كرّس الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم في مصر اليوم الثاني من مؤتمره السنوي السابع للهجوم على المعارضة بكل أطيافها، مركزاً على جماعة الإخوان المسلمين وحركات المعارضة الشبابية وكذلك المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي محذراً من الدعوة إلى الخروج على الشرعية، ورفض ادعاءات المعارضة بأن «الوطني» حقق غالبيته البرلمانية بالتزوير. وواصل الحزب الوطني أمس فعاليات مؤتمره السنوي بجلسة افتتاحية تحدث فيها أمينه العام صفوت الشريف والأمين العام المساعد لشؤون التنظيم والعضوية والمالية الدكتور زكريا عزمي وأمين التنظيم أحمد عز ثم عقدت جلسة عامة قدم خلالها الأمين العام المساعد أمين السياسات جمال مبارك تقريره أعقبتها جلستان الأولى عن الاستثمار والتشغيل والثانية عن التنمية الاجتماعية والخدمات العامة. وحذر الأمين العام للحزب صفوت الشريف من دعوات العصيان المدني التي يطلقها البرادعي والخروج على الشرعية. كما حذر الداعين إلى تشكيل برلمان مواز، مؤكداً أن الوطني سيدافع عن شرعية البرلمان. وفي رسالة إلى أعضاء الحزب الوطني شدد الشريف على ضرورة التماسك الداخلي والالتزام الحزبي. ولمح الشريف إلى أن الرئيس حسني مبارك سيكون مرشح الحزب في انتخابات الرئاسة العام المقبل، إذ أكد أن «الوطني» يستعد لعام الحسم (العام المقبل الذي سيشهد إجراء الانتخابات الرئاسية) «فخوراً بقيادة الرئيس مبارك». وقال الشريف إن الحزب الوطني يستقوي بعزم الشعب في مواجهة التحديات «ولا نستقوى بمساندة مستوردة أو استجداء تصريحات لا وزن لها من خارج تراب الوطن» وأوضح أن نجاح «الوطني» جاء نتيجة «جهد متواصل ومتراكم»، وحمّل قوى المعارضة مسؤولية فشلها في الانتخابات نتيجة «مغالاة في تقدير قيمة أنفسهم، وابتعاد آخرين عن نبض دوائرهم». ولفت إلى «انسحاب الإخوان المسلمين خشية مزيد من الانكسار». وقال: «انشغلنا نحن بالاختيار، وانشغلوا هم بفكر المقاطعة التي بسببها فقدوا قبل المعركة جدية خوضها، فأضاعوا فرصة التحضير فخسروا نصف احتمالات الفوز، قبل أن يبدأوا»، مضيفاً: «تمسكنا بالشرعية واحترام القانون، وواجهنا الخارجين على الشرعية، المشكلين لتنظيم سري يأخذ شكل الأحزاب بالمخالفة بالدستور والقانون (في إشارة إلى جماعة الإخوان) وتحملنا عن الشعب كله تصحيح مسار العمل السياسي بشجاعة ومبادرة وجرأة». وأكد الأمين العام المساعد لشؤون التنظيم والعضوية والمالية زكريا عزمي أن نتائج انتخابات مجلس الشعب 2010 جاءت نتيجة ثمرة لجهود الحزب السياسية والتنظيمية التي بذلها على مدى السنوات الخمس الماضية من خلال تبني سياسات استهدفت مصالح المواطنين والدفاع عن قضاياهم، وتنفيذ ما وعد به الرئيس مبارك في برنامجه الانتخابي. أما أمين التنظيم أحمد عز فركز هجومه على جماعة الإخوان المسلمين التي شكك في ولائها لمصر. واعتبر أن «مصر في عقول الجماعة مجرد إمارة في مشروع عالمي أضخم، فليس مهماً مصلحة مصر لكن المهم مصلحة المشروع، فنواب الجماعة (في البرلمان السابق) لم يهتموا بسيادة مصر بقدر ما اهتموا بعدم المساس بمن يحكمون (قطاع) غزة (حركة حماس)، ولاؤهم للمشروع أكبر من ولائهم لمصر، فهم يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يقولون». واعتبر أن «الجماعة المحظورة لا تمارس السياسة، فهم يدافعون عن الشيء ونقيضه ويطلقون أحكاماً دينية على المواطنين». وأقر عز بأن الانتخابات شهدت تجاوزات وسلوكيات مرفوضة «تعاملت معها اللجنة العليا للانتخابات باستبعاد الصناديق التي شابها أي تجاوز». وبعد انتهاء الجلسة الافتتاحية للمؤتمر عرض الأمين العام المساعد أمين السياسات جمال مبارك تقريره في جلسة عامة، تجنب فيها الهجوم على المعارضة وركز على إنجازات حزبه وتطلعاته للمستقبل. ودعا إلى إطلاق «موجة ثانية من الإصلاح». وقال إن مسيرة الإصلاح التي بدأها الحزب منذ سنوات أتت بكثير من ثمارها وغيرت من الواقع اليومي لكثير من المواطنين «إلا أنني أصارحكم بأننا نحتاج اليوم إلى بدء موجة ثانية من الإصلاح تبني على ما تحقق وتواكب التحديات التي نواجهها وتنطلق بنا إلى مجتمع حديث ومتطور»، مضيفاً: «كانت الموجة الأولى التي عشناها طموحة في أهدافها جريئة في أدواتها لكن اليوم نحتاج موجة جديدة من الإصلاحات أكثر تطلعاً للمستقبل (...) حققنا الكثير ولكن أهدافنا وطموحاتنا أكبر بكثير، وعلينا في المرحلة القادمة اتخاذ بعض القرارات الصعبة لتحقيق طموحاتنا». وشدد جمال مبارك على أن الحزب الوطني سيظل متمسكاً ومدافعاً عن دولة تقوم على الوسطية والاعتدال التي تمثل سمات المجتمع المصري منذ قديم الأزل. وقال: «سنتصدى لكل محاولة لتغيير السمة السمحة للمجتمع المصري وسنرفض على الدوام كل أفكار التطرف والانعزال التي تدفع إلى المجهول». وشدد على أن الحزب الوطني لا يحتكر مبادرات الإصلاح وسياسات التغيير. ورحب بالاختلاف الذي يعد أحد روافد التطوير. ودعا كل الأحزاب السياسية إلى المشاركة في دفع مسيرة الإصلاح. وقال: «نتفق مع الأحزاب السياسية على الدعائم الأساسية للمستقبل. لا نتهاون مع محاولة المساس بنسيج الأمة وتجمعنا قواسم مشتركة ونرفض جميعاً الخلط بين الدين والسياسة (...) الحزب الوطني يسعى لأن تكون المرحلة المقبلة مرحلة بناء ونمد أيدينا للجميع للمشاركة في تحقيق ذلك ونرحب بكل فكر في هذا الإطار». ويختتم الحزب الوطني مؤتمره اليوم بجلسات تناقش قضايا المواطنة والديموقراطية، التعليم والتنمية البشرية، الرعاية الصحية والسكان، والتعليم والتنمية الإنسانية والرعاية الصحية. ثم تعقد الجلسة الختامية للمؤتمر التي يتحدث فيها رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف وأمين عام الحزب صفوت الشريف. وكان الرئيس المصري حسني مبارك افتتح أعمال المؤتمر مساء اول من امس بكلمة تعهد فيها بمتابعة عمل الحكومة «أولاً بأول» للتأكد من تنفيذ البرنامج الانتخابي للحزب الوطني وأكد مبارك، في الخطاب الذي ألقاه واقفاً واستغرق نصف ساعة أن «الحزب يدرك تماماً المسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتقه للمضي في سياسات الإصلاح» موضحاً انه تحقيقاً لذلك قرر «تحديد مهمات وتكليفات محددة للحزب وحكومته وهيئته البرلمانية». ولفت إلى أن ابرز هذه التكليفات هي «المضي في سياسات الإصلاح الاقتصادي والارتفاع بمتوسط معدلات النمو إلى 8 في المئة خلال السنوات الخمس القادمة (..) والتصدي لجرائم إساءة استخدام السلطة والتعدي على المال العام مع مواصلة سياسات تحسين الأجور والسيطرة على الأسعار وخفض معدلات التضخم». وطالب مبارك «الحكومة بوضع البرنامج التنفيذي للنهوض بهذه التكليفات وتنفيذ تعهدات البرنامج في عامه الأول وفق إطار زمني وتوقيتات محددة. وسأتابعها (التكليفات) أولاً بأول وأحاسب على (عدم) الالتزام بها».