سيدة في العقد الثالث من عمرها تتوجه للمطار للسفر وتنهي إجراءات التسجيل ووزن الحقائب وخلافة حتى تصل للجوازات، تقدم صورة من تصريح السفر مع احتفاظها بالأصل بكل ثقة ليخبرها الضابط أنه لا يمكنها السفر! تتساءل بدهشة، لماذا؟ يقول: «لابد أن يحضر زوجك!». «زوجي من؟ أنا مطلقة منذ أكثر من ثلاث سنوات، وسافرت مرات عدة بتصريح من والدي!». يرفض أن يعطيها ختم الخروج قائلاً: إن «السيستم» يقول إنك زوجة فلان! ولابد أن يأتي زوجك ويصرح لك بالسفر!». الحمد لله طليقها رجل طيب ومتعاون، حضر للمطار وأكد أنه طليق هذه المرأة وليس زوجها، لكن المسؤول أصر أنه لا يمكن أن يسمح لها بالمرور إلا بتصريح منه، لأن «السيستم» يقول إنه زوجها! المهم تمت الإجراءات وعدت على خير وسمح الطليق لطليقته بالسفر! حكايات مضحكة محزنة لا تعرف كيف تنظر إليها ولا كيف يكون موقفك منها. تضحك على «السيستم» الذي يصر أن يكون «الطليق» هو ولي أمر الزوجة، وهو «السيستم» نفسه الذي مرر هذه المرأة نفسها بتصريح والدها لأكثر من ست مرات على مدار ثلاث سنوات. أم تحزن على هذه المرأة، والأم، والمهندسة، والسيدة المتعلمة التي تقف في المطار تنتظر طليقها ليسمح لها بالسفر، لأن هذا ما يقوله «السيستم»! حكاية أخرى لامرأة تريد أن تسافر إلى لقاء زوجها ولكن عملياً «السيستم» لا يسمح بذلك! قبل أن يسافر الزوج سلمها تصريح سفرها وكل المطلوب، وحين حان وقت سفرها اكتشفوا أن تصريح السفر غير صالح لأنه محدد المدة! تسأل الزوجة زوجها: «لماذا حددته»؟ قال إنه لم يحدده، وإنه طلب من الموظف أن يكون التصريح مفتوحاً، كما يفعل الكثير من أولياء الأمور الذين لا يحجرون على نسائهم حق الحركة، ولكن يبدو أن الموظف لم يوافق الزوج رأيه، واستغل عدم معرفة الزوج بالأنظمة و«السيستم» الخاص بتصريحات السفر، فاستخرج له تصريحاً محدد المدة! المهم، مدة التصريح انتهت، والزوج في قارة والزوجة في قارة أخرى، حتى والده لم يتمكن من استخراج تصريح لزوجة ابنه، لأنها في «السيستم» تحت ولاية زوجها! طبعاً قصص تصاريح السفر كثيرة، وليست هناك من لم تتعرض لمواقف محرجة وغير منطقية بسبب مسألة التصريح، فالسعوديات هن النساء الوحيدات في العالم اللواتي لا يملكن حق «حرية الحركة أو التنقل» سواء بالطائرة أو السيارة، ولو تمكن «السيستم» من منع السيدات من ركوب الطائرة إلا مع ولي لفعل، ولكنه وقتها عليه أن يواجه معارضات أولياء الأمور الذين يقومون بتسفير «حريمهم وعيالهم» في الإجازات الصيفية وغيرها من دون ولي أمر لأسباب كثيرة لا مجال لذكرها هنا. ويبدو أن «السيستم» الخاص بالمرور قرر أيضاً أن يسهم في تعطيل حركة المرأة بشكل عام، إذ ألزمت إدارة المرور وكالات ومعارض السيارات عدم السماح للمرأة بامتلاك أي سيارة لأي غرض ما إلا بموافقة ولي أمرها، بحسب الخبر المنشور الأسبوع الماضي في الصحف المحلية، وبغض النظر عن أسباب صدور قرار كهذا إلا أنه إضافة جديدة لقائمة العقبات التي تمنع المرأة من حرية الحركة وتحد من مقدرتها على التنقل، فالمرأة دائماً لابد أن تكون تحت وصاية ذكر ما، فهي دائماً تحتاج الى من يضمن سلوكياتها، لذا تبقى تحت تصرف «كفيلها»، عذراً «وليها»، مع أني لا أرى فارقاً بين الاثنين! [email protected]