأيام المقبلة ستكشف حتمية أن تلعب الجامعة العربية وأمينها العام دوراً في لبنان، ولا أتصور أن يترك الوضع هكذا»، مضيفاً: «مطلوب أن يلعب القادة والساسة اللبنانيون دورهم، وأن نترك للرئيس سليمان فرصة التشاور والعمل وخلق هذا التوافق، وإذا لم يتحقق الهدف في الإطار الزمني الواقعي، فسيفرض على الدول العربية عدم ترك الأمر اللبناني لهذا الطرف الدولي أو الإقليمي أو ذاك».