يجد العديد من زائري المدينةالمنورة فترة الصباح الباكر الوقت الأمثل للتنقل بين الأماكن الدينية والمعالم التاريخية التي ارتبط تاريخ نشأتها بفترة ما بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينةالمنورة، إذ تشكّل تلك المواقع وجهة رئيسة للزائرين قبل اجتماعهم مساءً على مائدة الإفطار الكبرى في ساحات المسجد النبوي الشريف، وهم ينعمون بالخدمات المتكاملة التي هيأتها الحكومة طوال العام. وتعدّ الأماكن الدينية والمعالم التاريخية أبرز الوجهات التي يحرص زوّار طيبة الطيبة على زيارتها لاسيما في موسم رمضان على رغم ارتفاع درجات الحرارة التي تتجاوز ال50 مئوية نهاراً، إذ يفِد الزائرون بكثافة على مساجد قباء، والقبلتين، والخندق، والجمعة، والغمامة والإجابة، إضافة إلى ساحة شهداء أحد، ومجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، للصلاة في المساجد، والوقوف على معالم تلك الأماكن الدينية الشهيرة التي ارتبطت بأحداث مجيدة، وتعود نشأتها إلى ما يزيد على 14 قرناً مضى. وتحظى الجوامع والمساجد التاريخية بالمدينةالمنورة بعناية واهتمام متواصل، إذ تشرف وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد على العناية بها، وتكثيف الخدمات خلال مواسم رمضان والحج تزامناً مع كثافة المصلين والزائرين، وتعني بإجراء أعمال الصيانة بشكل دوري لأجهزة الإنارة والتكييف والنظافة، والتأكد من وفرة مياه الشرب بكميات كافية، وتجديد وإضافة الفرش الكافية داخل الجوامع وفي باحاتها الخارجية، إضافة إلى مهمات الدعوة والإرشاد الديني. كما تتولى أمانة المدينةالمنورة أعمال التشجير ونظافة الباحات المحيطة، والرقابة على الباعة والبسطات في تلك المواقع، للتأكد من موافقتها للأنظمة والاشتراطات الغذائية، والسلع المرخّصة، كما تتّخذ الجهات الأمنية كافة الإجراءات التي تكفل انتقال حافلات الزائرين من أماكن سكنهم بالمنطقة المركزية والأحياء المحيطة إلى المعالم والأماكن الدينية والمزارات التاريخية، وكذلك مسجد ميقات ذي الحليفة للمتجهين إلى مكةالمكرمة، وتأمين انسيابية حركة السير والتنقّل بيسر وأمان. ويعتبر مسجد قباء، الوجهة الثانية للزائرين بعد المسجد النبوي الشريف، وتبرز المكانة التاريخية لمسجد قباء لكونه أول مسجد أسس في الإسلام، فقد بناه رسول الله في اليوم الأول لهجرته إلى المدينةالمنورة، وأعيد بناؤه وتجديده مرات عدة خلال العصور الإسلامية المتوالية، وثبت أن النبي كان يزور مسجد قباء ويصلي فيه، لحديث ابن عمر رضي الله عنه، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي مسجد قباء راكباً وماشياً فيصلي فيه ركعتين». (رواه البخاري ومسلم)، ونزل فيه قول الحق سبحانه وتعالى: (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ). وفي الناحية الشمالية للمسجد النبوي الشريف، تتجه الحافلات والمركبات في الصباح الباكر إلى ساحة شهداء أحد التي تتحوّل في مثل هذه الأيام من كل عام إلى ملتقى إسلامي كبير يتجمّع في جنباتها جمع من المسلمين على اختلاف جنسياتهم ولغاتهم ولهجاتهم، كما شهد المكان ذاته أخيراً، افتتاح جامع سيد الشهداء الذي يعدّ أحد أكبر الجوامع في المدينةالمنورة بسعة تزيد على 15 ألف مصلٍ ليخدم الزائرين وأهالي الأحياء المجاورة، وتتوافّر فيه خدمات متكاملة تجسّد العناية الفائقة والرعاية الشاملة التي توليها الحكومة الرشيدة بالمعتمرين والزائرين في مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة. كما تبرز في الموقع مقبرة شهداء أحد من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، في حين يشكّل وجود الباعة الجائلون منظراً مألوفاً في جميع الجوامع والأماكن التاريخية، يبيعون أصنافاً متنوعة من الأغذية، والتمور، والسبح، والهدايا التي ترمز للمكان ولطيبة الطيبة. وتبرز في تلك الجوامع والمساجد التاريخية خلال رمضان مشاهد الإفطار الجماعي إذ يسهم أهالي المدينةالمنورة والجمعيات الخيرية في إعداد وتجهيز موائد الإفطار للمصلين وزائري تلك الجوامع والأماكن التاريخية، وتقدّم وجبات الإفطار للجميع من دون استثناء طمعاً في ثواب إفطار الصائمين، ومحبة لزائري مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الشهر الفضيل. ويظلّ مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، أحد الوجهات التي يحرص الزائرون على ارتيادها في فترة الصباح خلال شهر رمضان، إذ يستقبل المجمّع رحلات منتظمة للحافلات التي تقلّ الزائرين الذين يرغبون في اقتناء إصدارات المجمع من المصاحف، والمواد التقنية المسموعة التي ينتجها المجمع بمختلف اللغات، التي توزّع على الزائرين خلال مواسم رمضان والحج. وتتعدّد الوجهات التي يقصدها زائرو المدينةالمنورة خلال شهر رمضان المبارك، إذ يجد البعض في هذا الشهر الفضيل فرصة للتعرّف أكثر على الحياة الهادئة والروحانية التي تتميّز بها المدينة، إذ حيث يفضّل بعض الزائرين التوجّه إلى الأسواق والمجمعات التجارية خلال الفترة المسائية، للتبضّع وشراء بعض المستلزمات والهدايا، فيما يقضي آخرون ساعة أو أكثر خلال المساء في أروقة سكة حديد الحجاز على مسافة تقل عن 2 كلم من الناحية الغربية للمسجد النبوي، للاستمتاع بأجواء عائلية واختيار ما يناسبهم من الأغذية والمشروبات التي تتوفر في المكان.