هل سيسفر الوضع الحالي في شبه الجزيرة الكورية عن حرب أو عن مصالحة؟ يكمن الرد عند الكوريتين إضافة إلى الولاياتالمتحدة والصين. قبل ستين عاماً، خاضت الولاياتالمتحدة والصين حرباً دموية في شبه الجزيرة الكورية. لم تثبت الحرب تلك الحدود بين الكوريتين الشمالية والجنوبية فحسب، بل حددت أيضاً الوضع في شبه الجزيرة ومسؤوليات الصين والولاياتالمتحدة. وتعني المعاهدات الموقعة من الصين وكوريا الشمالية والولاياتالمتحدة وكوريا الشمالية ان كل طرف ملزم بتقديم الدعم العسكري لشريكه في المعاهدة ما ان تندلع الحرب. وتمنح معاهدة بين الولاياتالمتحدة وكوريا الجنوبية، الجانب الأميركي الحق بنشر قوات برية وبحرية وجوية على الاراضي الكورية والمناطق المحيطة بها. وكانت الولاياتالمتحدة قادرة على شحن ترسانة من الأسلحة إلى كوريا الجنوبية وانشاء «قيادة القوات المشتركة الكورية – الاميركية» في سيول والسيطرة على دفاعات كوريا الجنوبية. وحقيقة وجود المعاهدات تلك يعني أن اندلاع حرب كورية جديدة، سيؤدي إلى جر الولاياتالمتحدة والصين اليها. لكن، إذا كانت واشنطن وبكين قادرتين على فرض سيطرتهما على الوضع، فلن تكون شبه الجزيرة الكورية مضطرة لتحمّل حرب أخرى. وليس في وسع الولاياتالمتحدة والصين تقرير مصير الكوريين، لكن في وسعهما الحيلولة دون حرب دموية. وانخرط «جيش متطوعي الشعب الصيني» في الحرب الكورية في الخمسينات حيث لم يكن من خيار أمامه. وبعد ستين عاماً، لا تريد الصين التورط في حرب دموية في بلد مجاور. وبغض النظر عما تتخيله الخطة الاستراتيجية الأميركية لآسيا، أشك في أنها ستكون قصيرة النظر بحيث تدعم حرباً تدور بالقرب من الصين، على غرار ما فعلت قبل 60 عاماً. وطالما ان الصين والولاياتالمتحدة لا تريدان القتال، وبما ان الكوريتين لا تجرؤان على شن الحرب، تملك الولاياتالمتحدة والصين كل الاسباب اللازمة لتعزيز التنسيق بينهما. وعلى الولاياتالمتحدة ان تدرك أن تقوية التحالفات العسكرية الحصرية مع اليابان وكوريا الجنوبية لن تحل المشكلة ولن تنشر السلام في شبه الجزيرة الكورية. وسيكون من قصر نظر الولاياتالمتحدة الاعتماد على قوتها العسكرية لتحافظ على مواقعها في آسيا. سياسة كهذه محكومة بالفشل. وما من أحد يود خوض حرب في كوريا بيد أن البعض يحاول انشاء وضع شبيه بالحرب الباردة في شمال آسيا بهدف فرض ضغوط والحصول على مكاسب. تنبغي مقاومة هذه المحاولات. ومن الملح بالنسبة الى الصين والولاياتالمتحدة تعزيز تنسيقهما في شأن شبه الجزيرة الكورية لمنع أي طرف من جني الفوائد من الوضع المتوتر الحالي. سيرفع هذا النوع من التنسيق مستوى الثقة المتبادلة بين الصين والولاياتالمتحدة. التنسيق بين اميركا والصين وسيطرتهما على الموقف لا ينبغي ان تتناقض مع مصالح شبه الجزيرة الكورية او تتجاهل المصالح المشروعة للكوريين، بل على العكس، يجب أن تقدم نوعاً من الضمانة لآسيا ولشبه الجزيرة وللعالم بأن ما من حرب ستقع في شبه الجزيرة التي ستمضي نحو السلام وان الحرب الباردة ستضع في نهاية المطاف اوزارها. * صحافي في «جريدة الشعب اليومية»، عن «غلوبال تايمز» الصينية، 30/12/2010، اعداد حسام عيتاني