مجموعة من لوحات الفنان المصري محمود سعيد اشترتها شيرويت شافعي في تسعينات القرن الماضي من سيدة مصرية تقيم في باريس. ومثلت تلك الأعمال نواة لمجموعة لوحات تمتلكها شافعي جعلت منها واحدة من أشهر مقتني الأعمال الفنية في مصر والشرق الأوسط. وتروي شافعي رحلتها مع هوايتها في كتاب مصور من الحجم الكبير صدر حديثاً عن قسم النشر في الجامعة الأميركية في القاهرة تحت عنوان “الفن المصري في القرن العشرين”. الكتاب باللغة الإنكليزية وكتبت له المقدمة الدكتورة منى أباظة، ويمثل سيرة ذاتية للسيدة شيرويت شافعي ورحلتها مع الفن منذ عملها في التلفزيون المصري أوائل الستينات وحتى بداية تكوين مجموعتها الخاصة مطلع التسعينات من القرن الماضي. ويسلط الكتاب الضوء على أعمال عدد من المبدعين المصريين، ويعد شاهداً على فترة من أزهى فترات الإبداع التشكيلي المصري، خصوصاً أن شافعي معروفة بقربها من الكثير من الفنانين المصريين وعاينت من قرب لحظات تألقهم وإبداعهم من خلال أحد أشهر البرامج التلفزيونية الذي ظلت تقدمه طوال ثلاثين عاماً وهي فترة عملها في التلفزيون المصري. تقول شافعي : «لم يكن لدي أي معلومة أو اهتمام بالفنون التشكيلية، حتى بدأت العمل في التلفزيون المصري كمعدة ومخرجة لأحد البرامج الخاصة بالفن التشكيلي. فقد كان علي أن ألتقي الفنانين المصريين وتسجيل أحاديثهم، ومنذ ذلك الحين بدأ عشقي يتنامى للفن التشكيلي ورموزه ومنهم الفنان محمود سعيد والذي سجلت معه أولى حلقات البرنامج الذي كنت أقدمه حينها». يضم الكتاب صوراً لأعمال لم تعرض من قبل لعدد كبير من الفنانين المصريين. وخلافاً للوحات محمود سعيد النادرة توجد أعمال أخرى لمحمود مختار وحامد ندا وراغب عياد والأخوين وانلي وتحية حليم وغيرهم. وتروي شافعي في الكتاب ذكرياتها ورحلتها مع اقتناء الأعمال الفنية منذ أول لوحة اقتنتها للفنان حامد ندا، قائلة: «أول عمل فني أقتنيه كان لوحة للفنان حامد ندا، وكنت أعرفه جيداً، لأنه كان صديقاً لزوجي. حينها كنت أعمل في التلفزيون المصري، ولم يكن يدور في ذهني جمع كل هذه الأعمال التي لدي، ولم نكن نفكر أنا وزوجي مطلقاً في هذا الأمر، كنا مجرد موظفين. لقد بدأ الأمر كله معي بمحض الصدفة. فقد اتصلت بي ذات يوم سيدة مصرية تعيش في باريس وهي ابنة لأحد الباشاوات المشهورين قبل الثورة، وأخبرتني أن لديها مجموعة من لوحات الفنان محمود سعيد وتود أن تبيعها لي». وتضيف: «كانت هذه فرصة كبيرة ساقها لي القدر. جمعت ما استطعت من مال وحولته لها في فرنسا. وحين أرسلت الأعمال كانت مفاجأة، لأني وجدت أمامي مجموعة رائعة، ومن يومها بدأت علاقتي بجمع الأعمال الفنية ولم أتوقف حتى اليوم». وتوضح: «ومع الوقت تمرست على هذا الأمر. وأصبح لدي من الخبرة ما يخولني الحكم على العمل الجيد أو غير الجيد. وما ساعدني على اقتناء كل تلك الأعمال هو أني لم أكن أشتري فقط بل كنت أبيع وأشتري. ولكني كنت أحتفظ في النهاية لنفسي بأفضل القطع التي أعثر عليها». وعن أكثر الأعمال قرباً إلى قلبها، توضح: « أستمتع كثيراً بكل الأعمال الموجودة. وأسعد لحظة لي هي التي أجلس فيها إلى جوارها. ولكنني أجد في أعمال حامد ندا ومحمود سعيد متعة خاصة لا تضاهيها أي متعة أخرى، فأعمال سعيد على سبيل المثال، كما يقول عنه الفنان والناقد الراحل رمسيس يونان، تحمل سحراً يتجدد كل يوم. فهي أعمال لا أمل من رؤيتها أبداً وأستمتع بها في كل مرة أنظر إليها». وتضيف: «لقد بهرني الفنان محمود سعيد بشخصيته حين التقيت به في بداية الستينات لأنه كان إنساناً في غاية التواضع والأخلاق العالية وما زال يبهرني بفنه وإبداعه حتى اليوم».