تعددت البرامج الاجتماعية على شاشة التلفزيون المغربي، لا سيما في «الأولى» و «الثانية»، لما يحققه هذا النوع من البرامج من خدمات اجتماعية مباشرة للأسر المغربية التي قد تجد نفسها في أمس الحاجة لمن تحكي له عن مشاكلها ويقدم لها الحلول المناسبة لهذه المشاكل، بل أكثر من ذلك يساهم هذا النوع من البرامج في إيجاد الحل، ويحقق متابعة قوية من لدن المشاهدين الذين يرون في هذه البرامج صوراً حقيقية مستقاة من الحياة اليومية الواقعية التي يعيشونها، من دون أن ننسى هنا أن تقديم هذا النوع من البرامج الاجتماعية قد أخذ طابعاً جديداً في نوعية الإخراج التلفزيوني الذي يقدم من خلاله، بحيث يتحول إلى ما يكاد يشبه الفيلم التلفزيوني المحكم في بعض البرامج أو يتحول إلى حوار مفتوح يزاوج بين الحديث في البلاتو بين الناس المعنيين بالموضوع وبين الانفتاح على الخارج حيث يعيشون، من طريق تقديمهم في بيوتهم وبين أهلهم. ومن بين البرامج الاجتماعية التلفزيونية الناجحة التي وجدت لها أصداء قوية لدى المشاهدين نذكر «الخيط الأبيض» الذي تقدمه نسيمة الحر على القناة الثانية و»أجي نتعاونو» الذي تقدمه الفنانة هدى الريحاني، وبخاصة برنامج «أسر وحلول» التي تقدمه الفنانة فاطمة خير. وهذا البرنامج الأخير «أسر وحلول» هو برنامج ذو بعد اجتماعي يعالج في كل حلقة قضية من القضايا التي تهم الأسرة المغربية. وهو يعتمد أسلوب النقاش حيث تتدخل الأطراف المعنية لتدلي برأيها وتقدم وجهة نظرها. ومن بين المواضيع الاجتماعية الكثيرة التي ناقشها البرنامج نذكر كيفية التعامل مع بعض أفراد الأسرة الذين قد يعانون من بعض الأمراض النفسية، والعنف المعنوي المتعلق بالنساء، والتربية الخاصة بالابن أو الابنة داخل الأسرة المغربية، وعلاقة الحماة بزوجة الابن، وارتفاع نسبة الطلاق في المغرب، وغير ذلك من المواضيع الاجتماعية المهمة. في البداية تقدم فاطمة خير رأي الشارع في الظاهرة الاجتماعية المقدمة، من آراء تعكس نظرة شريحة من المواطنين على اختلاف مستوياتهم الاجتماعية والثقافية، لتنطلق بعد ذلك في تقديم ضيوف البرنامج، وفي مقدمتهم يحضر إما عالم اجتماع أو طبيب نفسي، ليقوم بشرح الظاهرة الاجتماعية المقدمة من منظور علمي، أو هما معاً حيث يتناول كل واحد منهما الظاهرة وفق اختصاصه العلمي ولكن بطريقة مبسطة تكون مفهومة من جميع متلقي البرنامج، ليفسح المجال بعد ذلك للحديث عن هذه الظاهرة قيد التقديم انطلاقاً من حالة اجتماعية معينة يكون المعني أو المعنية بها حاضراً في البلاتو ليتحدث عنها انطلاقاً من معايشته لها. ثم بعد ذلك يتم دراسة الحالة المقدمة وتقديم الحلول لها من مختلف الجوانب الاجتماعية والنفسية وما إلى ذلك. فمثلاً في الحلقة الخاصة بالصراع الأزلي بين الأم وزوجة الابن على الرجل، وهي من بين الحلقات الأخيرة التي قدمها البرنامج ولاقت صدى طيباً لدى المشاهدين، نظراً الى الحساسية التي تطرحها، وتواجدها في كل المجتمعات العالمية سواء الشرقية منها أو الغربية، وجدنا أن رأي الشارع قد قدم هذه العلاقة الاجتماعية في شكلها الطبيعي وركز على عدم جمع الأم والزوجة تحت مسكن واحد أو على الأقل أن يتوافر البيت الذي يجمعهما على كل الشروط التي تسمح لهما بالتعايش تحت سقفه، وقد تم التركيز فيها أيضاً على ضرورة الصبر من لدن الأم وزوجة الابن معاً. بعد ذلك تمت العودة إلى بلاتو البرنامج حيث قدمت فاطمة خير ضيوفها عبدالله زوهيري وهو باحث في علم الاجتماع، ومحسن بنيشو وهو أخصائي وطبيب نفسي وعبدالهادي التواجي وهو فاعل جمعوي ومهتم بالثقافة الشعبية وطارق زهير، وهو مدير شركة عقارية حضر إلى البرنامج ليدلي بشهادة شخصية في الموضوع. وبعد أن قام ضيوف البرنامج بتقديم وجهات نظرهم حول الظاهرة الاجتماعية المقدمة، كل بحسب اختصاصه، انفتح البرنامج من جديد على فضاء إحدى الأسر المغربية حيث قدمت الحاجة زهرة تصورها حول العلاقة المتينة التي كانت تربطها بحماتها في سابق الأيام، وحول الاحترام الشديد الذي كانت تحظى به الحماة من لدن زوجة الابن. وقدِمت شهادة للسيدة فاطنة، لتنفتح بعد ذلك كاميرا البرنامج على أفراد الأسرة وهم يحتسون أكواب الشاي في مرح وسرور. ما منح للبرنامج فرصة الربط بين الواقع وبين القيام بعملية تحليله، لتعود الكاميرا بعد ذلك إلى البلاتو وتقدم آراء الضيوف حول الريبورتاج المقدم، من طريق أسئلة موجهة بكثير من الدقة من لدن مقدمة البرنامج، وهو الأمر الذي جعل مواد هذا البرنامج على رغم التزامها موضوعاً محدداً سلفاً، تتنوع وتمنح المشاهدين إمكانية المراوحة بين متابعة الناس في الحياة العامة وهم يقدمون انطباعاتهم حول الظاهرة المقدمة وبين متابعة ما يقدم من تحليل حولها من لدن المختصين. وهو الأمر الذي جعل هذا البرنامج يحقق نجاحاً متواصلاً ويحظى بمتابعات نقدية في الإعلام التلفزيوني المغربي تشيد به وبالمواضيع الاجتماعية التي يناقشها في حلقاته.