«أم الخير 2» ... آمن سكان حي أم الخير في الجزء الثاني من فيلم «جدة تغرق» أنهم «أكلوا مقلباً» تاريخياً لن يتكرر في حياتهم وسيتحدث عنه أبناؤهم من بعدهم وربما أحفادهم. مقلب مرتب وأنيق وشرعي؛ دفعوا لقاءه ثمناً غالياً من عرق العمر وحمولة الديون و... الأماني. المقلب الكبير... حفرة في مجرى سيل؛ كانت هي المجمع السكني الراقي المكون من فلل فخمة تشطيبها «دوبلكس» و«جراجات» أرستقراطية، اشتراها سكانها يوماً قبل سنين من مالك معروف كان يعمل مستشاراً في أمانة جدة، بصكوك موثقة وأوراق لا غبار عليها (بحسب شهادات سكان). عندما سكنوا امتلأوا فخامة وعزاً. وشعوراً تغذى بالملكية الجميلة والاطمئنان، حتى جاء المطر «الفاضح» لاحقاً، فاكتشفوا أن كل هذه المواصفات الجذابة لم تكن سوى مسوغات مهمة لكي يبتلع السكان المقلب الكبير بتلذذ، ويحمدوا ربهم عليه. وماذا يمكن عمله؟، كما يتساءل، المواطن حسين الأهدل، «فالأمانة لم تبدأ مشاريعها سوى هذه الفترة، وبعض الأعمال التي نفذتها البلدية زادت الطين بلة، وتأكدت الحقيقة المرة أننا نسكن حفرة في طريق سيل، والحل لن يكون سوى بإزالة السد الترابي أو إزالتنا؟». لم يكن الجزء الثاني من حكاية الغرق الجداوية بالنسبة لسكان مجمع أم الخير سوى ضربة أخرى في الرأس؛ أكدت لهم صدمة حقيقة حيهم الفاخر التي حملها الجزء الأول من فيلم الغرق. ولم تتغير كذلك أحداث الفيلم كثيراً بمكوناته الرئيسة: سحب سوداء، أمطار غزيرة، ثم سيول تقتحم المنازل، مع بعض الاختلافات المسجلة هنا وهناك، إلا أن الجديد أن سكان الحي تعلموا من التجربة إنقاذ أنفسهم، لكي «لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين». ويتساءل الأهدل: «كل هذا يحدث في حي فاخر مصرح من الأمانة نفسها؟، وصاحبه معروف لدينا ولدى المجتمع، لكننا استطعنا النجاة، وأخذنا احتياطات مبكرة، وتمكنت قنوات التصريف المفتوحة من تقليل الأضرار». ونهاية أم الخير 2، كانت فلل تسبح في مستنقع من المياه يتجاوز ارتفاعه المتر، وتتجول ارائكها وطاولاتها في الشوارع، والسكان ينتظرون في الطوابق العلوية، فرصة الاطمئنان على حياتهم، لملاحقة بقايا الأمتعة والمواعين في الشوارع الغارقة؛ ويحمدون الله «جات على مقلب».