هنأ الرئيس اللبناني ميشال سليمان وحدات الجيش اللبناني المنتشرة في الجنوب وكذلك القوات الدولية (يونيفيل) بالأعياد، منوهاً بالتنسيق القائم بينهما، ومشيداً ب «الجهود التي يبذلها قائد الجيش وضباط القيادة والخطوات المتخذة للدفاع عن لبنان وحفظ السلم الأهلي وتعزيز الوحدة الوطنية من خلال منع الفتنة حيث قام الجيش بالتعاون مع قوى الأمن الداخلي بدور جيد، ومشهود له من الفرقاء جميعاً». ودعا سليمان خلال جولة له في الجنوب أمس، إلى «وضع استراتيجية وطنية دفاعية ترتكز إلى القدرات الوطنية والديبلوماسية والعسكرية وإلى قدرات المقاومة لردع الاعتداءات الإسرائيلية على المياه والنفط وعلى شبكات الاتصالات وكذلك التجسس، ولتأكيد العزم والإصرار على استرجاع الأراضي المحتلة أو تحريرها، والتصدي للخروق الإسرائيلية». وإذ تمنى رئيس الجمهورية عاماً سعيداً للجيش و»يونيفيل»، أشار إلى أن «العنوان الذي يتوق إليه المواطن هو مشروع الدولة العادلة والقادرة والحامية والضامنة والقوية، التي تعيد إنتاج مفهوم جديد للمواطنية يتقدم فيه الانتماء الوطني على بقية الانتماءات». وكان سليمان زار امس وحدات الجيش اللبناني وقوات «يونيفيل» المنتشرة في الجنوب، وهنأهم بحلول الأعياد المجيدة، مثنياً على «الدور الكبير الذي يقومون به في حماية الاستقرار والدفاع عن حدود الوطن». واستهل جولته بزيارة قيادة اللواء الخامس في البياضة، حيث استقبله قائد الجيش العماد جان قهوجي ومدير المخابرات العميد الركن إدمون فاضل، وقائد اللواء العميد الركن شربل أبو خليل، وكبار الضباط. وعقد لقاء في مكتب قائد اللواء اطلع خلاله سليمان على سير الأمور و«ما يتعلق بالمهمات التي يتم تنفيذها والحاجات اللازمة لاستكمال أداء هذه المهمات على أحسن ما يرام». نقوم بالمهمات وحدنا وبعد اجتماع عقده مع الضباط ألقى سليمان كلمة أكد فيها أن «جهود الجيش كانت ظاهرة خلال هذه السنة في مجالات عدة»، وأضاف: «في حفظ الأمن، كان لكم دور كبير وتواصل مستمر»، مشيراً إلى «حادثة برج أبي حيدر التي كان فيها للجيش دور في إطفاء الفتنة وعدم السماح لها أن تمتد. إلى جانب كشف العملاء وشبكات التجسس والخلايا الإرهابية ومتابعتها والقضاء عليها وتوقيف البعض من أفرادها». كما أشاد بجهود العسكريين في «عمليات الإنقاذ والإغاثة والحرائق خصوصاً عمليات إنقاذ الطائرة الأثيوبية». ولفت إلى «المهمات الإضافية التي تقومون بها في الجنوب، كنزع الألغام وتعليم الخط الأزرق. وسقط شهداء في السنة الماضية (حادثة العديسة) ودفعتم ثمن حفظ الأمن وهذه مادة أساسية استطعنا أن نحققها من العام 2008 عندما أصبح الجيش اللبناني، والإدارة اللبنانية يقومان وحدهما بالمهمات من دون غطاء آخر. كان هناك غطاء سوري في الماضي، أما اليوم فنحن نقوم بالمهمات وحدنا ونجحتم في تأمين المناخ الأمني المناسب». وذكّر ب»حوادث نهر البارد، والشهداء الذين خسرهم الجيش فيها». واعتبر سليمان أن «هذا كله تم بجهد من القيادة المسؤولة عن الجيش وجهد قائد الجيش، الذي يسهر على متطلبات الجيش ومعنوياته، وعرف كيف يبعد الجيش من التجاذبات السياسية. لأنه إذا ما دخلت السياسة أو أثرت على الجيش فستخرّب كل شيء، ولن نستطيع أن نعلم كيف ننفذ مهمة ما، وتؤثر على قرارات أو عمل أي ضابط أو عسكري. بينما المطلوب أن نقوم بالمهمة على أساس تطبيق القانون، والنظام العسكري وأمر القيادة. وليس على أساس حسابات أخرى». ودعا العسكريين إلى «متابعة الجهود المبذولة، لأن في سنة 2008 أصبح لبنان يدير شؤونه وحده». وشدد على أن «علينا متابعة جهودنا وجاهزيتنا للحفاظ على الوطن وإعادة العافية إليه، وهناك ثلاث نقاط تعلمونها: الدفاع، الأمن والوحدة الوطنية. في الدفاع، مهمتكم إلى جانب قوات الطوارئ الدولية في الجنوب مهمّة كثيراً، وعلاقتكم مع هذه القوات مهمة جداً. وهؤلاء بذلوا جهوداً منذ العام 1978 ولديهم علاقات طيبة مع المواطنين، وأحياناً تتأثر هذه العلاقات بسبب كثرة العدد أو كثرة الآراء التي تصدر من هنا أو هناك، ولا تنسوا أيضاً وجود العدو الإسرائيلي الذي يحاول دائماً أن يحرّض يونيفيل على كيفية تنفيذ مهمتها أو على بعض الناس. فالدور الأساس المطلوب منكم أن تسهروا على حسن العلاقة مع المواطنين ووضع برنامج خاص لهذا الموضوع». وشدد على «الالتزام بالعقيدة الوطنية للجيش التي لم تتغير ولا يجوز أن تتغير. وأثبتت نجاحها وهي تختصر بأن الجيش هو خط الدفاع الأول. فقدرات الجيش تعززها وتتكامل معها قدرات المقاومة، وقدرات الشعب اللبناني. خصوصاً صمود أهل الجنوب»، مؤكداً أن «هذه معادلة ناجحة لا نستطيع ولا يجوز التخلي عنها». منع الفتنة بأي ثمن وأثنى على «منع الفتنة الداخلية، مقابل أي ثمن»، معتبراً أنه «يجب أن نكون جاهزين لهذا الموضوع بالتعاون مع قوى الأمن الداخلي التي أثبتت جدارة في موضوع التجسس وهذا أمر تُهنأ عليه، وأيضاً بمعاونتكم على كشف الخلايا الإرهابية». وأعرب عن ارتياحه «طالما أن الجيش يتمتع بوحدة وطنية متينة، وقد اثبت هذا الأمر»، معتبراً أن «مقولة أن الجيش سينقسم، أصبحت من الماضي ولم تعد تقال. وأثبت الجيش أن لديه وحدة وطنية متينة»، مضيفاً أن «العمل المؤسساتي والوحدة الوطنية هما ضمان استقلال لبنان... وعندما توجد الوحدة الوطنية والعمل المؤسساتي، لا نخاف من الاهتزاز السياسي. فإذا لم يجتمع مجلس الوزراء لا نخاف من أن تتخربط الأمور في موضوع الجيش، حتى في ظل وجود أي تعثر سياسي». وقال: «منذ انخراطنا في الجيش اللبناني كنا نسمع أن صيغة لبنان لا ترضي إسرائيل التي تحاول دائماً أن تزرع الفتنة فيه، لتحدث الشرخ بين اللبنانيين، إذاً هذا التحدي في وجه إسرائيل ويهودية إسرائيل هو تحد في وجه الإرهاب الذي لا يعترف بالآخر حتى لو كان من طائفته. وتحد أيضاً لبعض النزعات التي تظهر في أوروبا والتي تنحو باتجاه الانعزال، إذ بدأ القول إن التعددية الثقافية لا يمكن أن تنجح»، مؤكداً أن «علينا إثبات العكس. لذلك يقتضي العمل من قبل الجميع لتجاوز الأزمة السياسية التي نحن فيها، بالارتكاز، إلى اتفاق بعبدا - القمة الثلاثية - التي انضم إليها رئيسا مجلس النواب والوزراء، إذ حصل تفاهم على تدارك الوضع ومنع الفتنة من أن تدخل إلى لبنان، لأن هذه الفتنة أريد لها الدخول إلى لبنان، حيث اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والشخصيات اللبنانية، لكنها لم تحصل، وذلك بفضل الجيش والوعي لدى أهل الشهيد والجهات الأخرى، حينها تداركنا الفتنة، فهل سنسمح لها بالدخول تحت ستار إسرائيلي أو ستار آخر؟ كما تسمعون من تصريحات، تقرأ قرارات وأحكام وتبصّر بالفنجان، وأنا رئيس دولة لم يقل لي أحد شيئاً عن القرار الاتهامي، وهذا ما يثير العجب»، وقال: «لذلك لن نسمح للفتنة بأن تمر، اتفقنا على هذا الأمر وتعمل سورية والسعودية على هذا الاتفاق، وأكيد رئيس الجمهورية يعمل بدوره مع القيادتين السورية والسعودية ومع الأطراف الداخلية والأطراف الخارجية الأخرى، وكذلك رئيس الحكومة، يعمل في الاتجاه نفسه». وشدد على «استكمال تطبيق اتفاق الطائف، وعدم الخوف من إلغاء الطائفية السياسية، فيجب إلغاء الطائفية السياسية من دون إلغاء المناصفة على أن يكون كل نصف غير طائفي، يأتي من الطوائف ولكن من دون أن يكون طائفياً بما يعني تغيير قانون الانتخاب بدرجة أولى وتغيير قانون الأحزاب». إسرائيل تعترض على تسليح الجيش وأعلن سليمان أن الرئيس الروسي أخبره باعتراض إسرائيل على «تزويدنا بالطائرات الحربية، وبالأمس، اعترضت (إسرائيل) على إعلان فرنسا تزويدنا عدداً من الصواريخ، وهذا اهم سبب يدعونا إلى إعداد خطة للتسليح»، وقال: «يجب أن تقرر الخطة في مجلس الوزراء الذي عليه أن يحدد مصادر التمويل ويحدد السنوات، ويمكن القول إن جزءاً من هذا التمويل يأتي عبر مساهمات أخرى، حينها تكون حملة التبرع أو الصندوق الذي يتم إنشاؤه في حينه، لكن لا يمكن أن نبدأ العمل بالصندوق من دون أن تتحمل الدولة مسؤولياتها، هذا أمر لا يجوز على الصعيد الوطني، لا يجوز أن نتلقى مساهمات من المواطنين لتسليح الجيش والدولة لم تأخذ مسؤولياتها، على الأقل أن نضع خطة ونقول يجب أن نسير بها، ربما بعد 10 سنوات، ولكن يجب أن نقرها وحينها نبدأ مع قيادة الجيش الإعداد للحصول على المساعدات اللازمة». ورأى أن «خطة التسلح ضرورية لوضع استراتيجية وطنية للدفاع وهذه الاستراتيجية لا توضع من دون تنمية القدرات الوطنية والديبلوماسية والعسكرية وقدرات المقاومة من ضمنها، هذه الاستراتيجية التي تبنى على الجيش والقدرات الوطنية بما فيها قدرات المقاومة، تستطيع ردع العدو ليس فقط عن الاعتداء على الأراضي اللبنانية بل الاعتداء أيضاً على المياه الجوفية اللبنانية والخروق للأجواء، والاعتداء على النفط الموجود في البحر الذي هو أمل لبنان الكبير. صحيح أننا تأخرنا ولكن أقول إن ذلك جيد لأنه كان ذهب مع الهدر الذي حصل، ولكن يجب ألا نتأخر اكثر، علينا الإسراع في استخراج النفط والغاز لنستطيع ترتيب أوضاع البلد ونترك لأولادنا وأحفادنا مستقبلاً للبنان وليس ديوناً». وتابع: «الأمر الثاني الذي تحققه الاستراتيجية الوطنية هو العزم والإصرار على استرجاع الأراضي المحتلة أو تحريرها مثل الغجر التي ومنذ اربع سنوات لم ينسحبوا منها، والآن يتحدثون عن انسحاب على طريقتهم. أي أننا إذا لم نسترجع الأراضي بالطرق الديبلوماسية، نسترجعها بطرق أخرى مشروعة أي الطرق العسكرية. الأمر الثالث هو قدرة التصدي إذا حصل اعتداء. المهم أن العنوان الذي يريده جميع اللبنانيين هو مشروع الدولة العادلة والقادرة والحامية والمتعافية والقوية. علينا إنتاج مفهوم الوطنية قبل الولاءات والانتماءات». بعد ذلك، انتقل سليمان يرافقه قهوجي وكبار الضباط إلى مقر قيادة القوات الدولية في الناقورة، حيث استقبله قائد «يونيفيل» الجنرال ألبيرتو اسارتا وكبار الضباط، وبعد استعراض ثلة من القوات، عقد اجتماعاً مع اسارتا وكبار الضباط، وهنأهم في خلاله بالأعياد المجيدة، مثمناً «التضحيات التي يقدمونها في حماية السلم والاستقرار بعيداً من عائلاتهم وأوطانهم»، ونوه ب «الدور الذي تقوم به هذه القوات وبالتنسيق القائم بينها وبين الجيش اللبناني، في سبيل استكمال تنفيذ القرار الدولي 1701 بكامل مندرجاته». كما أثنى على «العلاقة المتنامية بين هذه القوات والأهالي، والتي تزداد تعزيزاً نتيجة الخدمات الاجتماعية التي تقدمها يونيفيل في مجالات عدة». كما دوّن أيضاً في سجل قيادة «يونيفيل» كلمة أشاد فيها بعناصر القوات الدولية وتضحياتهم في الجنوب. ولاحقاً، أصدرت القوات الدولية بياناً أشارت فيه الى زيارة سليمان، معلنة ان قائد القوات الدولية أكد أن زيارة سليمان «تعبير عن دعم لبنان والتزامه بقرار مجلس الأمن الدولي 1701 وشراكتنا الاستراتيجية مع الجيش اللبناني».