توالت أمس المواقف المتباينة من تسمية رئيس الحكومة المقبلة، إلا أن أطراف قوى 14 آذار أجمعوا على إعادة تكليف الرئيس الحريري بالمهمة، وحذروا المعارضة من إدخال البلاد في مغامرة خطرة. ورأى الرئيس أمين الجميل أن «استقالة الحكومة تدخل في إطار مخطط قديم جديد يرمي الى أخذ البلد الى المجهول وفرض منحى خطير على السياسة اللبنانية». وقال لإذاعة «لبنان الحر»: «كان الأجدر بنا أن نرصّ صفوفنا وأن نعزز الحوار الداخلي لتكون لنا مقاربة مشتركة، ووسط كل هذه التحديات علينا كفريق 14 آذار رصّ الصفوف وتجميع قوانا لمواجهة كل المخططات التي تحاك ضد البلد، ونؤكد وقوفنا الى جانب الرئيس سعد الحريري لأن من مصلحة البلاد أن يعاد تكليفه لتشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن، كما نحن الى جانبه في الاتجاه نفسه لنتفق على حكومة بكل معنى الكلمة يكون ولاؤها للبنان أولاً وأخيراً لتعالج كل مشاكل الناس الاجتماعية والمعيشية». ولفت الجميل الى أن «التواصل قائم مع الحلفاء للتفاهم على طريقة لمواجهة المرحلة»، ودعا الى «الحفاظ على تحالف 14 آذار وعلى إنجازات ثورة الأرز». وشدد الجميل على وجوب أن «نعرف ماذا نريد ونحدد المسار الذي علينا أن نسلكه قبل أن يتحدد من الخارج، لأن الدول يمكن أن تساعد أما إذا لم نؤكد كلبنانيين حقنا ومصالحنا فلن يستطيع الخارج أن يساعدنا». السنيورة وأكد رئيس «كتلة المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة أن «الرئيس سعد الحريري مرشح لترؤس الحكومة العتيدة، وهذا ليس طمعاً في البقاء بالسلطة بل خدمة للمشروع الوطني الكبير الذي بدأه الرئيس الشهيد رفيق الحريري وتابعنا مسيرته وسيستمر الرئيس سعد الحريري على مساراته لإعلاء شأن لبنان الدولة وتحقيق النمو والتنمية والازدهار والكرامة لجميع اللبنانيين». واعتبر أن «استقالة وزراء 8 آذار مغامرة دستورية ليست في مصلحة السلامة الوطنية وفيها خروج للمستقيلين عما اتفق عليه وإمعان في مخالفة منطق التوافق الوطني وصيغة حكومة الوحدة الوطنية التي لطالما تغنوا بها وبضرورة اعتمادها والتزام قواعدها من دون أن ينتقص ذلك من قدرتهم ورغبتهم في ممارسة نقيضها دائماً ومنذ البيان الوزاري»، واصفاً هذه الخطوة بأنها «محاولة تغيير القواعد والأصول والأعراف توصلاً الى تغيير التوازنات». وقال السنيورة خلال العشاء السنوي الذي أقامه «تيار المستقبل» - منسقية الجنوب في صيدا، في حضور النائب بهية الحريري: «نحن اليوم على مسافة يومين من انطلاق الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس جديد للحكومة. ربما يشعر بعضهم إزاء هذه الأوضاع، وما جرى وما يمكن أن يجري، بشيء من القلق أو الارتباك أو التوتر، لكنني اغتنم هذه المناسبة لأقول لكم، اتركوا مسألة القلق والتوتر جانباً فنحن لن نسمح لهما بأن يدخلا الى نفوسنا أو يحملانا على الارتباك أو يؤثرا في قراراتنا والتزاماتنا تجاه لبنان الدولة. لا تتركوا جانب اليقظة والالتزام الكامل بثوابتنا، فنحن واثقون ومؤمنون بلبنان العربي السيد والحر والمستقل وملتزمون قضيتنا ومؤمنون بنضالنا. انه نضال حق ونحن ندافع عن وطننا لبنان لنحمي الجمهورية والدولة في وجه المنزلقات ومشاريع تغيير الهوية الوطنية اللبنانية المنفتحة». وتابع قائلاً: «صحيح أن الاستقالة من صلب الممارسة الديموقراطية، لكن الصحيح أيضاً أن هذه المغامرة الدستورية ليست في مصلحة السلامة الوطنية، والدوافع الحقيقية لهذه الاستقالات ليست محاولة لتطبيق مبدأ التداول الديموقراطي للسلطة، بل تذهب الى أبعد من ذلك، الى محاولة تغيير القواعد والأصول والأعراف توصلا الى تغيير التوازنات». وتحدث السنيورة عن «ثوابت ومرتكزات تمكننا من الاستدلال والاستعلام ونحن نخط طريقنا على مسارات هذه المرحلة الدقيقة المقبلة، وأولاها تمسكنا بالعيش المشترك الإسلامي - المسيحي والعيش الواحد بين مختلف مكونات المجتمع اللبناني واعتبارنا لبنان دولة عربية الانتماء والهوية، والتزامنا اتفاق الطائف واحترام الدستور. وثاني هذه الثوابت، تمسكنا بالنظام الديموقراطي والجمهورية اللبنانية إطاراً ونظاماً يجمعنا، ونتنافس فيه ديموقراطياً وعبر الوسائل والأساليب السلمية، ورفضنا التام اللجوء الى العنف بكل أنواعه وابتعادنا عن الاستعلاء وفرض الهيمنة بكل أنواعها وخصوصاً ما يؤدي الى تصديع الثقة بين اللبنانيين وزعزعة الاستقرار والوحدة الوطنية أو القيام بأي عمل يؤدي الى تعريض لبنان للمخاطر على اختلافها من دون وازع أو رادع وطني. من هنا نعيد تمسكنا بالدولة ووحدتها وسيادة لبنان وحريته وبالحفاظ على ميزات لبنان في التنوع والانفتاح والتسامح ومبدأ قبول الآخر وقناعتنا الراسخة بأن هذا اللبنان هو حاجة عربية وإسلامية يجب أن نحافظ عليه خدمة لنا ولأبنائنا وخدمة أيضاً لجميع العرب والمسلمين». وقال: «من ثوابتنا أيضاً، التمسك بالعلاقات العربية - العربية القائمة على الأخوة الصادقة المستندة إلى التعاون المشترك على أساس الاحترام المتبادل لنظام كل بلد من البلدان العربية واستقلاله، ويأتي في هذا السبيل حرصنا الأكيد على تثبيت العلاقات اللبنانية - السورية على أسس راسخة وأكيدة لما فيه مصلحة البلدين الشقيقين. ونتمسك كذلك بتحرير الأرض ومواجهة العدوان الإسرائيلي صفاً واحداً ويداً وطنية لبنانية واحدة وبالعدالة والمحكمة الدولية الخاصة بلبنان وسيلة لكشف حقيقة جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه الشهداء الأبرار ونعتبر المحكمة الدولية وسيلة لتحقيق هذه العدالة وتأميناً للحياة السياسية الحرة الكريمة لكل اللبنانيين وتعزيزاً للاستقرار والأمن في البلاد». منيمنة وذكّر الوزير في حكومة تصريف الاعمال حسن منيمنة في حديث الى «اخبارية المستقبل» ب«الطرح إبان إعادة انتخاب الرئيس نبيه بري رئيساً للمجلس النيابي، وأن الأمر من حق الطائفة الشيعية الكريمة، وان لا شروط على الانتخاب»، وقال: «الآن يجري أمر آخر في موقع الرئاسة الثالثة والبلد على أبواب معركة سياسية ويجب أن تتلقفها قوى 14 آذار لإعادة تركيب ذاتها وتخوض المعركة السياسية على ثوابت 14 آذار، وهي فرصة لإعادة إحياء 14 آذار وثوابتها الرئيسة لاستكمال معركة الاستقلال». ورأى «ان هناك قوة سياسية لها فائض قوة تملكه يدفعها الى مغامرات لا تقدر عواقبها ولا تقدر نتائجها، والى خرق الأعراف والتقاليد السياسية التي قام عليها لبنان ولفرض نظام لبناني جديد وإدخال تعديلات أساسية لمصلحتها». وقال: «حتى فكرة التوافقية والميثاقية التي روّجوا لها ولسنوات، لم يتوانوا في كل لحظة في الحكومة من خلال التعطيل عن القول إن هذه الصيغة غير قابلة للحياة، وفي هذا هم على حق. كل تجربة حكومة الوحدة الوطنية التي دفعوا الجميع اليها افشلوها عمداً». واذ رفض التصنيف الذي «تلجأ له المعارضة لتحديد مواصفات رئيس الحكومة العتيدة»، أكد «ان كلام الرئيس الحريري من بعبدا كان في غاية الوضوح، وهو كلام هادئ وعقلاني، وما زالت الدعوة الى الانفتاح والحوار قائمة حتى مع خروج الفريق الآخر عن الأعراف والاتفاقات المعقودة». وشدّد منيمنة على ان وزارة التربية تعكف على «تحييد هذا القطاع التربوي عن الأزمة السياسية وتسعى ليكون العام الدراسي عادياً على رغم الهزة السياسية». بارود وأعلن وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال زياد بارود انه يراهن «في هذا الظرف الصعب الذي نمر فيه على دور البلديات في حماية السلم الأهلي وحماية القرار اللبناني، لأنه مهما اختلفنا في السياسة ومهما كانت هناك تحديات كبيرة يبقى بلدنا وقرانا بحاجة الى احتضان، مسؤولية البلديات التي هي على تماس مع الناس أن تعمم ثقافة الاختلاف بحضارة، الاختلاف من دون أن نقتل بعضنا بعضاً». نواب وتعليقاً على الكلمة التي ألقاها الرئيس الحريري مساء أول من أمس من القصر الجمهوري، اعتبر عضو كتلة «المستقبل» النيابية أحمد فتفت انه «وضع النقاط على الحروف»، وشدد على أن «المعركة الحالية ليست معركة المحكمة بل معركة المؤسسات والالتزام بالمواثيق والتعهدات». واعتبرت النائب بهية الحريري «أن الدولة الحاضنة والعادلة هي الوحيدة القادرة على تأمين سلامة الناس واستقرارهم، وأنّ مؤسّساتها الدستورية هي الإطار الوحيد لحوارهم، واتفاقهم، واختلافهم، على أن تكون الغاية الأساس مصلحة الوطن والمواطنين»، ودعت الى «قيام الدولة بشروط الدولة وليس بالشّروط على الدولة». وشددت على «أنّ تحديات الدولة تحتّم علينا احترام حقوق كلّ المكوّنات اللبنانية من دون طغيان جماعة على أخرى، فما هو محرّمٌ على فئة، محرّمٌ على الجميع، فلا تحريم وتجريم على سقفٍ واحد، وكنّا ولا نزال لا نملك إلاّ لغة الحوار، واليد الممدودة، وتغليب اللقاء على الفرقة». ورأى عضو كتلة «المستقبل» عاطف مجدلاني أن الرئيس الحريري أعاد من خلال كلمته من بعبدا «الثوابت الوطنية التي تألّفت على أساسها الحكومة السابقة»، لافتاً الى أن «المساومة على المحكمة الدولية أمر مستحيل». الجماعة الإسلامية وأكد نائب «الجماعة الإسلامية» عماد الحوت أن «لا يمكن بأي حال من الأحوال ديموقراطياً تجاوز كتلة نيابية كبيرة تمثل شريحة كبيرة من اللبنانيين، كما لا يمكن تجاوز رأي طائفة كبيرة معنيّة برئاسة الحكومة، وبالتالي فإن الأمور ذاهبة إلى تشاور للوصول إلى توافق على ما تريده الطائفة السنّية في موقع رئاسة الحكومة». وشدد على أن «غير ذلك من شأنه أن يُدخل البلاد في نفق جديد من الأزمة قد يؤدي إلى نتائج قد لا تحمد عقباها». وإذ نفى منسق الامانة العامة لقوى 14 آذار فارس سعيد الأنباء المتناقلة عن عقد اجتماع للأمانة في «بيت الوسط» امس، رأى، في حديث الى موقع «المستقبل» الالكتروني، ان «الوضع شديد الخطورة وتبين لنا ان اسقاط الحكومة لا يتعلق باحتساب الاصوات او بفشل سعد الحريري في ادارة البلاد، وإنما يعبر عن وجهة الفريق الآخر في عرقلة كل شيء»، وقال: «لبنان اليوم في مرحلة تقرير وجهته للمرحلة المقبلة بين فريق يؤمن باتفاق الطائف والمحكمة الدولية والشرعية الدولية، وفريق انقلابي يريد ربط لبنان بأجندات اقليمية وبإرادات ونفوذ لدول اقليمية». ولفت الى ان «لا دلائل على اتجاهات نواب اللقاء الديموقراطي في الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة المقبلة، لكننا نؤكد حقيقة ثابتة هي ان نواب اللقاء فازوا في الانتخابات بأصوات الناخبين المؤيدين ل 14 آذار».