كشف تقرير اقتصادي صادر من إحدى شركات الدراسات العالمية عن تراجع أنشطة الاندماج والاستحواذ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال الربع الأول من العام الحالي، إذ تم تسجيل 84 صفقة فقط في مقابل 115 صفقة في الربع الأول من العام الماضي. ومع ذلك، حافظت قيمة الصفقات على مستوى مستقر بشكل عام عند 68.2 بليون ريال (18.2 بليون دولار) في الربع الأول من العام الحالي مقارنة مع 69 بليون ريال (18.4 بليون دولار) في الربع الأول من العام الماضي. وأشار تقرير مؤشر ثقة رأس المال 2017 الصادر من شركة إرنست ويونغ EY الى ان أرامكو السعودية استحوذت على حصة 50 في المئة في مشروع «رابيد» لشركة بتروناس، المملوكة لحكومة ماليزيا، وتعد هذه الصفقة البالغة قيمتها 26.2 بليون ريال (7 بليون دولار)، الأكبر من نوعها خلال الربع الأول. أما أكبر صفقة استحواذ في قطاع التكنولوجيا خلال الربع الأول فكانت استحواذ شركة أمازون على موقع سوق دوت كوم في مقابل حوالى 2.43 بليون ريال (650 مليون دولار)، وتعتبر عملية الاستحواذ هذه الخطوة الأولى لأمازون لتقديم خدماتها في منطقة الشرق الأوسط. ولفت التقرير الى ان قيمة الصفقات الصادرة المعلنة ارتفعت من 4.8 بليون ريال (1.3 بليون دولار) في الربع الأول من العام الماضي إلى 34.8 بليون ريال (9.3 بليون دولار) في الربع الأول من العام الحالي، بزيادة كبيرة نسبتها 636 في المئة كما ارتفعت قيمة الصفقات الواردة من نصف بليون دولار في الربع الأول من العام الماضي إلى 21.3 بليون ريال (5.7 بليون دولار) في الربع الأول من العام الحالي، فيما انخفضت قيمة الصفقات المحلية المعلنة بنسبة كبيرة بلغت 83 في المئة في الربع الأول من العام الحالي مقارنة مع الربع الأول من العام الماضي. وأسهمت الصفقات العشر الأكبر بأكثر من 90 في المئة من إجمالي قيمة الصفقات خلال هذه الفترة. وقال رئيس خدمات استشارات الصفقات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى EY فِل غاندير: «في وقت تواصل فيه أسعار النفط استقرارها، وتسعى المبادرات الحكومية إلى تعزيز الاستقرار الاقتصادي، فإن المديرين التنفيذيين في الشرق الأوسط وشمال افريقيا أصبحوا أكثر تفاؤلاً بالظروف الاقتصادية ويرونها مناسبة للعودة إلى عقد الصفقات. وبالتالي، فإن صفقات الاندماج والاستحواذ هي في أفضل حالاتها على الإطلاق، سواء من حيث النوع أم الكم. وعلاوة على ذلك، فإننا نتوقع أن يؤدي تراجع تدابير التقشف في دول مجلس التعاون الخليجي إلى ثقة أكبر تدعم نشاط الصفقات». ووفقاً لمؤشر ثقة رأس المال الأخير من EY، يسود شعور إيجابي بين المديرين التنفيذيين في المنطقة حول الاقتصاد العالمي، وتوقع 47 في المئة منهم ارتفاعاً في نشاط الصفقات خلال الأشهر ال12 المقبلة. كما أشار 41 في المئة منهم الى أن لديهم خمس صفقات متوقعة أو أكثر على جدول أعمالهم، فيما تسعى 54 في المئة من شركات منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا إلى إنجاز صفقات خلال العام المقبل. وتوقع المديرون التنفيذيون في الشرق الأوسط وشمال افريقيا حدوث مخاطر اقتصادية كبيرة تشمل تباطؤ تدفقات التجارة العالمية، وتزايداً في الحمائية، وتذبذبات كبيرة في العملات وأسواق رأس المال، وزيادة في حال عدم التيقن الجيوسياسية. ودفعت تقلبات السوق وانخفاض أسعار النفط، 54 في المئة من المديرين التنفيذيين في الشرق الأوسط وشمال افريقيا إلى البحث عن فرص عضوية من أجل تلبية أهداف نمو شركاتهم. فيما قال رئيس خدمات استشارات صفقات الاندماج والاستحواذ وأسواق رأس المال في الشرق الأوسط وشمال افريقيا أنيل مينون: «يرى المديرون التنفيذيون في الشرق الأوسط وشمال افريقيا أن الحصول على حصة متزايدة في السوق هو المحرك الاستراتيجي الرئيس لتنفيذ عمليات استحواذ. ويضع 24 في المئة من المشاركين في الاستبيان أكبر قدر من اهتمامهم ومواردهم لتحقيق نمو عضوي، باعتباره احدى أكبر قضايا إدارة رأس المال. وبالنظر إلى الضرائب الجديدة التي فرضتها دول الخليج، وصعوبة استقطاب العمالة الماهرة إلى البلاد، فإن العديد من الشركات تتحول إلى التشغيل الآلي». والجانب الأكثر إثارة للاهتمام في البيئة الحالية للصفقات هو ظهور المشتري الاستراتيجي. وسواء في صفقة ترونوكس كريستال، أم صفقة أمازون سوق دوت كوم، فإن المشترين الاستراتيجيين الذين يقومون بتنفيذ صفقات، لاسيما الدوليين منهم، هم إشارة قوية تعكس الثقة بنظام صفقات الاندماج والاستحواذ بأكمله». ولفت التقرير الى ان شركات القطاع العام والحكومات تسعى إلى إعادة هيكلة محفظتها بشكل كبير، إذ تتطلع إلى الاستثمار في مجالات تتخطى نطاق الرعاية الصحية والتعليم، مشيراً الى ان تحسين الظروف الاقتصادية يعتبر من العوامل المساهمة في التوقعات الإيجابية للمديرين التنفيذيين في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا. وعلى صعيد القطاع العام، فإن دول المنطقة تسير في الاتجاه الصحيح في ما يخص تحسين النمو في الناتج الإجمالي المحلي للعام الحالي. وتحافظ خطط الأعمال على زخمها، كما تشعر الشركات بالرضا حول نوعية الصفقات المطروحة في السوق، "ونتوقع أن نرى ارتفاعاً ملموساً في نشاط الصفقات خلال الأشهر ال 12 المقبلة".