كلما سمعت عن هذه الحوادث التي لم تعد غريبة على مسامعنا (أُصاب بغضب شديد)، لأنها تعبر بقوة عن الثقافة المهيمنة، وعن طبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة سواء كانت زوجةً أو ابنةً أو أختاً أو أماً في بعض الأحيان. دائماً ما أفكر لماذا لا تكون شروط الزواج واضحة للطرفين قبل يوم عقد القران، حتى لا يتفاجأ أحد العروسين باشتراطات الطرف الآخر، وتضيع فرص الحوار، ويصبح الموقف محرجاً للجميع، ويتسبب في آلام كثيرة لأصحاب الشأن الذين هم في الغالب العروسان؟ لماذا نخبئ كل الشروط ونأتي أمام الناس والمدعوين والمأذون لإذاعتها وانتظار الموافقة عليها، والتي غالباً ما تحدث في ظل هذه الظروف القهرية، وقد تحدث برضا تام، (المطلوب شرعاً أن يكون الطرف الآخر موافقاً عليه طواعية من دون ضغوط، والضغوط في العادة تكون رغبته في إكمال الزواج، والمحافظة على الطرف الآخر، وعدم تعكير صفو الحفلة، وإيقاف كلام الناس)، وقد يوافق الشخص على شروط غريبة وعجيبة إنقاذاً للموقف، ولكن من المؤكد أن ذلك سيغضبه كثيراً، وسيعبِّر عن غضبه الكبير هذا لزوجه مستقبَلاً. البعض يرفض هذا الابتزاز العاطفي الذي يستغل الظروف، رافضاً أن يوقع على شيء لا يملكه، ورافضاً الالتزام به حتى لا يكون عرضة لفسخ الزواج فيما بعد، أو التهديد بأخذ الزوجة كما نسمع دائماً. ذكر خبر أخيراً، انهيار زواج قبل توقيع العقد بدقائق لأن والد العروس اشترط على العريس أن يوقّع بالموافقة على حصول الأب على نصف راتب ابنته ( العروس) مدى الحياة، فما كان من العريس إلا أنه رفض ذلك الشرط كما ذكر الخبر، معتبراً أن راتبها لها وهي حرة فيه حتى لو سلَّمته لوالدها بأكمله، وبين شدٍّ وجذبٍ وتمسُّك كل منهما برأيه، انتهت أحلام العروس والعريس وغاب عنهما فرح كانا ينتظرانه منذ ثلاث سنوات!! لماذا يعتقد الرجل أنه (صاحب حق) فيما تملكه ابنته أو زوجته أو أخته جبراً وليس طوعاً؟ لماذا يتفاهم الطرفان - فعلياً - على موضوع لا يملكانه هما الاثنان، ربما كان من الأجدر بالأب أن يشترط عمل ابنته في وظيفتها، وهي بعدها ستكون حرة في تصرفها أعطته أو منعته. بالطبع قد يكون الأب خائفاً على تعب ابنته من كثرة ما يسمع من الآخرين، فبعض الأزواج يتسلمون بطاقة الصراف من زوجاتهم ويهددونهنَّ بالطلاق إذا ما تحدثت الواحدة مع أهلها في هذا الشأن. لماذا لم نتمكن - فعلياً - من زرع مفهوم الذمة المالية المنفصلة للمرأة عن الرجل مهما كانت درجة قرابته منها؟ الموضوع بأكمله يخصها هي وحدها إن شاءت احتفظت به وإن شاءت ساعدت والدها أو اشتركت مع زوجها في مصروفات المنزل، على أن يكون ذلك كله بطيب خاطر وليس غصباً. لا أعلم كيفية علاج هذه المواضيع التي أرى فيها خللاً كبيراً يكاد يهدم بيوتاً كثيرة، وأحترم جداً الخاطب الذي يشرح ظروفه ويخبر العروس وأهلها منذ البداية بأنه قد لا يتمكن بمفرده من تحمُّل مصروفات الحياة الزوجية حتى يكون كل شيء في النور إن شاؤوا وافقوا أو رفضوا. ثقافة المصارحة بما فيها الاشتراط، ثقافة ما زلت أراها غائبة عن مجتمعنا الذي يترك الأوقات الكثيرة، ويأتي بعض أفراده في ليلة الفرح ليعلن فيها شروطاً غريبة لا يملكها، تاركين وراءهم عروساً لم يسألها أحد منهم عن رأيها فيما يحدث. [email protected]