منّوا أنفسهم حينما بدأت تداعب قطرات المطر منافذ منازلهم بعد منتصف ليل السبت بالخروج عقب توقفه إلى الاستمتاع بأجواء صحوةٍ، تداعبهم فيها نفحات النسيم العليل وهم يتسامرون حتى انبلاج خيوط الفجر الباكر، بيد أنه لم يدر بخلد سكان حي السامر أن مجرد فكرة الخروج من المنزل إلى حيث مواقف سياراتهم سيكون ضرباً من المستحيل، ومهمة تتطلب تدخل جهات لم يستطع أحد الأهالي الوصول إلى مسؤوليها فضلاً عن حضور أحدهم إلى موقع الحي المتضرر. وعقب ساعات نوم متقطع، غلب عليها التفكير في مآل ما ستكون عليه منازلهم المفزوعة من تربص المياه بها، استيقظ «السامريون» وقد تبددت أحلامهم بمتعة الأجواء وتبدلت إلى تعاسة وبؤس وشقاء. وعاش سكان الحي لحظات عصيبة منذ فجر أول من أمس (السبت) مع الأوحال والطين وسوء الطرقات التي غمرتها مياه الأمطار الغزيرة، في سيناريو مشابه للذي عانوا منه قبل أسبوعين من الآن، ولفتوا إلى مدى حجم الضرر والمعاناة التي جابهوها في ذلك الوقت. «معاناتنا متكررة»، بهذه العبارة بدأ المواطن عبدالعالي الحربي حديثه إلى «الحياة». وتابع: «في كل مرة يهطل فيها المطر نعاني المعاناة نفسها و«الكلاكيت» يتكرر وليس هناك علاج نافع ولا حل ناجع مع مشكلتنا التي نعاني منها منذ أعوام عند سقوط الأمطار». وأضاف: «منازلنا طمرت بالوحل والطين والمياه المختلطة، ومياه شربنا اختلطت بمياه الصرف الصحي ولا مغيث ولا مجيب، وكلما اتصلنا على جهة من الجهات المختصة يرمون بنا إلى جهة أخرى، وبحسب زعمهم أنها هي المسؤولة». ويزيد الحربي: «علمنا أن الدراسة تم تأجيلها، وإن لم يكن لن يستطيع أبناؤنا الذهاب إليها إلا بعد سحب المياه فهم على هذه الحال عند كل موجة مطر، الأمطار شكلت لنا هاجساً وخوفاً على ممتلكاتنا وأولادنا ونسائنا وما نخشاه يتكرر، إذ أصبحنا لاجئين في منازلنا وتحت رحمة مد الأمانة لنا بصهاريج لسحب المياه من الشارع»، مضيفاً: «الأمانة تقول لنا إن المشكلة في طريقها إلى الحل ولكن لا حل ولا مساعدة، أصبحنا وأمسينا في منازلنا ولم نجد أحداً طرق لنا باباً وكيف ذلك وهي غرقى بالمياه»، مشيراً إلى أن الأمطار التي سقطت على جدة قبل أسبوعين اضطرت سكان الحي لسحب المياه على حسابهم، إذ إن الأمانة أو أي جهة مسؤولة عن ذلك لم تلتفت إليهم. وعلّق المواطن أبو عادل على حال الحي قائلاً: «في كارثة جدة العام قبل الماضي حبسنا في منازلنا لأكثر من أسبوعين، وبعد اتصالات وبرقيات للإمارة وجهات أخرى عدة زارنا أحد مسؤولي الأمانة مطمئناً لنا أن مشكلتنا في طريقها إلى الحل ولم نره بعدها، إضافة إلى أن الأمانة تجاهلت مشكلتنا وتحولت المياه بعد فترة إلى مياه آسنة خطرة على أبنائنا، وانتهينا إلى جلب صهاريج سحب المياه على حسابنا». وأوضح أن سقوط المطر الخفيف يغرق الشارع ويغرق المنازل معه، متسائلاً: «أين مشاريع الصرف التي وعدنا بها منذ أكثر من خمسة أعوام؟، ولماذا لم تفعل؟ فهي الخلاص لنا من مشكلات الأمطار وتكوّن بحيرات المياه المختلطة، لأكثر من خمسة أعوام عانينا فيها من شق الشوارع والطرق لمشاريع الصرف والأمطار وإلى الآن لم تر النور».