لفتح قنوات أسرع وأجدى في استدرار عطف الناس وشفقتهم، لم يجد المتسولون حرجاً من المضي في اتجاه تزوير التقارير الطبية ليثبتوا لهم من خلالها حاجتهم إلى مبالغ مالية للعلاج مما ادعوا الإصابة به من أمراض مثبتة هراء على تلك الأوراق غير الصحيحة ويعطي العاطي من غير شك أو ريبة. وانتشرت في الآونة الأخيرة، فكرة التسول من طريق عرض التقارير الطبية التي تثبت أن المتسول مصاب بمرض ما وأنه لا يستطيع الحصول على قيمة العلاج لاستجداء الناس بما ادعى. وروى المواطن أحمد العبدالله أنه خلال تسوقه في أحد المراكز التجارية شد انتباهه أحد المتسولين (من الجنسية العربية) يحمل في يده ملفاً طبياً من أحد المراكز الطبية المشهورة في جدة ويتنقل به بين المتسوقين يطلب منهم المال بحجة أنه مصاب بمرض «السرطان» وأنه لا يستطيع أن يدفع كلفة علاج مرضه. وأوضح أن الفضول دفعه إلى هذا المتسول من باب الشفقة عليه لكي يساعده في الحصول على علاج فسأله عن اسمه ومرضه، فجلس المتسول يسرد عليه قصته وأنه مصاب منذ أعوام عدة بمرض السرطان وأنه ينفق أكثر من 1500ريال على علاجه ولا يوجد لديه أي مصدر دخل. وقال: «حينما طلبت من المتسول اطلاعي على الملف الطبي الذي يحمله، رفض وبدأ في محاولة إنهاء الحديث لكي يستطيع أن يهرب، ما اضطرني إلى إجباره على الاطلاع بالقوة على الملف، وكانت الحقيقة غير المتوقعة أن لاحظت أن الملف به أوراق طبية مكتوبة باللغة الإنكليزية، واتضح لي من خلالها أن الملف يعود إلى امرأة لا علاقة له بها»، مشيراً إلى أنه اتصل برجال الأمن الذين ألقوا القبض عليه واقتياده إلى قسم الشرطة، وتساءل العبدالله عن طريقة وصول هذا المتسول إلى ملف طبي لشخص ما من أحد المراكز الطبية وعن الجهات التي فرطت فيه. من جهته، أكد المواطن عبدالعزيز الزهراني أن غالبية المتسولين من خلال تقارير طبية مزورة بدأوا يتكشّفون للناس شيئاً فشيئاً، مفيداً أن غالبية الحالات التي لم تكشف يلعب فيها المجتمع (الذي جبل على التفاعل مع المريض حتى وإن كان متسولاً) دوراً كبيراً، بيد أن افتضاح أمر غالبيتهم أسفر عن وعي لدى غالبية أفراد المجتمع بعد أن كثرت مثل تلك الحيل من كثير من المتسولين تحت غطاء المرض والتقارير الوهمية. وأشار الزهراني إلى أنه في أحد الأيام دخل إلى أحد المساجد وبعد الانتهاء من أداء الصلاة انبرى أحد المتسولين مخاطباً المصلين بأنه يعاني من إعاقة إثر إصابته في حادثة مرورية وبحاجة إلى عملية سريعة، ولم تمض عليه أيام عدة حتى رأى الشخص المتسول ذاته يحادث الناس في مسجد آخر بعد الانتهاء من الصلاة بأنه مصاب بمرض السرطان وبحاجة إلى مبلغ مالي للإيفاء بقيمة العلاج الكيماوي، مستدلاً على كذب المتسولين إذ كيف بالأمس يعاني من إعاقة واليوم من سرطان.