شهدت أنقرة أخيراً التوقيع على اتفاقية لإنشاء شبكة الاتصالات الإقليمية Regional Communication Network (اختصاراً «آر سي أن» RCN) من قبل 7 مؤسسات مُشغلة لشبكات الخليوي في الشرق الأوسط، هي «اتصالات» الإماراتية، «موبايلي» السعودية، «أورانج» الأردنية، وزين– مدى» الأردنية، «سوبر أون لاين» (تابعة ل «ترك سيل») التركية و»المؤسسة العامة للاتصالات» السورية. وتهدف الاتفاقية الى إنشاء شبكة أرضية عريضة النطاق للاتصالات الإقليمية الرقمية، ما يضمن سهولة نقل البيانات والمعلومات، وتأمين الاتصالات الصوتية، والاتصال مع الانترنت. وتغطي هذه الشبكة الدول المُشاركة في الاتفاقية، كما تساهم في ترابط شبكات الاتصالات بين الشرق والغرب، خصوصاً بين آسيا وأوروبا. وتشكل هذه الشبكة الأرضية ممراً موازياً (ومكملاً أيضاً) لكوابل الاتصالات والإنترنت الموجودة في البحر الأحمر حاضراً، والتي تخدم قرابة بليوني نسمة. وكذلك تساهم الشبكة في إيجاد بديل أقل كلفة مما يتوافر حاضراً، في الاتصالات الدولية التي تتضمن نقلاً كثيفاً للبيانات والملفات عبر الحزم العريضة. ويفترض أن تساعد هذه الشبكة على رفع الأداء في الاقتصاد، وزيادة أعداد المشتركين في الانترنت، مع تخفيض كلفة الاتصالات وزيادة سعاتها وسرعاتها، وتأهيل البنية التحتية للاتصالات في المنطقة لملاقاة التطور الهائل المتوقع في زيادة انتشار الانترنت واستخدامها في المستقبل. وتبلورت فكرة هذه الشبكة بفضل جهود أردنية بُذِلت في عام 2009. وحينها، اتفقت مجموعة من مؤسسات الاتصالات على إنشاء شبكة من كوابل للألياف الضوئية المزدوجة المسار، باستخدام البنية التحتية المتوافرة فعلياً لدى هذه المؤسسات. ووُقعت اتفاقية أولية عن هذه الشبكة في مطلع 2010. وأعطت الاتفاقية للأردن حصة عادلة، إذ راعت موقعه جغرافياً واستراتيجياً، فمنحته قرابة ال 17 في المئة من إجمالي الحصص. وتجدر الملاحظة أن طول كوابل هذه الشبكة في الأردن، يمثل 10 في المئة من إجمالي طولها الذي يبلغ 3875 كيلومتراً. واتفقت الشركات الأردنية («أورانج» و «زين- مدى») على تقاسم حصة الأردن مناصفة بينهما. وتمتد كوابل الألياف الضوئية لهذه الشبكة، في مسار مزدوج، بين الفجيرة في دولة الإمارات العربية المتحدة والحدود التركية - الأوروبية. وفي خطوة تالية، ستمتد هذه الشبكة لتصل الى مدن أوروبا كافة. وتعتمد هذه الشبكة الأرضية على تكنولوجيا تتيح نقل ثمانين موجة في كل مسار، سعة كل منها 40 غيغابايت في الثانية، ما يساوي 3,2 تيرابايت للمسار المفرد. وفي مرحلة أولى، يجهز كل مسار ليحتوي 30 موجة، ما يعطي سعة نقل مقدارها 1,2 تيرابايت في الثانية. وترفع الشبكة عينها سرعة النقل في الشبكات الرقمية في الأردن، إلى سعة أربعين غيغابايت في الثانية (3 أضعاف سعتها حاضراً)، ضمن تكلفة متواضعة نسبياً، تتراوح بين 5 و6 ملايين دولار، تضاف إلى كلفة استخدام الكوابل والبنى التحتية الموجودة راهناً. ويترجم هذا الأمر نفسه بوجود اتصالات سريعة وقوية مع الإنترنت في الأردن، ضمن تكلفة مدروسة لا ترهق كاهل المواطن العادي. وكذلك تُغني هذه الشبكة الأردن عن استئجار سعات جديدة بالأسعار الدولية المرتفعة نسبياً. وفي مرحلة مقبلة، يستطيع الأردن أن يؤجر سعات في الاتصالات الدولية بين الشرق والغرب، ما يجعل هذه الشبكة مصدر دخل إضافي، يساهم في إنعاش الاقتصاد الأردني. وشددت الرئيسة التنفيذية ل»أورانج» في الأردن نايلة خوام، في تص``ريحات صحافية، على أهمية هذه الشبكة. ورأت أنها تعود بفوائد جمة تقنياً واجتماعياً واقتصادياً، إضافة إلى تحسين نوعية الخدمات في الاتصالات عموماً. وأوضحت أن الشبكة تزيد فرص استخدام التطبيقات المتقدمة في المعلوماتية، وهي التي تتطلب سرعات عالية في الاتصال مع الإنترنت. وأعربت خوام عن قناعتها أيضاً بأن الشبكة الجديدة تقدم فرصة كبيرة لزيادة نشر ثقافة الانترنت في الأردن، إضافة إلى تعزيز وضعه كمركز إقليمي في الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. وأخيراً، نوهت خوام بقدرة الشبكة على تدعيم التنمية المستدامة، إضافة إلى دوره في رفع مستوى التواصل بين الشرق والغرب. وأعرب أحد المديرين في شركة «مدى» عن قناعته بأن الشبكة الأرضية تساهم في توفير خدمة الإنترنت بسرعات عالية في الأردن، إضافة الى الحد من صعوبات الاتصال مع الويب. ورأى أن الشبكة تعزز سعي الأردن لأن يصبح مصدراً للمحتوى على الإنترنت، ونقطة جذب للاستثمارات في تكنولوجيا المعلومات. وأشار إلى أن الشبكة الجديدة تساعد على تمكين دول المنطقة من التواصل مع الدول كافة، بسرعات عالية وإمكانات لم تكن متاحة قبلها، ومن دون فرض قيود على البنية الرقمية التحتية.