استضاف الأخ خالد الدويسان، سفير الكويت لدى بريطانيا وإرلندا، في دارته في لندن الأسبوع الماضي عشاء لنادي بريطانيا الذي يرأسه جيرمي برادشو، من حزب المحافظين، حضره عدد من الوزراء والنواب البريطانيين والسفراء العرب وبعض الصحافيين البريطانيين والعرب. السفير الدويسان، وهو عميد السلك الديبلوماسي العربي في لندن بعد أن «نسيته» وزارة الخارجية الكويتية مشكورة، يستضيف بشكل دوري جلسات حوار سياسي تتناول قضايا الساعة، فيتبادل الحاضرون الأفكار ويناقشون ويحللون. في الجلسة الأخيرة تحدث أولاً البروفسور أفي شلايم من كلية سانت انطوني في جامعة أكسفورد، وبعده الجنرال السير مايك جاكسون، الرئيس السابق لهيئة الأركان البريطانية المشتركة، وتبعهما الضيوف الآخرون بالتعليق والموافقة أو المعارضة. كان موضوع الجلسة «الحرب على الإرهاب، أين نحن متجهون»، غير أن كثيراً منها تناول إسرائيل والفلسطينيين وإمكانات الوصول الى حل سلمي. وسجلتُ بعض ما سمعت وراجعته بعد ذلك، ووجدت مرة أخرى ان إسرائيل فقدت هالتها، فبعد سنوات من الاحتلال والقتل والتدمير أصبحت ولا أحد يصدقها، فهي مثل ذلك الإمبراطور من دون ثياب في الخرافة المعروفة. سأختار للقارئ بعض ما سمعت، وبما أنني لم أسأل المتحدثين هل يسمحون أن أنسب لهم كلاماً قيل حول جلسة عشاء خاصة، فإنني لن أُحرج أحداً، ولكن أقول للقارئ انني اخترت من كلام الضيوف غير العرب فقط، وهكذا فعندي التالي: - اسرائيل هي الخطر الأكبر على أمن الشرق الأوسط والعالم. القاعدة لا تمثل خطراً يُذكر. كان لها ألفا عضو الى ثلاثة آلاف، وهم الآن مئتان الى ثلاثمئة، واحتمال أن تحصل على أسلحة دمار شامل واحد في المليون. - الاحتلال العسكري في أفغانستان والعراق من أسوأ الأخطاء الاستراتيجية التي ارتكبها الغرب. والاحتلال الأول هو احتلال إسرائيل أراضي الفلسطينيين. - من سوء الحظ أن فكر المحافظين الجدد كان الغالب في السنوات الأخيرة، ولكن التركيز على القوة فاشل إذا لم يرافقه جهد سياسي حقيقي. المحافظون الجدد يقولون ان مصالح أميركا وإسرائيل واحدة، وما يفيد أميركا يفيد إسرائيل، وبالعكس. هذا غير صحيح. - (الرئيس باراك) أوباما كان أول من قال ان الاحتلال الإسرائيلي من أهم أسباب العداء للأميركيين، وإنه يعرّض أرواح الأميركيين للخطر في العراق وأفغانستان، كان أول رئيس أميركي يقول هذا. غير أن المشكلة هي في السياسة الخارجية الأميركية، فهي «لخبطة»، أو اخفاق على كل صعيد. - الولاياتالمتحدة في السنوات العشرين الماضية انفردت بإدارة المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، وهي استبعدت روسيا والاتحاد الأوروبي. المجموعة الرباعية أداة في يد السياسة الخارجية الأميركية. ولكن طالما ان التأييد الأميركي لإسرائيل غير مشروط، وطالما ان اسرائيل تأخذ المال والسلاح الأميركي بلا حساب، فلا سبب للإصغاء لما يقوله الأميركيون. - دول الاتحاد الأوروبي يجب أن تتصرف بمفردها، ولا ضرورة لإِتباع الموقف الأميركي، يجب على أوروبا أن تقدم مبادرة من عندها تضم مبادئ المبادرة السعودية (العربية) لسنة 2002. غير ان الدول العربية سلبية ولم تحاول من جانبها فرض أي ضغط على الولاياتالمتحدة بسبب سياستها المنحازة الى جانب واحد. - القضية الفلسطينية ليست المشكلة الوحيدة في الشرق الأوسط، ولكن من دون حلها لا يمكن حل المشاكل الأخرى. وإسرائيل تدرك ان هناك تحولاً في الرأي العام الأوروبي ضدها، لذلك فهي حشدت ديبلوماسييها لشن حملة مضادة بشكل لم يحدث من قبل. - منذ السبعينات كل منطقة في العالم شهدت تحولاً نحو الديموقراطية، إما المنطقة كلها أو بلدان فيها، والاستثناء الوحيد كان المنطقة العربية، مع ذلك، الفلسطينيون وهم تحت أسوأ احتلال، مارسوا الديموقراطية وانتخبوا رئيساً وبرلماناً سنة 2006، غير أن ايليوت أبرامز والمحافظين الجدد الآخرين قتلوا حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية. الكلام السابق كله جاء على لسان بريطانيين، من أكاديميين وسياسيين وصحافيين، وليس فيه شيء مما قاله السفراء العرب، ولا أقول تعليقاً سوى انه إذا انتهت العملية السلمية بحل في النهاية، فلن يكون للدول العربية فيه أي دور أو فضل. [email protected]