يعتمد مبدأ الترويج لبوليصة التأمين على ما يؤدي إليه المثل القائل «درهم وقاية خير من قنطار علاج»، لكن ما أن تقع الفأس في الرأس، تتلاشى الوعود «الوردية»، وتنكشف الادعاءات، ويظهر للضحية (المستفيد) لحظة حاجته الماسة إليها أن بوليصة التأمين لا تسمن ولا تغني من مرض أو أذى. «الحياة» تقمصت دور راغب في بوليصة تأمين، واتصلت على شركة تأمين (تحتفظ «الحياة» باسمها) لطلب «بوليصة تأمين صحي»، في محاولة لرصد حقيقة تحمل الشركات لتكاليف التأمين عند الحوادث كما تزعم، فدار حوار بينها وموظفة الشركة (تحتفظ «الحياة» باسمها)، وكان السؤال الأول عما إذا كانت البوليصة تشمل إصابات الحوادث، فبادرت الموظفة بطلب المعلومات الشخصية (الاسم ورقم الهاتف)، ثم بدأت بتعديد مزايا الباقات التأمينية لدى الشركة، وأفادت بأن كل باقة منها تغطي تكاليف مبلغ محدد (تتراوح المبالغ التي تتحملها الشركة بين 75 ألف ريال كحد أدنى و250 ألف ريال كحد أقصى) ونوهت إلى أن الشركة لا تتحمل تكاليف الحمل أو الولادة إلا بعد تسعة أشهر من تاريخ بدء التأمين، وأسهبت دونما انقطاع في تفاصيل الباقات، محاولة التهرب من إجابة السؤال المطلوب عن تغطية الحوادث، لتختتم حديثها بأن التأمين الطبي يغطي التكاليف الصحية كافة، وفق المبالغ التي تحددها كل باقة من الباقات التأمينية. وعند إعادة السؤال عليها عن مدى تغطية الشركة عبر بوليصتها لأضرار الحوادث، أكدت أن التأمين يشمل كل تكاليف الحوادث المرورية وغيرها، لكن وفق الحد الأعلى للمبلغ المتاح للباقة التأمينية. وانتهت المكالمة بهذا التأكيد. ويبدو خيار شركات التأمين حول ما يقال للعملاء واضح، فالعبارة «محددة» ومتفق عليها، ف «التأمين يشمل الحوادث»، ويتجلى هذا الخيار في اتصالين لاحقين من «الحياة» على شركتي تأمين أخريين مختلفتين. لكن بعض من تعرضوا لحوادث مرورية أكدوا أن شركات التأمين لا تغطي الحوادث، وتتهرب من مسؤولياتها الواجبة بحسب البوليصة، وتتخلى عن المشتركين لديها بكل «بساطة»! لتصبح وثائق التأمين الخاصة بهم «بلا قيمة» عند حاجتهم الماسة لها، وتتلاشى كل الوعود الوردية التي قطعتها هذه الشركات. يرفض لؤي فايز تصديق هذه الوعود الوردية التي قدمت لهم، إذ تحولت بين ليلة وضحاها إلى «أكاذيب»، بمجرد حاجته لها، وتجسدت المعاناة على بوابات تلك الشركات في محاولة لحصد نزر يسير من تلك الوعود. وبحسرة يحكي فايز أنه عندما ذهب لشركة تأمين (تحتفظ الحياة باسمها) من أجل التأمين عليه وعلى أسرته طبياً، أخبره مندوب الشركة أن الحوادث تدخل في نطاق ما يشمله التأمين الصحي، مشيراً إلى أن ذلك لم يكن صحيحاً. ويضيف فايز أنه عندما وقعت عليه حادثة في طريق جدة - مكة السريع أدت إلى إصابته بكسور في أجزاء متفرقة من جسده لم يكن يتحمل تكاليفها سوى المستشفيات الحكومية. ويرى أنه كان محظوظاً لأن حالته الصحية الجيدة لم تذهب ضحية «بوليصة» تأمين لا تسمن ولا تغني من جوع. وفي حالة تجسد واقع بعض شركات التأمين حيال موقفها من تحمل تكاليف الحوادث المرورية أو غيرها، تحدث عبدالمجيد الشمراني أن شركة التأمين التي حصل على تأمينها تخلت عن وعودها له بمجرد أن أصبحت زوجته معوقة حركياً إثر حادثة مرورية ألمت بها أثناء أدائها لعملها. ويضيف أن الشركة لم تمانع في بداية الأمر من علاج زوجته إلا أن حالتها وحاجتها للعلاج الطبيعي الذي يصفه ب «المكلف» دعا الشركة للتملص من وعودها. ويزيد أنه وعلى رغم من مطالباته المتواصلة والملحة للشركة إلا أن المطالبات المستمرة والتلويح بشكواها أحياناً أخرى لم يجد نفعاً في تغيير موقف الشركة. من جانبه، تحدث المحامي هشام حنبولي أنه لابد على من يرغب في القيام بالتأمين الصحي سواء من المواطنين أم المقيمين قراءة بوليصة التأمين جيداً ورؤية ما إذا كان التأمين ضد الحوادث داخلاً فيها أم لا. وأضاف: «لابد من قراءة تفاصيل التأمين ضد الحوادث وشروطه كافة، ففي حال لم تلتزم الشركة ببوليصة التأمين الموقعة بين الطرفين فإن النظام كفل للمتضرر رفع قضية ضد شركة التأمين»، مشيراً إلى ان الجهة المسؤولة عن تلك الشركات هي مؤسسة النقد العربي السعودي.