فجّرت وفاة السلفي السيد بلال (32 عاماً) غضب شباب الدعوة السلفية في مدينة الإسكندرية (شمال مصر) الذين أطلقوا دعوات إلى «القصاص» وطلبوا من قادة الحركة ضرورة اتخاذ «موقف حازم» إزاء الحادث. وسعى «شيوخ السلفية» في المدينة إلى تهدئة الأمر لمنع صدام مع الدولة. وكانت أسرة الشاب السيد بلال اتهمت أجهزة الأمن بالتسبب في وفاته جراء التعذيب أثناء التحقيق معه على خلفية حادث كنيسة القديسين في الاسكندرية الذي راح ضحيته 23 قتيلاً وعشرات الجرحى في أولى ساعات العام الجديد. وانتشرت على مواقع الانترنت صور وأشرطة مصورة لشاب طليق اللحية مسجى على ألواح خشبية، وبدت جروح في مناطق متفرقة من جسده. وذكر نشطاء في منتديات إسلامية وسلفية عدة أن الصور لجثة شاب يدعى السيد بلال (32 عاماً). وأُفيد أن أجهزة الأمن اعتقلته مساء الأربعاء الماضي للتحقيق معه في حادث الهجوم على كنيسة القديسين، إذ أنه من النشطاء السلفيين الذين قادوا التظاهرات المطالبة ب «تحرير» كاميليا شحاتة ووفاء قسطنطين زوجتي القسين اللتين تردد أنهما أسلمتا وتحتجزهما الكنيسة في أحد أديرتها. وقالوا إن أجهزة الأمن عذبت بلال حتى فارق الحياة وأرغمت أهله على دفنه بعد أن صلى عليه عدد من شيوخ السلفية في الإسكندرية تحت حراسة أمنية مشددة. وقال شباب من السلفيين في مدينة الاسكندرية التي انتشر فيها التيار السلفي خلال السنوات الأخيرة، إن عدداً كبيراً من «شباب الدعوة» أبلغوا شيوخهم أنهم غاضبون من ردة فعلهم تجاه مقتل بلال، وطالبوا بالقصاص، وحمّلوهم المسؤولية عما ستؤول إليه العلاقة مع الدولة إن لم يتحركوا «لاتخاذ موقف حازم» من وفاة بلال. وقابل شيوخ السلفية، كما أفيد، هذا الغضب بتحرك جدي لتهدئة الشباب فعقدوا محاضرات ووزعوا بيانات حضت على الهدوء والصبر واللجوء إلى الله «لرفع الظلم». وقال الشيخ ياسر البرهامي، وهو واحد من أهم قادة الحركة السلفية في الإسكندرية، في واحد من هذه البيانات إن «الفتن يمتحن بها الله عباده، والفتنة في آخر الزمان تكون في غاية الشدة». وأضاف أن «المصلحة مطلب شرعي لأن شرع الله مصلحة كله، وهي هدف أسمى في المنهج السلفي إلا أن المصلحة مسألة نسبية، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح». وفي محاضرة مسجلة، حصلت «الحياة» على نسخة منها، لام الشيخ البرهامي شباب الحركة السلفية على انتقادهم تصرفات الشيوخ في واقعة وفاة السيد بلال. وكان البرهامي دعا إلى «الصبر والاستعانة بالله واللجوء إليه لرفع الظلم». وقال في محاضرته إن ذلك الأمر ورد في سيرة الأنبياء حين كان يقتل من أهل الإسلام والإيمان من يقتل، رافضاً القول إن في ذلك ذلاً. وأضاف: «رغم وجود الأذى والألم لكن ليس لازماً أن تكون الاستعانة بالله والصبر ذلاً (...) البعض منكم يقول إن الله كتب الموت لا الذل، هناك وسائل عدة للقصاص لا يفرط فيها المؤمن أعظمها اللجوء إلى الله والاستعانة به، أما المطالبة بأي عمل يترتب عليه ألا يكون واحد فقط هو الضحية بل العشرات (فهو مرفوض)». وقال البرهامي: «بعض الأخوة ممن هم في غير موقع المسؤولية يطلبون التصرف بأي شيء»، رافضاً مثل هذه الدعوات. وشدد على ضرورة الامتناع من أي أعمال يترتب عليها سفك دماء المسلمين أو تتوقف بسببها أنواع من العبادات. وخاطب شباب السلفية قائلاً: «أتودون أن يتبدل القول بأن الدين عند الله الإسلام بشعارات عاش الهلال مع الصليب، هل أتسبب في وقف العبادات؟ لا يجوز لي أن اتسبب في أن تخلو المساجد ممن يعبد الله». وأضاف: «من لا يراعون قضية المصلحة والمفسدة ويحبذون الأعمال التي تتم باسم الجهاد ينظرون إلى جانب واحد، يعددون المصالح ولا ينظرون إلى المفاسد (...) مثل هذه الأمور لها ميزان شرعي. هناك أوقات الصبر فيها ليس ذلاً». وكانت الحركة السلفية في الإسكندرية دانت حادث تفجير الكنيسة باعتباره «مفتاح شر على البلاد والعباد» ويفتح الباب لاتهام المسلمين والإسلام بما هو بريء منه. وكان المحامي العام لنيابات استئناف الاسكندرية المستشار ياسر الرفاعي نفى طلب النيابة استخراج جثة الشاب السيد بلال بعد دفنها لإعادة تشريحها، مؤكداً ان النيابة لم تأمر باستخراج الجثة. وقال الرفاعي إن واقعة وفاة بلال ما زالت قيد التحقيق، وإن النتائج الأولية للتحقيقات كشفت أن الوفاة ليست لها علاقة بحادث كنيسة القديسين في الإسكندرية. واستبعدت النتائج الأولية للتحقيقات أن يكون بلال قُتل نتيجة تعرضه للتعذيب خلال التحقيقات الخاصة بحادث الكنيسة. وطلبت النيابة إجراء تحريات حول الوفاة.