دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مسلمي بلاده إلى أداء دور، إلى جانب الدولة، في مكافحة الإرهاب والتطرف، متحدثاً عن تحدٍ «أخلاقي وحضاري». أتى ذلك في كلمة ألقاها خلال إفطار سنوي ل «المجلس الفرنسي للديانة المسلمة»، والذي لم يسبق أن حضره رئيس جمهورية. وتنطوي مشاركة ماكرون في الافطار السنوي للمجلس الذي أسّسه الرئيس السابق نيكولا ساكوزي، على أهمية رمزية ضخمة، خصوصاً أنها تلت محاولة الاعتداء على باص للشرطة نفذها آدم الجزائري عند جادة الشانزيليزيه. ورأى ماكرون أن مكافحة التطرف هي «تحدٍ أمني في مواجهة الإرهاب المتفشي»، تجهد الدولة لمواجهته. واستدرك أن التحدي أيضاً «أخلاقي وحضاري»، لافتاً إلى أن دور المجلس في هذا الصدد «ضخم، وكذلك مسؤوليته»، إذ يقتضي عملاً دينياً دؤوباً ل «فضح انتحال قيمكم، كلما اقتضى الأمر». ونبّه إلى أن الإرهاب يسعى إلى «إعطاء صورة يظهر من خلالها الإسلام ديناً يحضّ على القتل والترهيب والتعصب»، من أجل «تشويه» صورته. وشدد في هذا الإطار على ضرورة تعزيز الروابط بين المجلس والشباب المسلم «الذين ندرك جميعاً أنهم يتحفظون عن الانخراط في مؤسساتكم». وتطرّق إلى المشكلة المزمنة المتعلّقة بإعداد الأئمّة، قائلاً: «مكافحتنا الحازمة إرهاب (تنظيم) داعش والأيديولوجيا المتسلطة التي تدعمه، تقودنا إلى مكافحة الذين يسعون إلى تحويل مقاركم الدينية أماكن لنشر الكراهية والدعوة إلى العنف». وأشاد ماكرون بالدور الذي أداه المجلس «على صعيد صون الوحدة الوطنية»، معتبراً أن ذلك أتاح في لحظات عصيبة «تغليب صوت العقل في شكل جماعي». ورأى أن الهجمات الإرهابية هدفها «إحداث شرخ عميق» بين المسلمين وأتباع الديانات الأخرى في فرنسا. ودعا المجلس إلى التصدّي لممارسات تحضّ المسلمين على الانغلاق والتمييز، محذراً من أن «بناء الهوية الاجتماعية والسياسية على أساس الانتماء الديني» يعني «إقراراً بعدم تطابق هذا الانتماء مع الجمهورية». وزاد: «لا تمكن مطالبة فرنسيات وفرنسيين بالخروج عن قوانين الجمهورية» باسم انتمائهم الديني. وحضّ المجلس على «تعزيز شموليته»، فيعكس تعددية الإسلام في فرنسا ويساعد على «ممارسة هادئة» لهذا الدين. وخاطب الحضور قائلاً: «إزاء المسؤوليات الكبرى التي تترقبنا، ستجدونني دوماً إلى جانبكم». وسيستقبل وزير الداخلية والأوقاف جيرار كولومب، الذي حضر الإفطار إلى جانب ماكرون، أعضاء المجلس لمناقشة ملفات تعنيهم، وفي مقدّمها تمويل تشييد المساجد وإعداد الأئمّة. في غضون ذلك، على ماكرون إجراء تغييرات اكثر مما كان متوقعاً على حكومته التي شُكلت قبل 5 أسابيع، بعد اضطرار وزير العدل فرنسوا بايرو، الذي كان يقود حملة يشنّها الرئيس لتطهير الحياة السياسية، إلى الاستقالة بسبب مزاعم فساد. وبايرو واحد من 4 وزراء أعلنوا هذا الأسبوع تخليهم عن حقائبهم، علماً أنه أعلن استقالته بعد مزاعم عن أن حزبه الوسطي «موديم» أساء استخدام أموال للبرلمان الأوروبي. وقال ناطق باسم الحكومة أن قرار بايرو «خيار شخصي»، لافتاً إلى أنه «يريد أن يكون قادراً على الدفاع عن نفسه في هذا الملف». واستدرك أن «الأمر يبسّط الوضع»، إذ إن الحكومة لن تواجه أسئلة وانتقادات في شأن بايرو وحزبه. ويعني تنحّي بايرو أن «موديم» خسر حقائبه الثلاث في حكومة ماكرون، بعد رحيل وزيرتَي الدفاع سيلفي غولار والشؤون الأوروبية مارييل دو سارنيز.