وضع السيد بيسيرو أولى خطوات السير نحو كأس الأمم الآسيوية منذ عام تقريباً، ووصل إلى مرحلة متقدمة من خلال بطولة كأس الخليج التي أقيمت في عدن الشهر الماضي، ووضح أن البطولة الخليجية لم تكن هدفاً أساسياً لبيسيرو، بل خطوة من ضمن خطواته البنائية لتوليفة المنتخب السعودي الذي يفكر في كأس أمم آسيا والتأهل لنهائيات كأس العالم كأهداف استراتيجية ترضي غرور الشارع الرياضي السعودي قبل أن ترضي القيادة السعودية. السيد بيسيرو لم يصل بخطوات البناء منتهاها رغم معسكره التحضيري الأخير قبل الذهاب لدوحة قطر، ورغم المباريات الثلاث الودية، وستكون الخطوات مكتملة الملامح بعد مباراتي سورية والأردن، إذ من المتوقع أن يستمر بيسيرو في التغييرات الضيقة ولن يصل ذروة التفكير والتوليف إلا في مراحل الحسم بدءاً من لقاء منتخب اليابان في المجموعة ذاتها، والتي ستشهد التوليفة الحاسمة والتشكيلة التي يحتفظ بها مدرب «الأخضر» في خريطة العمل السري التي يناور حواليها من بعد ويطوعها لفكره التدريبي الاحترافي الذي يزعج بعض النقاد لدينا ويثير قلق المشاهد العادي في وسطنا الرياضي. خطوات المنتخب السعودي يجب أن تمنحنا مساحة كبيرة من التفاؤل في هذه البطولة، لأن بيسيرو اطمأن تماماً لكل الأوراق التي يفكر فيها، خصوصاً بعد عودة الهداف ياسر القحطاني للتوهج في أهم وقت للمنتخب، إضافة إلى عودة سعود كريري وإبراهيم غالب، وبالتالي أصبحت اللوحة الخضراء في عيون وذهن المدير الفني كاملة التشكيل. منتخبنا لم يرمِ بكل أوراقه الفنية في مبارياته الودية قبل الذهاب لدوحة قطر، وهذا تكتيك مقنع للجميع، فليس مهماً أن تفوز في المباريات الودية، بل الأهم أن تصل التوليفة الأساسية لأفضل مستوى من الجاهزية الفنية والبدنية في الوقت المناسب، كما أن الحماسة الزائدة في المباريات الودية ليست دليل عافية، بل طفرة محفوفة مخاطر قد تجبرنا على دفع الثمن، إذا جدَّ الجد لا سمح الله. منتخب إسبانيا قبل الذهاب إلى جنوب أفريقيا كان يلعب بنصف الجهد المطلوب من اللاعبين وكانت نتائج المنتخب تثير قلق الشارع الإسباني، وهو يعرف منتخب بلاده الحاصل على كأس الأمم الأوروبية، والباحث عن المجد العالمي، لكن المنتخب الذي قدم مستويات باهتة في المباريات الودية ومن ضمنها أمام منتخبنا الوطني الذي تعادل معه، قفز لواجهة العالم من خلال أدائه التصاعدي في مونديال أفريقيا حتى تربع على العرش العالمي في مونديال 2010 لأول مرة في تاريخه، هكذا تفكر المنتخبات التي تسعى إلى البطولات القارية والعالمية، وهكذا تسير المنتخبات التي تتشح بوشاح البطل وتتقمص شخصية الكبار. منتخبنا سيكون في الموعد بدءاً من اللقاء الافتتاحي أمام سورية وسيكون كما عودنا في هذه البطولة حصاناً جامحاً يلوي إليه الأعناق ويقتحم دوائر الضوء بكل جدارة إن شاء الله تعالى. [email protected]