كشف مدير مجمع الأمل للصحة النفسية الدكتور محمد الزهراني، ل «الحياة»، عن تحول مصابين بأمراض الدم الوراثية، إلى «مدمنين» على المهدئات، بعد سنوات من المعاناة مع الآلام «الشديدة»، التي تخلفها نوبات تكسر الدم المنجلي، أو غيرها من الأمراض، مؤكداً حاجة هؤلاء «المدمنين إلى علاج يخلصهم من الإدمان». ويقدر اختصاصي أمراض الدم الوراثية الدكتور زكي نصر الله، نسبة المصابين بمرض خلايا الدم المنجلية وحاملي صفته الوراثية في محافظة القطيف، بنحو 33 في المئة، وتنخفض إلى نحو سبعة في المئة في مناطق المملكة الأخرى. واستعرض في تصريح ل «الحياة»، إحصائية صدرت قبل نحو 10 سنوات، كشفت ان «عدد المرضى والحاملين في محافظة الأحساء تبلغ 22 في المئة، إضافة إلى مرضى «نقص الخميرة» (جي سكس بي دي)، إذ تصل النسبة بين الذكور إلى 32 في المئة، والإناث 22 في المئة»، مبيناً ان «النسبة في الأحساء كانت أقل»، مضيفاً ان «انتشار هذه الأمراض في المنطقة الشرقية يفوق بقية المناطق، والمعاناة الرئيسة من خلايا الدم المنجلية، ويليه «الجي سكس بي دي»، وهو أقل خطورة ونسبة من سابقه». وقال الزهراني: «يصل المصابون بفقر الدم المنجلي إلى مرحلة الإدمان على الأدوية المخففة للألم، حتى أن بعضهم يفتعل إشكالات في مراكز أمراض الدم، للحصول على المهدئات، والبعض يراجع العيادة ثلاث مرات في اليوم، طلباً للعقار»، مستشهداً بأحد المرضى، الذي «وصلت مجمل زياراته إلى العيادة في السنة إلى 900 مرة». وأردف «قد يكون لهم يداً في الإدمان، والبعض الآخر لا يد له فيما وصل إليه». وكشف ان «صحة الشرقية»، «شكلت لجنة تضم فريقاً متكاملاً، لمتابعة هذه الحالات، ولكن بعض المرضى لا يستجيب ويرفض حتى سماع مصطلح الإدمان. وينكر الحالة التي وصل إليها. وتابعنا الأمر ليومين في الأسبوع، وعلى مدى ثلاثة أشهر. ورصدنا الحالات التي كانت لديها مشكلات واعتماد على العقار المخفف للألم، مثل «المورفين»، وكانت لديها مقاومة وإنكار، وترفض المتابعة النفسية. وعندما لاحظنا بانه لا توجد استجابة، رفعنا تقريراً بذلك إلى الشؤون الصحية، واستقبلنا بعدها حالتين فقط، خلال سنة كاملة، ومن ثم شكلت إمارة الشرقية، لجنة لعلاجهم بالإجبار، فكانت حالة واحدة، وكان مشاكساً في قبول العلاج». وأشار الزهراني، إلى وجود قائمة بالمدمنين، لدى مركز أمراض الدم، تشمل «من اعتادوا على تعاطي العقارات المهدئة ولم يخضعوا للبرنامج في شكل كامل، وأطول مدة لأحدهم كانت 10 أيام، وهذا لعدم تفهم المشكلة التي وقعوا فيها، وهي مشكلة تفرض نفسها، وبحاجة إلى حل سريع، بعد ان وصلوا إلى مرحلة الإدمان، مع السلوك الإدماني، المتمثل في الإنكار، والعنف، والتحايل»، مستدركاً ان «هذه الشريحة لا تتصرف هكذا من منطلق سيئ، إلا ان تلك السلوكيات تظهر على أي مدمن»، مشيراً إلى ان المهدئات الصغرى التي اعتاد بعض المرضى على استخدامها «لا يُصنف متعاطيها على انه مُدمن». ويصف نصرالله، الآلام التي يصاب بها مرضى خلايا الدم المنجلية، ب «الشديدة جداً، وتعادل ما يشعر به مريض نقص الأكسجين في القلب (الأزمة القلبية)، وهي آلام فظيعة بكل المقاييس. ولهذا يصعب علاج هذه الأمراض»، مضيفاً «نتبع خطة علاجية، ونستخدم في السنوات الأخيرة، أدوية تقلل نسبة النوبات لدى الحالات الشديدة، وهو عقار «هيدروكسين يوريا»، ويستخدم بصفة مستمرة ويومية. وفي حال مواجهة النوبات البسيطة نستخدم مسكنات خفيفة، مثل «الفولتارين». أما عند وجود نوبة ألم شديدة؛ فنبحث عن أسباب النوبة، وبصفة عامة نعطي المريض مهدئات، منها «المورفين»، وأقرانه». واستدرك «نتفادى استخدام المسكنات القوية، ومنها «المورفين»، لأنه يقود إلى الإدمان لدى بعض الحالات، ولا يُعطى إلا تحت إشراف طبي، وبدرجات محدودة». وأكد ان «الكثير من الحالات وصلت إلى مرحلة الإدمان، وعلى المريض ان يخضع لإشراف مركز متخصص، وألا يستهين في حاله، لا ان يتعلم كيفية البحث عن المسكنات القوية، بل يتعلم كيفية التغلب على الألم، من طريق الاختصاصيين النفسانيين»، مؤكداً «إخضاع حالات الإدمان إلى علاج متكامل على يد طبيب نفساني، وطبيب أمراض الدم، في مركز متخصص في هذه الحالات، وإن التزمت الحالات في العلاج، تُشفى من الإدمان». وعن المستشفيات الخاصة، قال: «لا أعرف ما يحدث فيها، وأتوقع ان المريض لو تردد على المستشفى، طلباً لعقار «المورفين»، فإنهم يتبعون احتياطات خاصة. لأن العقار لا يُعطى إلا تحت رقابة وإشراف دقيقين، مع التأكد ان المريض بحاجة فعلاً إلى العقار».