استهلت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي شهر رمضان المبارك بتطييب الحجر الأسود والملتزم بأفخر أنواع الطيب ودهن العود، لحفظ بيت الله الحرام من كل ما يمكن أن يؤثر على رونقه ونظافته، انطلاقاً من أهمية ومكانة الحرمين الشريفين في الدين الإسلامي ومنزلة الكعبة المشرفة في نفوس المسلمين كافة. وقام الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الدكتور عبدالرحمن السديس في الأول من شهر رمضان الحالي، بتطييب الحجر الأسود والملتزم، وهو تقليد دأبت عليه الرئاسة في شكل دوري. وجاء الأمر بتطهير البيت الحرام في موضعين في القرآن الكريم، الأول: في قوله تعالى في سورة البقرة: «وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ»، والآخر في سورة الحج، إذ قال تعالى: «وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ». ورُويَ عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «طيبوا البيت فإن ذلك من تطهيره، ولأن أُطيب الكعبة أحبُّ إلي من أن أهدي لها ذهباً وفضة». ولخص أهل التفسير معاني الطهر للبيت الحرام في تطهيره بإزالة كل ما ينافي التوحيد ويضاده من الأوثان والأصنام، وتطهيره من كل ما يؤثر في مكان العبادة الطاهر من الأنجاس والقاذورات، وتطهيره من كل عمل من الناس يضاد التوحيد والعبادة، فيمنع الناس عنده من الشرك والبدع والفواحش والظلم وبث الخصال الذميمة، وأن يطهر بالتطييب له وتخليقه، وذلك بحسب موقع «مشروع تعظيم البلد الحرام». والحجر الأسود الذي جاء به جبريل إلى إبراهيم «عليهما السلام» من السماء ليوضع في مكانه من البيت، يوجد في الركن الجنوبي الشرقي للكعبة من الخارج، وهو مبدأ الطواف ومنتهاه، ويرتفع عن الأرض متراً ونصف المتر، ومحاط بإطار من الفضة الخالصة صوناً له، ويظهر مكان الحجر بيضاوياً، ويظهر منه الآن ثمان قطع صغيرة مختلفة الحجم، أكبرها بقدر التمرة الواحدة، وأما باقيه فإنه داخل في بناء الكعبة المشرفة. وللكعبة المشرفة أربعة أركان، منها اثنان مبنيان على أساس قواعد إبراهيم عليه السلام، هما الشرقي أو الأسود «وسمي بذلك لأن فيه الحجر الأسود» والركن اليماني، والآخران هما العراقي والشامي. أما الملتزم فهو مكان الالتزام من الكعبة في ما بين الحجر الأسود وباب الكعبة، وسمي بهذا الاسم لأن الناس يلزمونه ويدعون الله عنده، ويُسن وضع الخد وبسط اليد وإلصاق الوجه والصدر في هذا الموضع من البيت. يُذكر أن الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي تتولى منذ أكثر من نصف قرن شؤون الحرمين الشريفين كافة في منظومة الخدمات التي تدل على معنى التطهير العام، سواءً أكان ذلك في النواحي العلمية في تعليم الناس الكتاب والسنة، والعناية في العلوم الشرعية، وكذلك في التوجيه والإرشاد، أم في منظومة الخدمات الأخرى المتعلقة في النظافة والفرش، والصيانة، والسُقيا، وخدمة الأبواب، والعربات، والساحات وغير ذلك، إلى الخدمات الفنية والهندسية، ومتابعة التوسعات والنواحي الإعلامية والتقنية، ومواصلة نشر رسالة الحرمين الشريفين في التطهير بمعناه العام.