يزور رئيس مجلس السلام الأفغاني برهان الدين رباني إسلام آباد خلال الأيام المقبلة، لحض المسؤولين الباكستانيين على المشاركة في إقناع حركة «طالبان» الأفغانية بالحوار مع كابول، وإنهاء الحرب في أفغانستان. يأتي ذلك في مطلع سنة حاسمة لأفغانستان مع بدء عمليات سحب القوات الأجنبية بدءاً من تموز (يوليو) المقبل، تمهيداً لإنجاز تسليم مسؤولية الأمن الى القوات الافغانية العام 2014. وعلى رغم تأكيد رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني، خلال زيارته الأخيرة لكابول، أن اي سلام لن يتحقق في أفغانستان من دون مشاركة بلاده، وإعلان الناطق باسم الخارجية الباكستانية عبدالباسط، استعداد إسلام آباد لتوفير أي دعم تطلبه كابول، يواجه رباني مشكلة عدم اقتناع النخب السياسية في كابول بإمكان نجاح المصالحة الوطنية. ولم يتردد مسؤولون افغان في انتقاد بدء الرئيس الافغاني السابق رباني جولة على ولايات هيرات (غرب) وقندهار (جنوب) وجلال آباد (شرق) قبل توجهه الى إسلام آباد، معتبرين انها محاولة لاستغلال منصبه من اجل إعادة تفعيل دور حزبه «الجمعية الإسلامية» الذي كان اضطلع بدور واسع في الجهاد ضد الاحتلال السوفياتي السابق، «خصوصاً انه لم يلتقِ اشخاصاً معنيين بمشروع المصالحة الوطنية، بل زعماء قبائل ومسؤولين سابقين في حزبه». كذلك، يعاني رباني من مشكلة انعدام التنسيق بين أربع لجان حكومية للمصالحة هي، اضافة الى لجنته، تلك التي انشئت قبل نحو سنة بمبادرة من مؤتمر لندن للدول المانحة والحكومة البريطانية، والتي لم تحقق شيئاً على الارض على صعيد تعزيز المصالحة والتكامل وإعادة البناء. كما تعمل في المجال ذاته لجنة للمصالحة الوطنية في مجلس الشيوخ الافغاني برئاسة صبغة الله مجددي، الخصم التقليدي لرباني، وأخرى في البرلمان. وصرح عطاء الله لودين، معاون رباني، بأن «محادثات إرساء السلام في افغانستان ستشمل الاطراف الباكستانية كلها، وبينها الرئيس آصف علي زرداري ورئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني. وهي مجرد بداية، لذا لا نستطيع التحدث عن نتائجها الآن، لكننا متفائلون في شأن جهود السلام». لكن شخصيات أفغانية بارزة ومحللون يعتبرون مشروع المصالحة هدراً للوقت، «لأن قرار المصالحة في ايدي القوات الأميركية، وليس في يدي مجلس رباني او الحكومة الأفغانية، كما أن الشخصيات التي يتصل بها رباني خلال جولاته لا تأثير لها على قرار حركة طالبان مواصلة القتال أو الموافقة على السلام». ويرى هؤلاء ايضاً ان «عدم وجود ضمانات لأي شخص أو مجموعة تلقي السلاح وتنضم الى الحكومة، جعل باقي المقاتلين لا يثقون بأقوال الرئيس حميد كارزاي والديبلوماسيين الأميركيين في شأن مشروع المصالحة. ويُشير خبراء الى ان الحكومة الباكستانية لا تستطيع فرض حل على «طالبان» الأفغانية «المستقلة سياسياً وعسكرياً»، على رغم اعتراف الخبراء بوجود عدد من قيادات «طالبان» في الأراضي الباكستانية، ما يجعل الموقف الباكستاني أسير موقف الحركة، ويسعى الى عدم إغضاب كوادرها أو المس بهم، حفاظاً على مصالح باكستانية في عدم السماح للهند بالتواجد الأمني في افغانستان، أو الاضطلاع بدور أساسي في أي حل مستقبلي في هذا البلد.