يقف مسيحيو العراق وأبناء الاقليات الأخرى على مشارف عام جديد وهم لا يعرفون إن كانوا سيعيشون يوماً آخر، فصحيح أن المهلة الزمنية التي حددها لهم تنظيم «القاعدة في بلاد الرافدين» للخروج في شكل نهائي من العراق انقضت في 20 من الشهر الجاري من دون مجزرة مشابهة لمجزرة سيدة النجاة، إلا أن مطاردتهم وملاحقتهم بأيدي الميليشيات المسلحة لم تتوقف. وفيما أفصحت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين عن ارتفاع كبير في اعداد المسيحيين الهاربين إلى دول الجوار مثل الأردن وسورية ولبنان، لا يزال من بقي منهم في مناطقه يتعرض للقتل الممنهج وإتلاف الممتلكات والتهديدات المباشرة التي تصل إلى أعتاب المنازل. وكما في اربعينات القرن الماضي، أجبرت الأقلية اليهودية على الرحيل بحملات «تطهير» مشابهة حتى فرغ العراق منها في شكل كلي، يخشى المسيحيون اليوم من تعرضهم ل «فرهود» خاص بهم يفرغ العراق منهم. ويجمع كثيرون بينهم انه وسط المحاصصة الطائفية الحاصلة لا مكان للاقليات غير المسلحة ولا المدعومة بثقل سياسي، على رغم التصريحات السياسية المطمئنة ظاهرياً. فمنذ بداية تعرضهم للملاحقات في 2006، ونحر رجال دين منهم، لم يستمع أحد الى مطالبهم بالحماية، سواء الجهات الحكومية أو قوات التحالف الدولي. وشكل الإقليم الكردي نقطة جذب لكونه نزوحاً ضمن البلد الواحد، لكن صعوبات الحياة فيه بالنسبة الى القادمين من مدن العراق العربية تكشفت مع الوقت، وهي صعوبات تبدأ باللغة ولا تنتهي عند التضييق القانوني والحساسيات العرقية. لذا توجه كثيرون منهم إلى محطات أولى في الأردن وسورية ولبنان، فتفاوتت ظروف لجوئهم وطريقة تعامل البلد المضيف معهم، لكنهم قبلوا الانتظار إلى أن يحين موعد الرحيل الأخير باتجاه بلد توطين نهائي. «الحياة» أعدت تحقيقات عن اللاجئين العراقيين المسيحيين في كل من الاردن وسورية ولبنان، ننشر اليوم الحلقة الأولى منه.