تحظي مدينة الطائف بتاريخ عريق، كونها إحدى أقدم أماكن الاستيطان البشري في الجزيرة العربية، وكانت مسرحاً لأحداث هامة في التاريخ الإسلامي، وأشارت السيرة النبوية إلى أكثر من 20 مسجداً تاريخياً وأثرياً، كانت محط اهتمام الخلفاء والملوك على مر العصور. ويعد مسجد عبد الله بن عباس في المثناة من أشهر مساجد المدينة، ويقع في سفح جبل المدهون ويطل على بساتين المثناة، التي تحوي كثير من المساجد الأثرية، وتشير الروايات إلى أن المسجد بناه عبد الله ابن عباس عند قدومه إلى الطائف، والمسجد مستطيل الشكل وفيه فناء مكشوف وشُيدت أبوابه على الطراز الإسلامي، وسقف بالخشب وبني بالحجر الخالص. ويختلف هذا المسجد عن المسجد الأكثر شهرة والمعروف بمسجد أبن عباس أيضاً، إذ بني الثاني في القرن السادس الهجري في عهد الخليفة العباسي المستضيء بالله، وسمي باسم حبر الأمة لأنه يقع بالقرب من قبره، وبجواره يقع قبر محمد بن الحنفية بن علي بن أبي طالب، وأشارت روايات إلى وجود قبر ثالث في المنطقة نفسها لعبدالله بن رسول الله الملقب ب«الطاهر»، إضافة إلى وجود قبور صحابة استشهدوا أثناء حصار الطائف. وبنى المسجد على مساحة صغيرة وفي أرض ترابية مغطاة بالسعف، وحظي بالاهتمام منذ عهد العثمانيين، وجدد في عهد الملكين الراحلين سعود وفيصل، وزيدت مساحته الإجمالية حتى بلغ 15 ألف متر مربع، فيما تنفذ وزارة الشؤون الإسلامية حالياً مشروع إعادة بناء المسجد وترميمه على مساحة 145 ألف متر مربع ليتسع إلى 12 ألف مصل، ويحوي مكتبة ضخمة تضم مخطوطات وكتب. ومن أهم المساجد في الطائف «الكوع»، ويقع داخل بساتين المثناة، وهو المكان الذي قدم إليه الرسول عند زيارته الطائف للمرة الأولى، وقيل إن فيه صخرة جلس عليها النبي، وتعرض المسجد إلى الحرق في فترات سابقة، وهو عبارة عن مربع طوله ثمانية أمتار وعرضه سبعة أمتار وارتفاعه ثلاثة أمتار، وفي نهايته فناء مكشوف، ويتكون المسجد من بائكتين يتوسطهما جدار به باب معقود، فيما يوجد محراب صغير ويحيط في المسجد سور صغير يتألف من أربعة مداميك. ومن المساجد الأثرية «عداس»، الذي تشير الروايات إلى أنه شيد مكان بستان بني ربيعة، في المكان الذي إلتجأ إليه رسول الله بعد رحلته من الطائف، وسمي المسجد نسبة إلى عداس العبد المسيحي الذي قدم للنبي العنب، بعدما لاقى الرسول الأذى من أهل الطائف، ويعد المسجد تحفة معمارية سواءً في التصميم أو النقوش أو الطراز. وبالقرب من «عداس» يقع مسجد «مدهون» ويعرف أيضاَ ب«القنطرة»، وهو تحفة معمارية مميزة، وتعود تسميته لوجود قنطرة أمامه وترجع شهرة المسجد إلى منارته المميزة المصممة على شكل عمامة، وتعود إلى العهد العثماني وتبدأ من الأسفل وتنتهي في الأعلى، وبني المسجد بالحجر والجص، ويسمح سقفه المائل بانسياب المياه عليه. وهناك أيضاً مسجد «السدرة» وينسب إلى رسول الله، إذ ذكرته كتب السيرة النبوية، ويقع شرق المدينة، في بقعة قيل إن رسول الله توقف فيها عند خوله الطائف، وادخلت على المسجد الكثير من الإصلاحات حتى اختفت معالمه الأثرية. ومن المساجد «الخبرة» ويقع في بساتين المثناة، وقريب من مسجد الكوع، ويعد من أهم المساجد التراثية في الطائف، ويقال إن الرسول شرب من البئر الموجودة في ذلك الموضع، وشهد المبنى تجديداً في العصر الحديث.