تصدرت الحرب على الإرهاب جدول أعمال الاجتماعات الأوروبية - الأميركية المكثفة التي شهدت الحضور الأول من نوعه للرئيس دونالد ترامب في قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في بروكسيل أمس. ويرجح أن تشهد الحرب ضد «داعش» تصعيداً مهماً، بعد موافقة القمة على انضمام الحلف إلى التحالف الدولي لمحاربة التنظيم في العراق وسورية. ووقف قادة «الأطلسي» دقيقة صمت حداداً على أرواح ضحايا اعتداء مانشستر. وأكد ترامب العزم على «تحييد الإرهابيين الخاسرين أولئك، في دول الحلف وخارجها. ولن نسمح لهم بالعودة» من حيث هم. وأثنى الرئيس الأميركي على دور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في جمع قادة العالمين العربي والإسلامي من أجل تجفيف منابع تمويل الإرهاب ومكافحة التطرف. وقال ترامب: «تباحثت طويلاً مع الملك سلمان، هذا الملك الحكيم الذي يسعى إلى تحسين الأوضاع بسرعة. واتفق قادة الشرق الأوسط في اجتماع استثنائي على وقف تمويل الأيديولوجيا المتطرفة التي تقود إلى هذا الإرهاب الشنيع في العالم بكامله». وأضاف ترامب أن جولته في الشرق الأوسط «أحيت الأمل بأن تتوحد الشعوب التي تتبع ديانات مختلفة، لمواجهة خطر مشترك على الإنسانية جمعاء». وضغط الرئيس الأميركي على شركاء الولاياتالمتحدة من أجل زيادة موازنة الدفاع الأوروبية التي لا تصل إلى نصف مثيلتها الأميركية، فيما لم يخف رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك اختلافات في وجهات النظر إزاء روسيا والمناخ والتجارة. وسبقت قمة «الأطلسي» اجتماعات لترامب مع تاسك ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر ورئيس البرلمان الأوروبي أنطونيو تاياني. وتحدث تاسك عن اتفاق الجانبين «أولاً وقبل كل شيء على مكافحة الإرهاب، لأسباب بديهية». وأضاف: «لست متأكداً بالكامل من أنني والرئيس ترامب نشترك في الرأي ذاته حيال روسيا، سوى أننا نتفق حول أوكرانيا». وشدد رئيس المجلس الأوروبي على أن «المهمة الأكبر تتمثل في تقوية العالم الحر على أساس القيم وليس المصالح». واستقبل ترامب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مقر السفارة الأميركية في بروكسيل. وهنأه بالفوز بعد «حملة مذهلة حققت نصراً هائلاً». وأعرب الرئيس الفرنسي عن سعادته ب «إمكان تبادل الكثير (من وجهات النظر) مع الرئيس ترامب». ولفت إلى «إرادة مشتركة لتعزيز التعاون في مكافحة الإرهاب»، مؤكداً أن فرنسا تشاطر القمم التي استضافتها السعودية مقرراتها من أجل تجفيف منابع تمويل الإرهاب». كما بحث الرئيسان الأميركي والفرنسي عمليات التدخل العسكري والتعاون الاستخباراتي في منطقة الساحل الأفريقي والشرق الأوسط. وأشار ماكرون إلى أنه ناقش الأزمة السورية مع ترامب والحاجة إلى «جمع كل الأطراف المعنية بالنزاع من أجل وضع خريطة ديبلوماسية شاملة» للانتقال. وأكد الأمين العام ل «الأطلسي» ينس ستولتنبرغ، أن انضمام الحلف إلى التحالف الدولي ضد «داعش» يوجه «رسالة قوية حول التزامنا مكافحة الإرهاب وتعزيز التنسيق بين دولنا». لكنه شدد على أن القرار «لا يعني انخراط الحلف في العمليات القتالية». وأوضح أن «الناتو» سيضطلع بدور «المنصة العملية لتنسيق الجهود التي يبذلها الحلفاء من جهة والدول الشريكة في التحالف الدولي من جهة أخرى»، من أجل تدمير قدرات التنظيم وتحييد أنصاره. وسيوسع الحلف نطاق التغطية الجوية في منطقة النزاع ويزود قوات التحالف بإحداثيات ميدانية ويدير حركة الملاحة الجوية للمقاتلات، من خلال زيادة طلعات طائرات الإنذار المبكر (أواكس) وطائرات التموين في الجو. وقررت القمة إنشاء خلية استخباراتية داخل الحلف لمكافحة الإرهاب بما فيها مسألة المقاتلين الأجانب، وتعيين منسق لشؤون مكافحة الإرهاب. وأقام الحلف أخيراً مركزاً استخباراتياً للتحليل والإنذار في نابولي. كما نشر طائرات من دون طيار في قاعدة سيغونيللا في صقلية لمراقبة الوضع الميداني في بلدان الضفة الجنوبية لحوض البحر الأبيض المتوسط. ويقود أسطول الحلف في البحر الأبيض عملية «حارس البحر» لتأمين الملاحة وجمع المعلومات ويزود أسطول عملية «صوفيا» التي يقودها الاتحاد الأوروبي معلومات وبيانات من أجل مواجهة شبكات تهريب البشر التي تنطلق خصوصاً من ليبيا. واستجابت دول الحلف لضغوط الإدارة الأميركية، إذ أقرت القمة زيادة موازنات الإنفاق العسكري تدريجاً إلى ما يعادل نسبة 2 في المئة من الناتج المحلي لكل دولة. وبلغت موازنات الدفاع للدول الأوروبية 265 بليون دولار في مقابل 626 بليوناً أنفقتها الولاياتالمتحدة و 18 بليوناً أنفقتها كندا في 2016. ودشن قادة «الناتو» مقره الجديد في قاعدة جوية بلجيكية استُخدمت في الحربين العالميتين. واعتبر الأمين العام للحلف أن «ساحة قتال سابقة تحولت مقر تعاون بين الشعوب».