أكد الدكتور فهد العرابي الحارثي انه لا يدعو الى التخلّي عن المبادئ والقيم والمعتقدات الدينية او الوطنية، وانه ينتمي في الاصل الى أسرة عربية معروفة، وأن إلحاحه في تعلم اللغة الانكليزية منذ الصغر في التعليم وانتشارها بين افراد المجتمع ليس إبعاداً وهدماً للغة العربية، موضحاً في محاضرته عن «الجغرافيا الشفافة ومفتاح المعرفة الجديدة»، التي قدمها الثلثاء الماضي في نادي جدة الأدبي، انه «لا يمكننا انكار ان اللغة الانكليزية اليوم هي مفتاح المعرفة الجديدة، لما تشكله من انتشار واسع لدى شعوب العالم وفي التقنية التكنولوجية الحديثة، اذ تصل نسبة استخدامها 98 في المئة، بينما تحتل اللغات الاخرى ومنها العربية 2 في المئة فقط خصوصاً في مجالات الشبكة العنكبوتية». وقال: «إن الانترنت اليوم يلعب دوراً كبيراً في التأثير على الرأي العام، ويأتي في المرتبة الثالثة بعد المال وتعاليم الكنيسة في الولاياتالمتحدة الاميركية، وأصبح انتشاره أكثر من محال أفران الخبز». واكد الحارثي ان الانكليزية هي لغة الثقافة الكونية الجديدة والناقل الرسمي للمعرفة، مستشهداً بالتجربة الهندية في محاربة الفقر والبطالة بين الشباب الهندي، «من خلال امتطاء المعرفة عن طريق تأسيس دور تعلم الانكليزية، واقبال الهنود على تعلمها، ما جعل اهم شركات الحاسوب اليوم تستعين بهم وتصنع ادواتها لديهم، وأصبح الشباب هم البترول الحقيقي للدولة ومثلهم ايضاً اليابانيون والصينيون والماليزيون وسواهم»، معترفاً بأن تقنية النانو «التي هي مزيج من الكيمياء والفيزياء والهندسة وغيرها، ستحدث نقلة كبيرة في تركيبة العالم وتقنيته المستقبلية ويستحيل التكهن بنتائجها». وأشار المحاضر الى ان الاعتداد القومي (الشوفينية) لدى دولة مثل فرنسا، «خف عما كان عليه في السابق، بدليل ان الرئيس الحالي لفرنسا ساركوزي وزوجته ليسا من اصول فرنسية خالصة، وان النظرة اليوم تتطلب مواكبة لايقاع الحياة، وما يمكن ان تحدثه في المستقبل وبخاصة في اللغة»، مستشهداً بالمقولة الشهيرة للراحل ادوارد سعيد، حين أكد ان اللغة اليوم «اذا لم تكن هجينة لن يكون هناك ثراء في الثقافة»، موضحاً أن اللغات اليوم «تداخلت كثيراً، ولا يجب ان تظل العربية غير مواكبة لما يحدث في اللغات الاخرى، فالتقنية اليوم مع الاسف تنتج عند غير العرب والمصطلحات التكنولوجية معظمها بالانكليزية». وبين الحارثي ان الانسان «قضى 10 آلاف سنة ليتحول من الصيد الى الزراعة، و3 آلاف سنة لينتقل من الزراعة الى الصناعة، لكنه تعلم كيف يتعامل مع التقنية في سنوات معدودة كالتعامل السريع مع الانترنت والهاتف المحمول وسواها»، مختتماً حديثه بالقول: «ان اللغة العربية هي لغة ديني ولا خوف عليها، لان ما يسندها هو الكتاب العظيم القرآن الكريم ونحن نفاخر بها أينما كنا». وشهدت المحاضرة مداخلات عدة أبرزها ما قاله الدكتور عزت خطاب من أن الحارثي «خوفنا الليلة من تقنية النانو، وتساءل اين سيكون الانسان منها هل «سيتشيأ» مثلاً؟». مضيفاً: «إن هناك اتجاهاً ايضاً من مختلف دول العالم الى تعلم اللغة الصينية، لما يشكله الاقتصاد الصيني اليوم والذي ربما سيسيطر على مجريات الاقتصاد العالمي قريباً». وقال الدكتور زيد الفضيل: «يجب علينا ان نفرق بين اللغة العلمية، والتي تكون دائماً مفتاحاً لمعارف عدة على عكس اللهجة المحكية والتي تكون غير ذلك».