بدأ الإحساس بالقلق يتسلل إلى صفوف موظفي أمانة محافظة جدة، بسبب البرمجية الجديدة التي اعتمدت أخيراً في تصنيفهم ومنحهم الترقيات والزيادات والمفاضلات الوظيفية، مؤكدين أنها تفتقد المهنية، وتحمل مقاييس غير عادلة، فضلاً عن أنها لا تلتزم أبداً بنظام الخدمة المدنية المعتمد رسمياً في تقويم الموظف وأدائه الوظيفي. واستغرب الموظف في قسم صيانة المشاريع (فضل عدم ذكر اسمه)، من عدم منحه الترقية التي يستحقها على رغم إمضائه عقدين من العمل داخل الأمانة، وقال ل «الحياة»: «أيعقل أن يرقّى موظف لم يكمل عامه الثالث، ولم تمنح لي وأنا من أستحقها»، مؤكداً استحقاقه للترقية نتيجة قضائه نصف عمره داخل القطاع من دون وجود أي مشكلات أو ملاحظات ضده طوال هذه الفترة. وأوضح أن كل موظفي الأقسام داخل «الأمانة» يعانون من هذه المشكلة التي بدت تزرع الخوف في محيط عملهم، من طريق عدم منحهم الترقيات والزيادات التي يستحقونها، مشدداً على أن الطريقة الجديدة التي أصبح يعتمد عليها في منح الترقيات غير قانونية وليست نظامية كونها لا تطبق نظام الخدمة المدنية الرسمي في نظام الترقيات. بدوره، أكد موظف آخر يعمل في أحد الأقسام الإدارية أن البرمجة الجديدة التي تستخدم في ترقية الموظفين ليست مهنية، ولا تحمل ثوابت راسخة يمكن الاعتماد عليها في تقويم الموظف، ومعرفة أدائه وسلوكياته وانضباطه أثناء تأدية عمله. وتابع: «لا يمكن الاعتماد على نتائج الاختبارات التحريرية فقط لمنح الموظف درجة الترقية المستحقة، خصوصاً أن تلك الاختبارات تشمل أسئلة علمية ونظرية وأخرى تطبيقية لا تمت بأي صلة لواقع العمل وحقيقته»، لافتاً إلىً أن برنامج النقاط المطبق في مختلف القطاعات الحكومية يعد الطريقة النظامية والمعتمدة في منح الترقيات، التي من طريقها يتم تقويم أداء الموظف ومنحه درجة الترقية إن كان يستحقها. وأشار إلى أنه من غير العدل أن تتم ترقية موظفين يعدون صغاراً في عمر خدمتهم الوظيفية من دون غيرهم ممن عملوا سنوات عدة ويحملون الخبرة والتجربة داخل أقسام الأمانة، محذراً من أن هذا الوضع سيخلق جواً خانقاً بين الموظفين، ويعمل على تأليب بعضهم على بعض، فضلاً عن أنه يترك مساحة للعمل غير المنظم والعشوائي الذي يصبح متاحاً داخل هذه الأجواء المضطربة. وكانت مصادر مطلعة داخل أمانة جدة أكدت ل «الحياة» أن نظام الترقيات الخاص بالموظفين الأخير يعتمد أساساً على نتائج الاختبار التحريري الذي يجرى للموظفين المتقدمين للحصول على الترقية، من دون الاعتماد على أي درجات وظيفية أخرى كالسلوك والمواظبة، والأداء الوظيفي عموماً، كما أن الاختبارات التي تجرى للمتقدمين تضم «ملزمة» مطولة من الأسئلة المنوعة منها النظرية والتطبيقية والأدبية، ويعمل على تصحيح الإجابات وإظهار النتائج فريق من الشركات الخاصة العاملة داخل الأمانة. هذا التبرير، لم يقنع موظفاً ثالثاً (يعمل في قسم التراخيص) وقال: «إن الطريقة التي تدار بها الترقيات داخل أمانة محافظة جدة ليست ذات جدوى، إضافةً إلى أنها تجرد الموظف من حقوقه المعنوية والمادية كافة، ويصبح مهمشاً وغير منتج، كونه يرى موظفين أقل منه خدمةً وعمراً يتمتعون بكل المميزات والعلاوات على رغم أنهم لا يفوقونه شهادةً أو خبرةً عامة». وزاد: «أجزم أنه على رغم كل الذي حدث خلال الأعوام الماضية داخل الأمانة إلا أن الموظف كان يعطى حقه الوظيفي، من دون أدنى مجاملة، أو تفضيل موظف على آخر»، متمنياً أن تعيد الأمانة حساباتها في طريقة منحها موظفيها درجات الترقية والزيادات الرسمية. إلى ذلك، حاولت «الحياة» الاتصال على عدد من مسؤولي الأمانة في قسم شؤون الموظفين إلا أن كل محاولاتها باءت بالفشل، إذ لم يرد أحد منهم على كل الاتصالات التي أجريت على هواتفهم الثابتة والخليوية.