أوضح الأمين العام للمركز العالمي لمكافحة التطرف (اعتدال) الدكتور نايف البقمي أن تأسيس المركز يأتي استكمالاً للجهد الكبير الذي بذلته الدول الإسلامية طوال العقود الماضية في حربها على الإرهاب والفكر المتطرف، واستشعاراً منها لما تمثله محاربة هذا الفكر الدخيل من أولوية قصوى للمسلمين والعالم بأسره، إذ أخذت على عاتقها المبادرة في إنشاء هذا المركز. وأشار البقمي في افتتاح المركز مساء أول من أمس، إلى التطور التقني غير المسبوق الذي يتمتع به المركز في مكافحة الفكر المتطرف وأنشطته عبر مواقع الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والإعلامية، مضيفاً أن المركز قام بتطوير برمجياتٍ تقنية مبتكرة وعالية المستوى ودرجة غير مسبوقة من الدقة في سبيل مكافحة التطرف والإرهاب. وقال: «قام المركز بتطوير برمجيات مبتكرة وعالمية المستوى قادرة على رصد وتحليل وتصنيف أي محتوى متطرف وبدرجة غير مسبوقة من الدقة، ما يتيح أفاقاً جديدة في مكافحة هذا الفكر». وتابع: «يجري العمل حالياً على تطوير نظم ذكاء اصطناعية متقدمة لتحديد المواقع الجغرافية التي تحتضن بؤر ومواقع الفكر المتطرف، وهذه القدرات تمنح المركز قدرة عالمية واسعة للوصول إلى منابت الفكر المتطرف، والتعامل معها، مع صناعة إعلام محترف ينشر التسامح والاعتدال، ونشكر كل الدول الإسلامية والصديقة الذين أبدوا دعمهم للمركز ليس من أحل حاضرنا فقط، ولكن صيانةً للأجيال القادمة». وأوضح أحد العاملين بالمركز خلال الافتتاح: «إنه مسؤول عن التحرير الإعلامي، ونقوم بمراقبة 100 قناة تلفزيونية بلغات مختلفة وتحويلها إلى نص وتحليها لتحديد المحتوى المتطرف». وقال آخر: «إننا فريق مسؤول عن الرصد في وسائل التواصل الاجتماعي، إذ نقوم برصد ملايين المشاركات عبر منصات التواصل الاجتماعي من ثم تحليلها وتحويلها لاستكمال الإجراءات». ويقوم المركز على ركائز أساسية ثلاث وهي مكافحة التطرّف بأحدث الطرق والوسائل فكرياً وإعلامياً ورقمياً، فيما يقوم بمهمات ثلاث رئيسة هي رصد المواد لحظياً في فضاء القنوات التلفزيونية والمحتوى الرقمي من ثم تحليل ما تم رصده بكل اللغات المختلفة باستنباط الدوافع والأسباب بدرجة كبيرة من الدقة، والتفاعل من خلال برنامج المناصحة والإرشاد وتوجيه الفكر إلى ما يعزز ثقافة المنفتحة والإيجابية. ويطور المركز تقنيات مبتكرة يمكنها رصد ومعالجة وتحليل الخطاب المتطرف بدقة عالية، وجميع مراحل معالجة البيانات وتحليلها يتم بشكل سريع لا تتجاوز ست ثوانٍ فقط من لحظة توافر البيانات أو التعليقات في الإنترنت، بما يتيح مستويات غير مسبوقة في مكافحة الأنشطة المتطرفة في الفضاء الرقمي. ويعمل المركز على تفنيد خطاب الإقصاء وترسيخ مفاهيم الاعتدال، وتقبل الآخر، وصناعة محتوى إعلامي يتصدى لمحتوى الفكر المتطرف بهدف مواجهته، وكشف دعايته الترويجية. ويضم المركز عدداً من الخبراء الدوليين المتخصصين والبارزين في مجال مكافحة الخطاب الإعلامي المتطرف على جميع وسائل الإعلام التقليدية والفضاء الإلكتروني. ويعتمد المركز اللغات واللهجات الأكثر استخداماً لدى المتطرفين، كما يجري تطوير نماذج تحليلية متقدمة لتحديد مواقع منصات الإعلام الرقمي، والمصادر السرية الخاصة بأنشطة الاستقطاب والتجنيد. ويتم اختيار ممثلي مجلس الإدارة المكون من 12 عضواً من الدول والمنظمات، ما يعكس استقلالية أداء المركز الذي يتميز بنظام حوكمة يطبق أفضل الممارسات الدولية في إدارة المنظمات العالمية الكبرى، بما يتيح الحيادية والمرونة والكفاءة والشفافية لتأدية مهمات المركز وتحقيق أهدافه. يذكر أنه تم إنجاز مركز اعتدال الذي أضحى من أكبر المراكز لمواجهة التطرف والإرهاب في وقت قياسي، وحقق المركز خلال 30 يوماً حراكاً كبيراً من العاملين بالبناء فيه، إذ حقق العاملون فيه والذين يتجاوز عددهم 2000 شخص 200 منهم مهندسون، رقماً قياسياً في إنجاز المبنى الذي زاره ودشنه رؤساء الدول الإسلامية وقادة الخليج أول من أمس، برفقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والرئيس الأميركي دونالد ترامب. وتبلغ مساحة المركز 20 ألف متر مربع في مرحلته الأولى على أن يصل إلى 70 ألف متر في مرحلته الثانية، كما استغلت الجهات المنفذة للمشروع قدرات الشباب السعوديين هواة التسلق لإنجاز مهمات شاقة ساعدت على تسريع وتيرة العمل والإنجاز.