نائب أمير الرياض يعزي زبن بن عمير في وفاة والده    عشريني ينافس العمالة بالتكييف والتبريد    كرة ذهبية في قاع المحيط    العثور على بقايا ماموث في النمسا    أسرار في مقبرة توت عنخ آمون    المملكة تدين التصعيد الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية وسورية    بلان يكشف سر مشاركة أوناي    5 آلاف مسجد تاريخي في تونس    جامعة جدة تبدأ القبول لبرامج الدراسات العليا    1701 زيارة تفتيشية على أسواق الجوف    مجمع الملك سلمان يوسّع حضوره الدولي ويستعد لمؤتمره السنوي الرابع    تدشين معرض «في محبة خالد الفيصل»    مطلقات مكة الأكثر طلبا لنفقة الاستقطاع الشهري    خطيب المسجد الحرام: مواسم الخير لا تنقضي وأعمال البر لا تنقطع    إمام المسجد النبوي: الاستقامة على الطاعات من صفات الموعودين بالجنة    قيادتنا متفردة عالمياً    كيف تحمي طفلك من قصر النظر؟    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء في جدة يعيد زراعة أذن مبتورة بنسبة تزيد على "50"%    مستشفى الرس.. مبادرة مبتكرة لتحسين تجربة المرضى    العيد بين الفرح والقلق    الفنان التشكيلي سعود القحطاني يشارك في معرض جاليري تجريد 2025    التعادل يحسم ديربي جدة بين الأهلي والاتحاد في دوري روشن للمحترفين    بلدية الدمام تعايد مسؤولو ومرضى مستشفى الملك فهد بالدمام    الديربي حبايب    أنشيلوتي يعترف بضعف فرص الريال في المنافسة على لقب الدوري الإسباني    شرطة الرياض تقبض على (21) شخصًا لانتحالهم صفة غير صحيحة وسرقة المارة والمنازل    الاثنين المُقبل.. انطلاق منتدى الاستثمار الرياضي في الرياض    ورث السعودية على الطرق السريعة    فينالدوم يهدي الاتفاق التعادل مع القادسية    رئيس الوزراء الهندي يعتزم زيارة السعودية    الجمارك تسجل 1071 حالة ضبط للممنوعات خلال أسبوع    «الألكسو» تدعو إلى حماية المخطوطات العربية وحفظها ورقمنتها    لودي: علينا العمل بهدوء من أجل استعادة الانتصارات    دي بروين يستعد لخوض آخر ديربي في مسيرته مع مانشستر سيتي    الخارجية الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي قتل أكثر من 17952 طفلًا خلال العدوان المستمر على غزة    محافظة حريملاء والبلدية تحتفلان بالعيد    الصين: سنواصل اتخاذ إجراءات حازمة لحماية مصالحنا    تعليم جازان يعتمد مواعيد الدوام الصيفي بعد إجازة عيد الفطر    ارتفاع صادرات كوريا الجنوبية من المنتجات الزراعية والغذائية في الربع الأول من عام 2025    أسعار النفط تسجل تراجعًا بنسبة 7%    الشيخ أحمد عطيف يحتفل بزواج ابنه المهندس محمد    الجيش الأوكراني: روسيا تنشر معلومات كاذبة بشأن هجوم صاروخي    نائب أمير مكة يدشّن معرض "في محبة خالد الفيصل" في جدة    بلدية رأس تنورة تختتم فعاليات عيد الفطر المبارك بحضور أكثر من 18 ألف زائر    العماد والغاية    نهضة وازدهار    المملكة تستضيف "معرض التحول الصناعي 2025" في ديسمبر المقبل    مركز 911 يستقبل أكثر من 2.8 مليون مكالمة في مارس الماضي    ودعنا رمضان.. وعيدكم مبارك    الملك وولي العهد يعزيان عضو المجلس الأعلى حاكم أم القيوين في وفاة والدته    المملكة تدين اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي للمسجد الأقصى    العثور على رجل حي تحت الأنقاض بعد 5 أيام من زلزال ميانمار    نفاذ نظامي السجل التجاري والأسماء التجارية ابتداءً من اليوم    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة حتى الاثنين المقبل    بلدية محافظة الشماسية تحتفل بعيد الفطر المبارك    وزارة الصحة الأمريكية تبدأ عمليات تسريح موظفيها وسط مخاوف بشأن الصحة العامة    محافظ الطوال يؤدي صلاة عيد الفطر المبارك في جامع الوزارة ويستقبل المهنئين    الأمير سعود بن نهار يستقبل المهنئين بعيد الفطر    









خطأ تاريخي في تاريخ ابن لعبون
نشر في الحياة يوم 15 - 01 - 2011

يعد الشيخ حمد بن محمد ابن لعبون، المتوفى قريباً من عام 1260ه، صاحب كتاب «تاريخ حمد بن محمد ابن لعبون»، من مؤرخي نجد المتميزين في القرن الثالث عشر الهجري، ولكنّ تأخُّر نشر كتابه، على الرغم من أهميته، أفقده الكثير من الأهمية لدى دارسي التاريخ السعودي الحديث.
لهذا، يُشكر للدكتور عبدالعزيز بن عبدالله ابن لعبون، أستاذ الجيولوجيا في جامعة الملك سعود، المعروف عند الكثيرين، قيامُه على تحقيق هذا العمل ونشره، مع ما تنامى إلى علمي من قيام الدار بتكليف أحد الأساتذة على تحقيقه مرة أخرى.
وقد استوقفني في هذا التاريخ، الذي يقع في (784) صفحة ونشر في الكويت عام 1429ه/ الموافق 2008م، حدث واحد حاولت أن أتناوله وأعرض له، نتيجة ما يحمله هذا الحدث من إشكالات سوف تبرز خلال هذا العرض.
أقول إن أبرز ما استوقفني في هذا التاريخ هو: لماذا اختلف تحديد شهر اغتيال الإمام تركي بن عبدالله بن محمد؟ وما أسباب هذا الاختلاف مع غيره من المؤرخين المعاصرين لهذا الحدث المهم والمعاصر للمؤلف ابن لعبون؟ وهل ما أورده هو الصحيح؟ أو ما ورد عند غيره هو الأصح؟
وإذا افترضنا جدلاً أن ابن بشر في «عنوان المجد»، نقل عن ابن لعبون هذا الحدث، والفاخري نقل عن ابن بشر، الذي هو مصدره في غالب تاريخه، فلماذا لم ينقل أي من المؤرخَيْن، ابن بشر والفاخري، عن ابن لعبون هذا الاختلاف، ولماذا اختلفا عنه؟
فهذا يقودني شخصياً إلى أن أسأل نفسي مرة أخرى: هل ابن بشر اعتمد كلياً على كتاب ابن لعبون، أم كان مجرد اعتماده على ما يجد أنه صواب، فإن خالف ابن لعبون الصواب لم يتابعه؟
فهذا، إن صح، أمر يُحمد للمؤرخ ابن بشر، الذي يعد كتابه «عنوان المجد»، بما يحويه من تفاصيل للأحداث، خيرَ كتاب يُعتمد عليه في تاريخ الدولتين: السعودية الأولى وجزء من الدولة السعودية الثانية.
أعود إلى الحدث الذي ألمحت إليه، فأقول إن حادثة اغتيال الإمام تركي بن عبدالله، حسب ما ورد في تاريخ ابن لعبون، جاءت على هذا النحو:
«وفيها (أي 1249ه)، في يوم الجمعة آخر شهر ذي القعدة: قتل الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود رحمه الله تعالى، بعدما خرج من المسجد بعد صلاة الجمعة»، وهنا وقع اتفاق واختلاف، فالاتفاق كان على تحديد السنة، وهي عام 1249ه، والاختلاف كان في تحديد الشهر.
وعلى أهمية هذا التاريخ، وما اشتُهر من أن اغتيال الإمام تركي كان في آخر ذي الحجة سنة 1249ه، وليس في شهر ذي القعدة، فإنني لم أجزم أيهما يكون هو الصحيح؟
ومع اشتهار ما أورده ابن بشر، ومتابعة الفاخري له، إلا أن رأي ابن لعبون لا بد أن يؤخذ في الحسبان، للمعاصرة، لهذا أعتقد أن ما أورده مُهم للحدْس التاريخي، وخصوصاً أن معاصرته للأحداث لا تختلف عن معاصرة غيره، فهل أصاب في ما كتب؟ أم أن غيره هو الذي وقع عنده الصواب؟
لهذا، فإن أمر تحديد أي شهر أصح يُترك إلى أشياء أخرى لا تقل أهمية، مثل:
وصية الإمام تركي، أو وثيقة توزيع إرثه، أو حصرها، أو أي شي متعلق به، كما يمكن أن نطلع على مصادر أو وثائق أخرى غير ما جاء عند ابن لعبون وابن بشر والفاخري.
وهذا الحدث نفسه الذي، هو اغتيال الإمام تركي، قادني إلى أن أتناول في السياق نفسه مَن شارك في ذلك الحدث، ومَن كان الفاعلَ والمدبّرَ لاغتيال الإمام تركي؟
تُجمع المصادر الثلاثة المبكرة والمعاصرة التي أوردت الحدث، أن مدبر الأمر هو مشاري بن عبدالرحمن بن مشاري بن سعود. فمن يكون مشاري هذا؟ وما صلته بالإمام تركي؟ وهل اسمه متفق عليه؟
أوْرد ابن لعبون (ص 705) اسم القاتل كاملاً بهذه الصفة:» قتله مشاري بن عبدالرحمن بن مشاري بن سعود».
أما ابن بشر (ص 343-344) فقد جاء عنده ما نصه، بعد ذِكْرِهِ مقتلَ الإمام تركي ليعرف بالقاتل: «وذلك أن مشاري بن عبدالرحمن بن مشاري بن سعود من الذين نقلهم إبراهيم باشا إلى مصر...»، وعلى هذا، فالاسم لا يختلف عنده عما ذكره ابن لعبون.
أما الفاخري (ص 207)، فيذكر الاسم ثنائياً فقط: «وفي سنة 1250ه، قُتل مشاري بن عبدالرحمن بعد قَتْلِهِ تركي بن عبدالله...».
وأضيفُ إلى هذه المصادر الثلاثة مصدراً رابعاً هو: تاريخ بعض الحوادث لابن عيسى، الذي ورد فيه اسم القاتل ثلاث مرات:
أولاهما: في عام 1241ه (ص114).
وثانيتهما: في عام 1249ه.
والأخيرة في عام 1250ه (ص118).
وعن صلته بالإمام تركي، فقد جاءت بصفتين في هذه المصادر السابقة، يستثنى من ذلك ابن لعبون. أما ابن بشر، فقد جاء ذكر مشاري موصوفاً بصلة القرابة بالإمام تركي، مرة: ابن عم (ص331)، وثانية: بصيغة خاله - يعني أن الإمام هو خاله - (ص307)، وأخيراً جمعاً بين صيغة: خاله – أي تركي خالاً لمشاري- وابن عمه (ص344).
وقد تابع ابنُ عيسى ابنَ بشر في ذلك، فمرة جعله خاله، أي تركي خالاً لمشاري (ص114)، ومرة جعله ابن عم له (ص118).
وهنا يظهر جلياً أن الاسم متفق عليه بين المصادر، وأن الخلاف جاء عند من حقق بعض هذه المصادر، ثم نقلت المراجع بعضها من بعض، لهذا نجد أن معالي الشيخ الدكتور عبدالله الشبل، عندما علق على الفاخري في هامش تاريخه، أورد أن صحة الاسم-بزعمه- هو مشاري بن عبدالرحمن بن حسن بن مشاري بن سعود، من غير مُسوِّغ لهذا الاجتهاد ولا دليل، (ينظر تاريخ الفاخري هامش 3 ص 207).
ومع أهمية هذه الشخصية إلا أن المتابع لهذا الحدث والاسم المذكور فيه يجد فيه إشكالاً. وقد أورد ابن بشر دلالة مهمة عن هذه الشخصية تساعد على معرفتها بشكل أدق، فقد ذكر أن القاتل هو ابن أخت الإمام تركي، كما أنه في مقام ابن العم في الوقت نفسه.
وبهذا نفهم أن والدة مشاري بن عبدالرحمن بن مشاري بن سعود كانت أختاً للإمام تركي رحمه الله، ومع ذلك لم نجد لهذه الأخت الشهيرة ذكراً لدى كل من اهتم بمشجرة آل سعود قديماً، كالشيخ عبدالرحمن بن عبداللطيف آل الشيخ في «نسب آل سعود»، أو التميمي في «مشجرته»، أو في «الجداول الأسرية» لشيخنا عبدالرحمن الرويشد، أطال الله في عمره.
كما أن مشاري بن عبدالرحمن نفسه، الذي قَتَلَ الإمام تركي، لم يرد له ذكر في كتاب الجداول الأسرية، وأما الذي ذُكر في كتاب الجداول فهو: مشاري بن عبدالرحمن بن حسن بن مشاري بن سعود، وليس مشاري بن عبدالرحمن بن مشاري بن سعود، فليُتنبَّهْ إلى ذلك.
كما جاء أيضاً، على غلاف مخطوط شرح العمدة للمقدسي الحنبلي، اسم نورة بنت عبدالرحمن بن مشاري بوصفها واقفة للمخطوط، ولم أجد لها ذكراً عند أحد من الباحثين.
وبهذا أقول إن مشاري بن عبدالرحمن، وأخته نوره، لم يرد لهما ذكر في أي من الكتب التي عُنِيَتْ بأسرة آل سعود المباركة.
وفي الختام أجدني مدعوّاً إلى القول بأهمية أن يُعاد النظر بالتصحيح والتكميل عند إعادة طبع كتاب «الجداول الأسرية لسلالات العائلة المالكة السعودية»، وأن يُدعم شيخنا الشيخ عبدالرحمن الرويشد، وتُهَيَّأ له السبل في ذلك، ليتمكن من إتمام عمله بالوجه المأمول منه، بعد أن يتعاون معه جميع أبناء أسرة آل سعود وغيرهم من ذوي الصلة، ممن يحتفظون بمخطوطات أو وثائق فيها ذِكر لأيٍّ من آل سعود، وعندي الكثير من الملحوظات التي يمكن أن أقدمها في دعم مثل هذا العمل.
* باحث وأكاديمي في جامعة الملك سعود


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.