فوجئ الفلسطينيون، وربما الاسرائيليون والمنطقة، بتوجيه القائد العام ل «كتائب عز الدين القسام»، الذراع العسكرية لحركة «حماس» محمد الضيف، ونائبه أحمد الجعبري أمس، رسالتين بعد صمت طويل، في وقت عقد الناطق باسم الكتائب «أبو عبيدة» مؤتمراً صحافياً. وبعد غياب طويل وتراجع واضح في عدد العمليات العسكرية ونوعيتها خلال السنوات الست الماضية، توقع الضيف في رسالة نشرها «موقع القسام» على شبكة الانترنت أمس «زوال قريب» للدولة العبرية. وقال الضيف في رسالة لمناسبة الذكرى ال 23 لانطلاقة الحركة جاءت متأخرة عن موعدها 11 يوماً: «إنكم (إسرائيل) إلى زوال، وفلسطين ستبقى لنا بقدسها وأقصاها ومدنها وقراها، لا حق لكم في شبر منها، ولن نرفع لكم راية بيضاء». وأضاف: «نعد أسرانا بالحرية وكسر القيد رغم أنف المحتلين»، مطالباً الفلسطينيين «بعدم الالتفات لمحاولات التخويف والحرب الإعلامية والدعائية التي يخوضها الاحتلال». وشدد على أن إسرائيل «لم تستطع كسر شوكة القسام منذ ثلاثة وعشرين عاماً (وأنها) أعجز وأضعف وأوهن من أن تكسرنا بعد هذه السنوات العظيمة». وفي رسالة مماثلة، قال الجعبري إن «عيوننا ستبقى دوماً صوب القدس والأقصى، ولن تنحصر داخل حدود غزة». وأضاف أن «كتائب القسام لم ولن تسقط من حساباتها أي خيار ممكن من أجل تفعيل المقاومة وتحرير الأسرى». ولمناسبة الذكرى الثانية للحرب العدوانية الاسرائيلية على قطاع غزة التي تصادف غداً، أعلن الجعبري جهوزية الحركة «للتصدي وبكل قوة لأي جريمة جديدة، وإن كل الخداع والتخويف الذي يمارسه الاحتلال، يجعلنا أكثر إصراراً على المقاومة والجهاد ضد أي غزو أو إجرام إسرائيلي». أما «أبو عبيدة»، فوصف خلال مؤتمره الصحافي في مدينة غزة أمس لاستعراض حصاد 23 عاماً من مسيرة «كتائب القسام»، التصعيد العسكري الإسرائيلي الأخير بأنه «لعب بالنار». وقال إن «على العدو أن يدرك أن تصعيد العدوان لن يقابل بالصمت، وأن الهدوء من جانب القسام ليس ضعفاً أو خوفاً، بل تقدير للموقف». وأضاف: «إذا أراد الاحتلال أن يختبر ردنا، فسيجد منا رداً قاسياً، فالعدو يدرك جيدا أننا قادرون على ردعه». وزاد: «إذا لم يكونوا فهموا مغزى رسائلنا في الأيام الماضية، فسيصلهم المزيد منها، وعليهم أن يقرؤوها بتمعن ودقة ليعلموا أن العجلة لن تدور إلى الوراء». وشدد على أن التهديدات الإسرائيلية المتكررة بشن حرب جديدة على القطاع «لن تخيفنا ولن تربكنا ولن تغير مواقفنا، بل ستدفعنا إلى المزيد من اليقظة والإعداد والاستعداد للمواجهة». وقال: «إذا كان العدو يظن أن حربه الإجرامية يمكن أن تردعنا فهو واهم، والأيام ستثبت صدق قولنا، وإذا كان الاحتلال فشل فشلاً ذريعاً في حرب الفرقان (الرصاص المصبوب)، فإننا اليوم أقوى من ذي قبل بفضل الله تعالى، والعدو إلى الفشل أقرب». كما حاول توجيه رسالة أخرى الى اسرائيل مفادها أن الحركة لا تريد مواجهة جديدة معها وتسعى إلى «تجنيب شعبنا الحرب والعدوان». وجاءت الرسالة في السياق نفسه الذي ذهب اليه القيادي البارز في الحركة محمود الزهار أول من أمس، من أن الحركة ملتزمة التهدئة، والذي استدرك قائلاً: «إذا فرض العدو المواجهة فنحن لها بإذن الله، وسنقاوم بكل ما أوتينا من قوة مهما كلف الأمر، والصهاينة سيدفعون ثمن أي جريمة غالياً». وأوضح أن عدد العمليات العسكرية التي نفذتها «كتائب القسام» منذ نشأتها بلغ «1115 عملية جهادية رسمية»، مشيراً الى أن «نسبة العمليات منذ بداية العام 2006 تصل الى 32 في المئة من مجمل العمليات». وتبنى ست عمليات عسكرية نفذتها «كتائب القسام» خلال السنوات الخمس الماضية، قتل فيها 15 جندياً ومستوطناً، وجُرح 47 آخرون. وقال إن احد أبرز هذه العمليات «الهجوم الذي نفذه الاستشهادي علاء هشام أبو هديم من جبل المكبر بمدينة القدسالمحتلة في 6 اذار (مارس) 2008 واستهدف مدرسة «هراف» للمتطرفين اليهود، وأسفر عن مقتل ثمانية إسرائيليين وإصابة أكثر من 30 آخرين، وجاء رداً على المحرقة الإسرائيلية في القطاع» بداية الشهر نفسه، التي استشهد خلالها أكثر من 120 فلسطينياً. وأضاف أن «كتائب القسام قدمت منذ نشأتها حتى اليوم 1808 شهداء، منهم 144 شهيداً قبل انتفاضة الأقصى (العام 2000)، و611 شهيداً من بداية الانتفاضة حتى نهاية العام 2005». وأوضح أن «عدد شهداء القسام منذ بداية العام 2006 وحتى نهاية العام بلغ 1053 شهيداً، وأن عدد شهداء القسام بعد فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية مطلع العام 2006 يعادل 58 في المئة من العدد الكلي لشهداء القسام خلال 23 عاماً، في تأكيد على أن حماس لم تتخل عن المقاومة». وأشار الى أن «عدد شهداء القسام في قطاع غزة بلغ 1469 شهيداً، في حين كان شهداء القسام في الضفة المحتلة 335 شهيداً، و4 شهداء من خارج فلسطين». ولفت الى أن «من بين الشهداء 93 استشهدوا في عمليات استشهادية، و119 شهيداً في عمليات اغتيال من قبل الاحتلال، و99 برصاص حركة فتح، و68 شهيداً في عمليات اقتحام للمستوطنات والمواقع العسكرية». وأما عدد الصواريخ وقذائف الهاون منذ العام 2000 (لم تستخدم قبلها)، فقال انه بلغ «3506 صواريخ، و 7475 قذيفة هاون». وعن الخسائر الاسرائيلية في العمليات العسكرية التي نفذتها «كتائب القسام»، واستناداً الى مصادر اسرائيلية «فبلغ عدد القتلى خلال عمليات القسام منذ 23 عاماً 1363 قتيلاً من الجنود والمستوطنين، فيما بلغ عدد الجرحى 6378 جريحاً». 3 جرحى في غارات إسرائيلية ميدانياً، أصيب فلسطينيان في ثلاث غارات شنتها طائرات حربية اسرائيلية ليل الجمعة - السبت على موقع تدريب تابع ل «كتائب القسام» في مخيم النصيرات للاجئين وسط القطاع، وعلى نفقين للتهريب في مدينة رفح جنوب القطاع. وقال الناطق باسم اللجنة العليا للإسعاف والطورائ أدهم أبو سلمية إن «قصف الموقع بصاروخين أسفر عن اصابة مواطنين»، واصفاً جروحهم بأنها «طفيفة». وبذلك يرتفع عدد الغارات الجوية على القطاع خلال الشهر الجاري الى أكثر من 16 غارة. وأسفرت الغارات والقصف المدفعي والتوغلات عن استشهاد 13 مواطناً، وإصابة نحو 33 آخرين بجروح. الى ذلك، أطلقت زوارق حربية إسرائيلية من عرض البحر قبالة سواحل القطاع نيران رشاشاتها الثقيلة ليل الجمعة - السبت على قوارب صيد فلسطينية صغيرة من دون وقوع اصابات، ما اضطر عدداً من الصيادين الى الخروج فوراً من البحر خشية على حياتهم.