وجَّه قاضٍ سابق سيلاً من الانتقادات لديوان المظالم على خلفية التصريحات الأخيرة لرئيس «الديوان» إبراهيم الحقيل بشأن نقص عدد القضاة ووجود من يعارض التطوير بينهم، معتبراً أن الديوان يتعامل مع موظفيه بطريقةٍ تعسفية، وأصدر قراراتٍ تأديبية قاسية بحق بعض القضاة أحياناً بسبب مخالفاتٍ بسيطة، وفرّغ عشرات القضاة لأعمال إدارية ومكتبية لا علاقة لهم بها، ما أدى إلى تهميش كثير من الكفاءات الإدارية التي كانت تعمل بجد وإخلاص. وقال القاضي السابق المحامي محمد الجذلاني ل«الحياة» رداً على الحقيل: «لو كنت في الديوان لعارضت التطوير، وأتمنى من الرئاسة أن تنظر لمن عارض ولماذا؟ كون التدريب المنفذ حالياً في الديوان لا يصب مباشرة في اتجاه النهوض بالعمل القضائي، وهذا ليس سراً، فمواضيع الدورات التي أقامها الديوان مثل العادات السبع وتحمّل ضغوط العمل والقيادة الموقفية والذكاء العاطفي وخدمة العملاء، تناسب أن تعطى لموظفي القطاع الخاص وليس من بينها أي جوانب موضوعية تركز على ما يحتاج إليه القاضي من مواضيع ترفع مستوى تأهيله وتنعكس على الارتقاء بالأحكام القضائية لجهة الصياغة أو المضمون، وهذا ما يعتبر حاجة ملحة للقضاة، خصوصاً في ظل التعيينات الجديدة التي يشهدها الديوان بكثرة». وأضاف أن من أسباب معارضة بعض القضاة للتدريب أنه فرض عليهم فرضاً بطريقة لا تناسب الأسلوب الأمثل في التعامل مع القضاة، وذلك لجهة أماكن التدريب أو أوقاته التي لا اختيار للقاضي فيها ولا مجال لقبول الأعذار، إضافة إلى أن كثيراً من القضاة يشتكون من عدم تأمين وسائل نقل لهم، إذ واجه كثيرون مشكلات في تأمين حجوزات الطيران، في حين أن الديوان لم يساعدهم في ذلك. واستغرب عدم مشاركة القضاة في رسم خطط التدريب: «فكثير منهم يمتلكون الكفاءة والقدرة على ذلك، لا أن تفرض عليهم خطط مرسومة برؤية فردية من دون قناعة، وإذا ما تمت معالجة ذلك فلا يمكن مطلقاً أن تجد قاضياً يعارض التدريب ويرفض زيادة كفاءته ورفع مستوى تأهيله العلمي والعملي»، معتبراً أن ديوان المظالم يهتم بالكماليات ويترك الضروريات في تدريبه الآن. وتابع: «ديوان المظالم يتحدث عن خطط طموحة ورؤية نحو التطوير، وفي الوقت ذاته يتعامل مع الموظفين بطريقةٍ تعسفية، أدت إلى حال احتقان وامتعاض شديد، وذلك بصدور قراراتٍ تأديبية قاسية في حق بعضهم بسبب مخالفاتٍ قد تكون بسيطة لا تذكر إلى جانب ما يتحمله الموظف من ضغوط عمل متزايدة، إذ إن الموظفين الموجودين في الديوان حالياً يشاركون القضاة في مواجهة الضغط الكبير جراء زيادة أعداد القضايا والنقص الحاد في الموظفين، وكان نتيجة ذلك حرمان كثير منهم من حقوقهم كالترقيات من دون أسباب مقنعة، وإصدار عقوبات تأديبية لا تتناسب مع المخالفات البسيطة بطريقة تعسفية مثل أن يغيب موظف يوماً فيحسم عليه عشرة أيام، واضطر بعضهم إلى رفع دعاوى في الديوان للتظلم من هذه السلوكيات». وعن «تفريغ» الديوان عشرات القضاة إلى أعمال إدارية ومكتبية لا علاقة لهم بها، ومن ضمنها إدارة العلاقات العامة، قال الجذلاني: «هذا الموضوع أصبح حديث الناس، لأنه بات ظاهرة مزعجة لا تتفق مع المصلحة العامة في التصدي للفصل في النزاعات والخصومات، وليس التفرغ لأعمال إدارية لا تمت لتخصص القاضي بصلة». وكان رئيس ديوان المظالم إبراهيم الحقيل أكد في تصريحات صحافية أخيراً، أن الديوان وجد من بعض قضاته معارضة لمنهج التطوير الذي يسير عليه، وأن بعضهم عادوا إلى هذه الدورات بعد جلسات «مناصحة». كما تحدث عن وجود نقص في عدد القضاة، وربط ذلك بتأخر فصل القضايا الأمر الذي اعتبره المحامي الجذلاني متناقضاً مع يجري في «الديوان» من تسرب القضاة من عملهم الأصلي وتحويلهم إلى أعمال إدارية ومكتبية.