في اختصار، من الصعب أن نعتقد أن هناك، في طول الشرق الأوسط وعرضه، وربما أيضاً في البلدان «الخارجية» التي تحترم نفسها ومجتمعها، تلفزيونات أكثر استهتاراً من بعض المحطات اللبنانية، التي باتت تستحق ان تدخل كتاب «غينس» للأرقام القياسية في عدد البرامج وساعات البث المليئة بما يسمى في لبنان بما هو «من الزنار ونازل»... ولربما يمكن القول ان التلفزيونيين تمكنوا أخيراً من التفوق على بعض السياسيين في الإباحية والفجور، عبر فكاهات نعرف في نهاية الأمر أنها لا تضحك سوى أصحاب الكبت الجنسي، وهم للأسف كثر في ديارنا بالتأكيد. غير أن موضوعنا هنا، ليس هذا تماماً، بل في مجال آخر يكاد بدوره ينزل عن عرشه «الغينسي» - نسبة الى كتاب «غينس» - كل ذلك الرهط السمج من الكلام الإباحي... المجال الذي نشير اليه هو ذاك الذي ينتقل بنا مرة واحدة من خانة «أكثر الكلام فحشاً وفجوراً» الى خانة جديدة هي خانة «أكثر الكلام قرفاً وإثارة لكل أنواع الاشمئزاز»... هذا مع أننا - كما يبدو - لا نزال في بداية الطريق هنا. علامة هذه الخانة الجديدة «سلسلة من اعلانات تملأ شاشات التلفزة، اضافة الى مفارق الطرق والساحات العامة، تروج لما يسمى ب «اللوتو اللبناني»، ولسنا نود أن ننقل ما كتب عليها هنا، لأننا في الحقيقة نأنف أن ننقل رائحتها الكريهة، التي يبدو أن مبتكريها يرون فيها فكاهة تضحك بدورها، وبالتالي تدفع الناس بمئات الألوف إلى شراء المنتج الذي تعلن عنه، الى هذه الصفحة. غير أن الأدهى - والأبشع من هذا كله، هو أن المؤسسة التي تفتقت عبقرية مسؤوليها عن هذه الإعلانات، مؤسسة رسمية - أو شبه رسمية، لسنا ندري تماماً - وتزعم أن أرباحها تذهب الى الشؤون الاجتماعية وأعمال الخير... وطبعاً نعرف أن هذا البعد الأخير فعل طيب ومشروع وله ألف حسنة من السماوات... ولكن، أولم يكن من الأفضل تحقيقه على أبواب العام الجديد، من دون أن يكون مصحوباً بكل الروائح الكريهة، التي ربما لن نحتاج لأن تكون أولى في كتاب غينس، لمجرد انها فريدة فيه. إذ لا نعتقد أحداً كان، من قبل، من قلة الذوق وانسداد الأنف الى هذه الدرجة!