اعتبرت الأمانة العامة لقوى 14 آذار ان استقالة وزراء المعارضة من الحكومة اللبنانية «عملية ابتزاز بعد انتهاج سياسة التعطيل»، مؤكدة تمسكها ب «الدفاع عن لبنان في وجه مشروع الفريق الإنقلابي»، ومشددة على أن المحكمة الدولية «ضمانة اساسية لعدم ارتداد لبنان الى زمن الميليشيات». وأوضحت الامانة العامة بعد اجتماعها امس في بيان تلاه منسقها فارس سعيد، أنها «ناقشت الفصل الجديد والخطير من فصول الأزمة اللبنانية، جراء إستقالة وزراء 8 آذار من حكومة المشاركة الوطنية، في خطوة منافية لتعهدات القوى السياسية في إجتماع الدوحة في أيار (مايو) 2008، ومعاكسة لوجهة المعالجة الإستيعابية التي أقرتها قمة بعبدا الثلاثية في 30 تموز (يوليو) 2010». ورأت في الاستقالة «في هذا الوقت بالذات، هروباً إلى الأمام وابتعاداً من روح المسؤولية الوطنية»، معتبرة أن هذه الخطوة «زادت من انكشاف الوضع اللبناني أمام استحقاق القرار الاتهامي الداهم، مثلما زادت من انكشافه أمام تربص العدو الاسرائيلي الدائم. فيما كان اللبنانيون يتطلعون إلى خطوات تحصينية، بروحية الحرص على الوحدة الوطنية والعيش المشترك. كذلك شكلت الإستقالة تصعيداً في عملية ابتزاز الدولة، بعد فترة طويلة من انتهاج سياسة التعطيل التي أضرت بمصالح الناس، فضلاً عن اعتماد لغة التهديد والتهويل والتخوين في وجه الدولة والمجتمع على حد سواء». وأعتبرت الامانة العامة أن «في هذه اللحظات الصعبة، المفتوحة على احتمالات شتى، فإن حقيقة الأزمة الراهنة لا تكمن في الصراع على السلطة، ولا في قصور النظام السياسي اللبناني، بل تكمن في تنصل فريق سياسي، شريك في الحكم، من التزاماته حيال الدولة وحيال الإجماعات التي بلورها الحوار الوطني خلال السنوات الأربع الأخيرة. ولا تفسير لهذا التنصل سوى أن فريق 8 آذار يغلب مصلحته الخاصة ومصلحة ارتباطاته الإقليمية على مصلحة لبنان». فريق 8 آذار يريد الحصول على كل شيء وأضافت: «إما إسقاط الحكومة عشية صدور القرار الاتهامي فيقدم دليلاً إضافياً على أن هذا الفريق لم يكن يريد من المسعى السعودي - السوري مساعدة لبنان على استيعاب تداعيات القرار الاتهامي والحفاظ على الاستقرار، بمقدار ما كان يريد الحصول على كل شيء، مقابل لا شيء، حتى لو أدى ذلك إلى تنكر الدولة اللبنانية لالتزاماتها العربية والدولية، فضلاً عن تنكرها لمطلب الحقيقة والعدالة الذي بادرت إليه، فألزمت نفسها به حيال مواطنيها والشهداء قبل أي جهة أخرى». ولفتت الى ان «قوى 14 آذار قدمت كل التضحيات الممكنة، لا بل تنازلت عن بعض حقوقها الديموقراطية، من أجل دعم الدولة والحفاظ على الوحدة الوطنية، وارتضت، منذ البداية، تغليب منطق المشاركة والتوافق على حقها الأكثري الذي منحتها إياه دورتان إنتخابيتان على التوالي بعد انسحاب قوات الوصاية السورية من لبنان في ربيع 2005. وارتضت إحالة المسائل الخلافية مع الفريق الآخر المشارك في الحكم - وبعض تلك المسائل من بديهيات حقوق الدولة - إلى حوار داخلي يحد من التدخلات الخارجية. وأفضى هذا الحوار، بعد مخاض عسير، إلى توافقات مبدئية حول خمس قضايا أساسية: المطالبة بالمحكمة الدولية، إلتزام القرار 1701، ترسيم الحدود بين لبنان وسورية، إلغاء السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، والسعي لوضع استراتيجية دفاعية على قاعدة وحدة الدولة وسلطتها ومرجعيتها الحصرية في كل القضايا المتصلة بالسياسة العامة للبلاد - البند 3 من البيان الوزاري الأخير. كما ذكرت بأنها «وقفت إلى جانب رئيسي الجمهورية والحكومة في إنفتاحهما على سورية وإيران، على رغم كل التحفظات المشروعة، أملاً بتوفير كل دعم لمنطق الدولة ومؤسساتها الشرعية. وفعلت قوى 14 آذار ذلك كله إنطلاقاً من قناعتها بوجوب عبور الجميع إلى كنف الدولة وإقدارها، بشروط الدولة نفسها، لا بشروط أي جماعة أو حزب سياسي. كما فعلت ذلك عن إحساس بالمسؤولية، وعن ثقة بقوة وكالتها الشعبية، مع التزام نهج العمل السلمي الديموقراطي في كل الظروف وأحرج الأوقات». نرفض استيراد نماذج فاشلة وقالت الامانة العامة ان «قبل ان يسقط الفريق الآخر حكومة المشاركة الوطنية، باستخدامه نصاب الثلث زائداً واحداً - والذي كان تدبير الدوحة وضعه في يده، شرط عدم استخدامه - كان أسقط كل التوافقات السابقة تباعاً، على نحو أقفل أبواب الحوار الوطني، وبحيث صار وجوده في الحكم قوة تعطيل صافية. فأعلن صراحة المواقف والأحكام التالية بصورة قطعية: المحكمة الدولية مؤامرة أميركية - إسرائيلية ضد لبنان والمقاومة، وكل من يتعامل معها عميل وخائن، القرار 1701 مؤامرة دولية شاركت فيها الحكومة في حينه، ترسيم الحدود بين لبنان وسورية لا يتم إلا بعد تحرير مزارع شبعا، السلاح الفلسطيني حاجة دفاعية في إطار تحالف المقاومات، الإستراتيجية الدفاعية لا تقوم إلا على أساس ثنائية الدولة - المقاومة، مع الحفاظ على إستقلالية قرار المقاومة». وأكدت ان «خلافنا مع الفريق الآخر ليس على إدارة الدولة، بل هو على طبيعة الدولة وعلى معنى لبنان، بذاته وفي محيطه العربي والدولي. وقوى 14 آذار، التي كان لها شرف الإنتماء العضوي إلى أعظم انتفاضة شعبية ديموقراطية في تاريخ لبنان والمنطقة، تعاهد اللبنانيين وكل القوى المحبة للعدالة والحرية والديموقراطية والسلام في العالم على المضي بعزيمة وثبات في الدفاع عن لبنان في وجه مشروع إنقلابي يرمي إلى تحويله قاعدة إيرانية على شاطئ المتوسط والإلتزام بالمحكمة الدولية المحققة للعدالة التي هي مع الحرية والقانون والضمانة الأساسية لعدم ارتداد لبنان إلى زمن الميليشيات ومنطق القوة الغاشمة والإغتيال السياسي والتمسك بالعيش المشترك، وبالتنوع في الوحدة، رافضين استيراد نماذج فاشلة تنتمي إلى أصوليات مغلقة واستبدادية والتمسك بانفتاح لبنان على العالم وشراكته في قضاياه الأساسية والتزامه القانون الدولي في وجه من يعمل على دفعه إلى وضعية الدولة المارقة والتمسك بالشراكة والتضامن مع العالم العربي ورفض ابتزازه والإضرار بمصالحه الحيوية انطلاقاً من لبنان». السعودية على رأس اصدقائنا ورداً على سؤال، قال سعيد أن ما صدر «عن وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل يجب ان يسأل هو عنه، نحن كقوى 14 آذار نعتبر اننا جزء لا يتجزأ من هذا العالم العربي، الاصدقاء في العالم العربي معروفون، وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية، وجميع المخلصين في العالم العربي يحاولون تجنيب سقوط لبنان في شكل كامل في دائرة النفوذ الايراني وان تصبح بيروت ميناء على البحر الابيض المتوسط تحت النفوذ الايراني». وسأل: «خلال نزول 14 آذار الى الشارع في كل السنوات الماضية، هل تعرض احد الى حادث او تعطلت اي مدرسة؟ هل لم يصل احد الى عمله؟». وأكد أن 14 آذار لن تقوم ب «أي عمل استفزازي»، مشيراً الى أن «اي خلل بالامن في لبنان تعود مسؤولية ضبطه الى الجيش اللبناني وجاهزية اللبنانيين لمواجهته في الشكل السلمي والديموقراطي الذي نتمسك به». واعتبر أن «الازمة ليست ازمة حكومة ومحاصصة، او فساد في الدولة، او عدمه، الازمة هي من طبيعة اخرى، وهي ان يبقى لبنان بهويته الوطنية وبانتمائه العربي وبمصالحه المشتركة مع المجتمع الدولي، او ينتقل الى دائرة نفوذ مارقة، يواجه العالم العربي ويشارك في اسقاط نظام الاستكبار».