يعيش الفلسطينيون في قطاع غزة هاجس حرب جديدة يمكن أن تشنها اسرائيل عليهم، على غرار الحرب التي شنتها في مثل هذا اليوم قبل عامين وراح ضحيتها أكثر من 1450 شهيداً ونحو خمسة آلاف جريح وتدمير نحو 24 ألف منزل. وتخيم على الناس حال من الخوف والتوجس خشية شن عدوان جديد قد يكون أكثر إيلاماً من سابقه، وأصبحت احتمالات الحرب الشغل الشاغل للغزيين وحديثهم عنها لا ينقطع أبداً. ويقول غزيون إنهم يخشون ألا ينجوا هم وعائلاتهم من أي حرب جديدة، في حين ليس في وسعهم منع وقوعها، فيما يؤكد آخرون عاشوا تجارب مريرة ودامية أثناء الحرب الاخيرة، أن أحلاماً وكوابيس راودتهم عن الحرب أثناء نومهم. لكن اللافت أيضاً أن الصمود الذي لا مفر منه واستخلاص العبر من الحرب الاخيرة، بدا واضحاً في حديث كثيرين، حتى ان الصحافيين «الغزيين» لبَّوْا دعوة جامعة «الأمة» أمس وناقشوا «التغطية الاعلامية» للحرب واحتمالات حرب جديدة بهدف رسم «خريطة طريق» للتعامل معها في حال نشوبها. وأحيا «الغزيون» ذكرى الحرب كل على طريقته، فوضعت عناصر من الشرطة التابعة للحكومة المقالة أمس أكاليل من الزهر على نصب تذكاري لشهداء الأجهزة الأمنية. كما قدمت الشرطة، بحضور عدد من قادتها، في مقدمهم مديرها العميد أبو عبيدة الجراح، التحية لأرواح الشهداء خلال عرض عسكري أمام نصب الشهداء إجلالاً واحتراماً لهم. وقدمت شرطة المرور، خلال موكب جاب شوارع القطاع، التحية لأرواح شهداء الأجهزة الأمنية، إذ توقف الموكب أمام مبنى الجوازات الذي شهد أولى الضربات الجوية للحرب، واستشهد فيه عشرات رجال الشرطة، من بينهم قائدها السابق اللواء توفيق جبر. ورأت سلطة جودة البيئة في القطاع ان مشروع زرع «شجرة لكل شهيد» سيخلد شهداء الحرب، فنظمت احتفالاً كبيراً أمس في ساحة الريان في محافظة شمال القطاع لهذا الغرض. وقال رئيس سلطة جودة البيئة يوسف إبراهيم إن «هذا المشروع يهدف الى زرع 100 ألف شجرة من النخيل والزيتون بعدد الشهداء الذين ارتقوا خلال الاعتداءات الصهيونية على مدار تاريخ الشعب الفلسطيني». إلا أن عشرات الأطفال وذوي الشهداء انتظموا في مسيرة جابت شوارع مدينة غزة نظمتها «جمعية مبرة الرحمة للأطفال» لإحياء الذكرى الثانية للحرب، وانتهت الى حديقة الجندي المجهول غرب المدينة. وعرض أطفال مقطعاً مسرحياً صامتاً باسم «صرخة طفل» يحاكي لحظة بداية العدوان على غزة، إضافة إلى معرض ضم مقتنيات وصور الأطفال الشهداء الذين قتلت قوات الاحتلال خلال الحرب 313 منهم، هم 214 ذكراً، و99 أنثى، فيما أصيب 1606 آخرون. ونظمت حركة «الجهاد الإسلامي» مسيرة جماهيرية حاشدة جابت شوارع مخيم جباليا شمال القطاع، وانتهت عند مدخل عزبة عبد ربه، إحدى أكثر المناطق التي شهدت مجازر رهيبة وتدميراً كبيراً إبان الحرب. ورداً على التهديدات الاسرائيلية المتواصلة بشن حرب جديدة وقرع طبولها من أكثر من مسؤول إسرائيلي، قال عضو المكتب السياسي ل «الجهاد» الدكتور محمد الهندي إن «تهديدات العدو تؤخذ على محمل الجد من فصائل المقاومة الفلسطينية وقواها». رغم ذلك، اعتبر الهندي أن هذه التهديدات «تأتي ضمن الحرب الإعلامية التي يخوضها الصهاينة ضد شعبنا». ورأى أن «العدو لا يستطيع كل عام أو عامين أن يخوض حرباً شعواء»، معتبراً أن «قوة الردع تآكلت» لدى اسرائيل. إلا أن القيادي في «الجهاد» خالد البطش رأى أن «المشهد خلال هذه الأيام تكرار لما سبق الحرب الأخيرة على غزة». كما حذر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، عضو المكتب السياسي ل «الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين» من «المخاطر المترتبة على عدوان اسرائيلي جديد تترقب اسرائيل الفرصة والذرائع المناسبة لشنه على قطاع غزة».