يتوافد اليوم القادة العرب إلى منتجع شرم الشيخ المصري للمشاركة في مؤتمر القمة الاقتصادية والتنموية والاجتماعية الثانية، لمناقشة مشاريع القرارات التي أقرها أمس المجلس الاقتصادي والاجتماعي على المستوى الوزاري واعتمادها. وأعلن وزير التجارة والصناعة المصري رشيد رشيد، أن بلاده «تبلغت حضور 13 أو 14 زعيماً، «لكن يمكن أن يتغير هذا العدد إلى حين التئام القمة». وأوضح مسؤول عربي في حديث إلى «الحياة»، أن طلب السلطة الفلسطينية توفير مبلغ 430 مليون دولار لإنشاء مشاريع في القدس كان موضع خلاف داخل اجتماعات المجلس الوزاري، إذ أوصى المندوبون الدائمون في الجامعة بتكليف الأمانة العامة بالتنسيق مع السلطة الوطنية الفلسطينية والمنظمات العربية المتخصصة ومؤسسات التمويل العربية، دراسة المشاريع التي قدمتها لدعم صمود القدس، وتقديم نتائج أعمالها إلى القمة العربية المقبلة في آذار (مارس) لوضعها موضع التنفيذ، وهو ما رفضته السلطة الفلسطينية. واقترحت دول عربية أن يقدم الدعم المالي لصندوق الاقصى، وهو اقتراح رفضته السلطة أيضاً. وأكد الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى رداً على سؤال ل «الحياة»، أن طلب السلطة «سيُعاد النظر فيه في قمة بغداد»، مشدداً على ضرورة مساعدة السكان العرب الأصليين في القدس وليس فقط مساعدة السلطة، ومساعدة الناس على مواجهة الإجراءات الإسرائيلية التعسفية في شراء منازل ومواجهة الممارسات التي نعرفها ولا نعرفها». وركز المتحدثون خلال افتتاح جلسة المجلس، على ضرورة مكافحة الفقر وتحقيق التنمية الشاملة في العالم العربي ومساعدة الدول العربية الأقل نمواً في تحقيق الأهداف التنموية للألفية. وأعلن وزير المال الكويتي مصطفى جاسم الشمالي، أن بلاده «كانت تعي عندما سعت إلى استضافة القمة الاقتصادية الأولى، التحديات التي تواجه الأمة العربية المتمثلة بتفاقم الفقر والبطالة وضعف الأوضاع المعيشية وتواضع التجارة البينية والاستثمارات المحلية وهجرة رؤوس الأموال والعقول وضعف البنية التحتية، وعدم مواكبة مخرجات التعليم لاحتياجات سوق العمل». ورأى أن من أهداف القمة الاقتصادية الثانية «دعم علاقات التعاون بين الدول العربية والعمل على بلورة استراتيجيات تنموية وتحقيق التعاون مع المنظمات الإقليمية والمؤسسات الدولية». وتسلم رشيد رئاسة الاجتماع، مشيراً إلى أن أزمة المال العالمية «كان لها ولا يزال آثار بعيدة المدى على الأوضاع المالية والاقتصادية ودول العالم». واعتبر موسى في جلسة الافتتاح، أن الربط البري أو البحري بين الدول العربية، «من أهم المشاريع التي نسعى إلى تنفيذها بجدية»، داعياً المجلس إلى «متابعة هذه المشاريع بالتوجيه لدفع عجلة التنمية في المنطقة». وأوضح أن من أهم المشاريع المقدمة لقمة شرم الشيخ هي «الربط البحري العربي، استكمالاً للقرار الخاص بربط الطرق والسكك الحديد». وشدد على أن مشروع ربط شبكات الانترنت العربية «يخدم البنية التحتية لقطاع الاتصالات والمعلومات، ويفعِّل كفاءة الخدمات المقدَّمة عبر الانترنت في التعليم والتجارة وغيرها واستمرار التواصل الإلكتروني بين الدول العربية». ودعا إلى دعم الدول العربية «الأقل نمواً في مسيرتها نحو بناء اقتصادها وتطوير مسارات التنمية فيها». وأشار موسى إلى تلقيه «خطاباً من الرئيس محمود عباس يتعلق بالمشاريع العربية لدعم صمود القدس، ليس من الناحية السياسية ولكن مع العناصر الاقتصادية من تعزيز عناصر الوجود العربي الفلسطيني، والممتلكات الفلسطينية في القدسالشرقية، وهذا يجب أن يحصل على اهتمام الجميع». ولاحظ «تنفيذ قرارات قمة الكويت بدرجات متفاوتة لكن لا بأس بها»، مشيراً إلى مبادرة الكويت بإنشاء صندوق لدعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة. وأعلن أن حجم المساهمات الرسمية في هذا الصندوق «وصل إلى 1.3 بليون دولار». ثم بدأت الجلسة المغلقة للمجلس. وأكد موسى، في مؤتمر صحافي مشترك مع رشيد بعد الاجتماع الوزاري، رداً على سؤال حول أحداث تونس، أن الإصلاح الاقتصادي وكذلك السياسي «أمر ضروري، ولا يجب أن يطغى أحدهما على الآخر»، مشدداً على أهمية «التزام أهداف محاربة الفقر والبطالة وتشجيع المرأة وإدخالها في عملية التنمية». ولفت رشيد إلى أن الدول العربية «توجهت إلى اقتصاد السوق الحر، وبالتالي لا يصلح الاصلاح الاقتصادي من دون تنمية شاملة وإصلاح سياسي واجتماعي». وأكد أن الهدف هو «مواجهة تحديات التنمية، ولا حلول سريعة للوصول إلى التنمية، لأن لا مجال لخلق فرصة عمل واحدة من دون استثمار». ولم يغفل «الضغوط التي تتعرّض لها الدول العربية نتيجة ارتفاع أسعار الغذاء، لكن ليس هناك حلول سريعة، فلا بد من جذب الاستثمارات وزيادة الإنتاج». وأعلن أن العرب «يسعون إلى توفير 40 مليون فرصة عمل خلال السنوات المقبلة». وعلى هامش المؤتمر، أشار وزير المال السعودي إبراهيم العساف في تصريح الى «الحياة»، الى إن السوق العربية المشتركة «ليست شعاراً، والوصول إليها أصبح ضرورة، نظراً إلى التطورات الاقتصادية العالمية التي تفرض تحديات جديدة، إذ تتجه الاقتصادات الاقليمية إلى الاندماج». وأكد وزير التجارة المصري وجود «تعهدات عربية تقضي بخفض البطالة بنسبة 50 في المئة خلال السنوات العشر المقبلة من خلال العقد العربي للتشغيل 2010 - 2020، الذي أُقرّ في القمة الاقتصادية والاجتماعية في الكويت لتصل إلى 7 في المئة فقط بحلول عام 2020». ولفتت وزيرة الاقتصاد والتجارة السورية لمياء العاصي، إلى أن المرحلة الأخيرة لقيام الاتحاد الاقتصادي العربي، «تقتضي إصدار عملة موحدة وإنشاء بنك مركزي عربي وتفعيل صندوق النقد العربي في كانون الأول (ديسمبر) 2020». ودعا وزير التجارة الجزائري مصطفى بن بادة، الدول العربية إلى «ضرورة التنسيق في عملية استيراد السلع الاستهلاكية الغدائية حتى تتمكن من تأمين ما تحتاج إليه من غداء بأسعار تفضيلية».